كانت مصر خلال العقود الأخيرة شحيحة الموارد قليلة الأموال , أو هكذا كان يقال , ولكنها وعبر كل تاريخها كانت غنية بآدابها وفكرها وعقول مبدعيها . لقد قدمت مصر , أمير الشعراء أحمد شوقى , وقدمت عميد الأدب العربى طه حسين , وقدمت رائد الرواية العربية نجيب محفوظ , وغيرهم المئات من القمم الفكرية والفنية مما لا يتسع المجال لحصره . إذن كانت مصر ثرية الفكرغنية الأدب , رائدة الفن والإبداع . إلا انه فى الفترة الأخيرة وبعد أن سيطر التيار الدينى على الأمور تحت ستارة ملهاة الديموقراطية العبثية , أخذت الأمور منحى آخر . ففى الأسبوع الماضى وحده تم منع مقال لكل من الكاتبين الكبيرين ابراهيم عبد المجيد ويوسف القعيد بجريدة الأخبار , كما تم منع مقال للكاتبة عبلة الروينى لأنها تناولت أزمة أخونة الصحافة . وفى السياق نفسه تم إلغاء صفحة أدب وثقافة من جريدة الجمهورية , وهى الصفحة التى تترأسها الكاتبة غادة نبيل . حدث أيضا أن تم تغيير رئاسة تحرير جريدة أخبار الأدب , وإقالة عبلة الروينى من منصبها , وترتب على ذلك امتناع أسرة التحرير من الكتابة واستبدل بهم كتاب آخرون ,تحت رئاسة كاتب اسمه مجدى العفيفى أرى أن ميزته الوحيدة أنه مرضى عنه من التيار الدينى . , لقد كانت جريدة أخبار الأدب منذ صدورها عام 1993 قلعة من قلاع الدفاع عن حرية الإبداع , وخاضت معارك شرسة ضد محاولات أسلمة الفكر والفن فى عصر مبارك , ولكن يبدو الآن أن الذين أمسكوا بالسلطة لم يكتفوا بإقصاء رؤساء تحرير الصحف القومية , التى تعبر عن الرأى السياسى والاجتماعى وتتناول القضايا الاقتصادية , ولكنهم رأو فى الأدب الحر خطرا يجب استئصاله , والحجر عليه . , إن ما يحدث فى مصر خطير خطير , والمثقفون والمفكرون أمامهم معركة صعبة وقاسية , يجب أن يستخدموا فيها كل أسلحتهم بما فيها طلب دعم المؤسسات الثقافية العالمية , ومنظمات حقوق الإنسان . مصر بالذات لا يصح أن تسقط ثقافيا وإبداعيا وحضاريا , لا يصح أن تخضع لمن يريدونها كثيرة الدين قليلة الأدب
التعليقات (0)