تقرير خاص / أصدر المكتب الإعلامي لحركة حماس الأسبوع الماضي قراراً بحظر مجموعة من وسائل الإعلام بما فيها مواقع إلكترونية ، تحت عنوان أنها لا تخدم الواقع في قطاع غزة ، وتقوم بتزييف الحقائق وممارسة التشويش على سكان القطاع ، والتي تسببت في تضليل الرأي العام ، وهذا أدى بالمجمل الى تصوير قيادة حركة حماس بأنها بعيدة عن الجماهير والقاعدة الشعبية.
جاء قرار الحظر والملاحقة في مؤتمر صحفي عقده الدكتور حسن أبو حشيش مسئول مكتب إعلام حماس في القطاع ، وكان من جملة الأسباب التي أدت الى قرار إعلام حماس ، فبركة المعلومات ونشرها من قبل هذه المواقع الإلكترونية ، حسب أبو حشيش .
من جهته (أمد) وهو من ضمن المواقع التي جاء ذكرها في قائمة الحظر والملاحقة ، فتح الملف مع قادة سياسين من قوى الفصائل الوطنية ، ومثقفين وإعلاميين ، أجمعوا على أن هذا الإجراء يأتي في مرحلة لا تخدم المصالحة الوطنية ، ووصف بعضهم القرار بأنه موجه لحرية الرأي وتكميمه :
جميل مزهر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قال لـ(أمد) :قرار حركة حماس يأتي ضمن سياسة تكميم الأفواه ، وضد حرية النشر والتعبير ، وهذا القرار من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مرفوض ، ويجب مراجعته من قبل الأخوة في حركة حماس، لأنه لا يخدم المصالحة الوطنية ويأتي في ظل الهجمة الاسرائيلية الشرسة على المقدسات الاسلامية والقدس ، ولا بد من إعطاء الاعلام والصحافة دورها في نقل الحقيقة ، وأن كانت غير مرضية او غير مقبولة من قبل طرف ما ، ووسائل الإعلام الفلسطينية أن تتوخى المصدقية فيما تنشره ، وأن تبتعد عن تلوين الوقائع وتزييف الحقائق .
وقال مزهر نحن في الجبهة الشعبية ندين هذا القرار ونعتبره ، طلقة في صدر الحريات العامة في قطاع غزة .
أما عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني طلعت الصفدي فوجد في القرار إهانة لحرية الرأي ، وتضييق للمساحة الصحافية ، وتكميم للأفواه ، وأن كانت أسباب حركة حماس وجيهة من وجهة نظرها عليها الرد على ما تقول عنه أنه تزييف وتشويش للحقيقة ، لا أن تعلن ملاحقة هذه الوسائل الإعلامية التي في جزء كبير من صفحاتها تفضح ممارسات الإحتلال وانتهاكاته اليومية لشعبنا الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع .
ودعا الصفدي بتصريح له لـ(أمد) حركة حماس والقائمين على الاعلام فيها بمراجعة وطنية لهذا القرار وعدم تفعيله على أرض الواقع ، وعلى إعلامها أن يفند ما يراه مناف للحقائق والوقائع .
وطالب الصفدي بذات السياق المواقع الإلكترونية الفلسطينية ووسائل الإعلام عموماً ترسيخ جهودها نحو فضح الإحتلال الاسرائيلي ، وتهيئة الأجواء للمصالحة الوطنية .
كما أعلن الصفدي نيابة عن حزب الشعب الفلسطيني تضامنه مع (أمد) للإعلام ، طالبا من الاخوة في حماس الكف عن سياسة وثقافة إلغاء الأخر ، وفتح المساحة الواسعة للصحفيين والإعلاميين كي يعملوا دون خوف على أمنهم الشخصي والاجتماعي .
وقال طلال أبو ظريفة عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين : أن الإعلام سلاح ذو حدين ، كي يخدم القضايا الوطنية وتقريب وجهات نظر ، ويمكن أن يلعب دوراً سلبياً في تعكير الأجواء ، وتعقيد الأمور ، خاصة تلك التي تسعى الى إنهاء حالة الانقسام ، لذا دعونا الأخوة في حركة فتح الى تحييد الإعلام والصحافة عن دائرة الخلاف الفصائلي ، واعطاءه كامل الحرية لممارسة دوره الوطني ، فيما يخدم عملية المصالحة الوطنية ، وتفرغه لفضح ممارسات الإحتلال الاسرائيلية اليومية بحق الشعب الفلسطيني .
وطالب ابو ظريفة بتصريخ خاص لـ(أمد) الأخوة في حركة حماس إعادة النظر بقرار الملاحقة ، والتسامي على الجراح ، واعطاء الإعلام والصحافة دورها الطليعي لممارسة واجبها ، في ظل الوقائع الخطيرة التي يمارسها العدو الإسرائيلي .
الدكتور صلاح ابو ختلة مفوض العلاقات الوطنية في حركة فتح قال لـ(أمد) : نحن في حركة فتح نرفض هذه القرارات لأنها لا تخدم المصالحة الوطنية ، وتقييد الحركة الإعلامية الفلسطينية ، ونحن في فتح نرفض سياسة القمع الإعلامي وثقافة تكميم الأفواه ، كما أن موقفنا سيكون هو نفس الموقف لو قامت وزارة الإعلام في رام الله باتخاذ قرارا مشابه لقرار حركة حماس ، لذا نطالب الأخوة في حماس سرعة التوقيع على ورقة المصالحة ، ليتم دراسة وضبط الإعلام ضمن جملة القضايا العامة التي تنضبط وفق القوانين والانظمة .
ونفى ابو ختلة أن يكون هناك نوايا عند وزارة الاعلام في رام الله بحجب أي موقع إعلامي ، قال :توجهنا في الحركة مع حرية التعبير والرأي ، كما يكفله القانون الفلسطيني .
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل قال لـ(أمد) : في ظل حالة الانقسام الراهنة وعلى عتبات انعقاد القمة العربية ، نفاجأ بقرار مثل هذا النوع ، وهذا أمر مؤسف لأن قرارات مثل هذا النوع ترسخ حالة الانقسام ، والتوجه يجب أن يكون رفض سياسة الإقصاء وعزل الأخر ، ولا بد من التوصل الى صيغ وطنية تخدم المصالح الوطنية العليا ، في ظل الوضع المعقد الراهن ، وعليه أقول لا بد من مراجعة دقيقة لمثل هذه القرارات التي تجسد حالة الانقسام ، ولا تخدم حرية الرأي بل تعيقه .
الكاتب والإعلامي الدكتور عبد القادر فارس يقول لـ(أمد) :نحن كإعلاميين وصحفيين نطالب دوما بحرية الرأي والتعبير ، ونرفض ملاحقة أي موقع إعلامي وحجبه من أي جهة كانت ، كما ندين منع الصحف من دخول قطاع غزة ، ولا بد من ترسيخ الحريات العامة في المجتمع وحمايتها ، ونرفض المساس باي صحفي سواء من حركة حماس او السلطة الوطنية في الضفة الغربية ، كما نرفض تدخل حماس في عمل نقابة الصحفيين ، وندعو كصحفيين الى توحيد الجسم الصحفي ، وابعاده عن دائرة التجاذبات السياسية ، وإفساح المجال أمامه وفتح ميادين عمله وحمايته كي يمارس دوره بكل مصدقية .
الكاتب والشاعر الفلسطيني توفيق الحاج قال لـ(أمد) : هذا القرار لا يعبر عن نوايا صادقة تجاه حرية الصحافة ، والقرار تكميم للأفواه ، وتضييق للحريات ، والصحفي يجب أن يكون محمي من قبل الجميع وأن كان دوره مكاشف لحقائق لا ترضي هذا الطرف او ذاك ، وسياسة تكميم الأفواه ، سياسة قديمة ، وعلى مر العصور ، ومثال ذلك وزير الإعلام النازي في ألمانيا الذي حاول تكميم الأفواه وضبطها وفق معايير تخدم النازية ، إلا أن سياسته أنهزمت وبقية الثقافة وحرية الرأي والتعبير ، وممارسة الإرهاب الفكري مرفوضة بكل المعايير ، وعلى الإعلاميين أن يبتكروا وسائل إبداعية لممارسة مهنتهم ، وتبيان الحقائق بإسلوب ما .
عضو الأمانة العامة لإتحاد الكتّاب و الأدباء الفلسطينيين ، الشاعر سليم نفار قال لـ(أمد) : أن هذا القرار مجاف للحقيقة ، ولكن يبدو أن هناك بعض الجهات اعتادت على تحريف الحقائق ، وينم على ضيق الصدر ، و(أمد) والمواقع الأخرى يقومون بواجبهم المهني ، وبدورهم الريادي لفضح البطش الإسرائيلي ، وعلى حركة حماس إعادة التدقيق بالمعطيات التي تستند الى إصدار قرارات لا تخدم المصلحة الوطنية العليا ، وأكثر ما نخشاه أن تكرس ثقافة نفي الأخر وإزالته كحقيقة موجودة في مجتمع له مشاربه السياسية وأذواقه الثقافية ، لا بد من سعة الصدر وممارسة الوطنية بصفاتها الكلية ، لتحقيق الشراكة في الحياة السياسية .
من جهته مشرف عام أمد للإعلام الأستاذ حسن عصفور ، قال :نعتبر هذه الخطوة خارج السياق الاعلامي الوطني ، وأنها خطوة صدامية مع الجميع الوطني ، وهناك خطورة ، وضعت حركة حماس نفسها فيها وهي الملاحقة والملاحقة المضادة ، وفي هذا الإجراء خطر على حرية الكلمة ، كما أن هذه الخطوة تعبر عن عدم الوعي ، وأذا كان لحركة حماس مبررات لرفض ما ينشر على هذه المواقع التي وضعتها في قائمة المطاردة والحظر فعليها تفنيد ما ينشر وإثبات عكسها والشعب الفلسطيني بوعيه المعروف سيقف على حقائق الأمور ، لا أن تخطو خطوة غير محسوبة تجاه ملاحقة الوسائل الإعلامية التي تنشر ما لا تراه حماس مناسباً لها أو لا يخدمها ، وحماس اليوم تملك ترسانة لا يستهان بها في الإعلام بل لها أمبراطورية ضخمة بمقدورها أن تفند كل ما ينشر إعلامياً على أي من المواقع التي تتحدث او تنقل عنها بعض الأخبار والمواقف .
وحماس تدرك بأن مثل هذه الخطوة لا تعيق حرية الكلمة ، بل تضع نفسها في موقف يشكك في مصدقيتها ، ويدلل على أن ما ينشر حقائق تحاول حماس إخفاءها ، وإلقاء التهم لا يعبر عن وعي ويعبر عن تكفير وتخوين، وهذه السياسة فقدت مصدقيتها و بات العالم لا يصدقها ولا يتعامل معها .
واذا كان بعض من حماس يدرك خطورة هذه الخطوة فعليهم التراجع عن هذا القرار ، لتعزيز دور الكلمة ، وعدم مطاردتها وحماس لا ينقصها وسائل إعلامية ولا أدوات لتوضيح وتفنيد ما ينشر ضدها ، لذا على حماس مرة أخرى ممارسة مراجعة واعية لهذه الخطوة ، وإلغاءها ، لكي لا تختطف الكلمة كما اختطفت قطاع غزة .
وشدد عصفور في تصريحه لـ(أمد) على حرية الكلمة ودورها في تطوير الوعي الفلسطيني ، وطالب في إبقائها حرة طليقة لمواجهة الخطر الحقيقي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني اليوم ، وهو العدو الإسرائيلي .
التعليقات (0)