رام الله – العهد - منذ إطلاق حملة مــقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأسواق الفلسطينية، تحت شعارات من بينها أنت وضميرك، وأولاد البلد لا يدعمون منتجات المستوطنات، وما تلاها من مشاركة رسمية عبر قرار للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومشاركته ورئيس وزرائه سلام فياض في شكل علني في الحملة، شكل آلاف المتطوعين والمتطوعات من الشباب، من مختلف محافظات الضفة الغربية الماكينة التي تسير هذه الحملة وتضمن استمرارها.
وأكد وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة، وهو المبادر إلى الحملة، ويرأس مجلس إدارة صندوق الكرامة الذي يموله بدعم من مؤسسات أهلية وخاصة فلسطينية، أنه لولا الحماسة التي يبديها شبان فلسطين وشاباتها في عملهم التطوعي في إطار هذه الحملة، لما حققت أهدافها، مشيداً بوعي الشباب الفلسطيني في محاربته لمنتجات المستوطنات التي قامت وتتوسع على حساب أراضيهم المحتلة في عام 1967.
وشدد أبو لبدة، على تعاون الجامعات الفلسطينية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال التنمية الشبابية، في تجنيد المزيد من الشبان والفتيات في مختلف المحافظات لمصلحة الحملة، بخاصة بعد إطلاق برنامج من بيت لبيت، ويهدف إلى زيادة التوعية بماهية منتجات المستوطنات، وخطورتها من النواحي السياسية، والاقتصادية، وأحياناً الصحية والبيئية على المواطن الفلسطيني، من خلال زيارات ميدانية يقوم بها هؤلاء الشبان والفتيات إلى منازل الفلسطينيين في المدن، والبلدات، والقرى، والمخيمات في مناطق الضفة الغربية.
وقالت منى سلمان (21 سنة)، وهي طالبة جامعية: لم أتردد للحظة في الانضمام وزملائي إلى هذه الحملة، بخاصة أننا ندرك ما يقوم به المستوطنون من جرائم يومية بحقنا، بعد أن احتلوا أرضنا وأقاموا عليها مستوطناتهم، وبالتالي علينا أن نحاربهم لا أن ندعمهم بشراء منتجات مصانعهم، وبالتالي نساهم في تثبيت هذه المستوطنات بإنعاش اقتصادها.
أما سائد الأطرش (25 سنة)، وهو محام تحت التدريب، فأكد بعدما اعتبر أن الحملة تأتي متأخرة: أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً. هذه المستوطنات غير شرعية وفق كل القوانين الدولية. وإذا كان الأوروبيون واضحين في قرارات مقاطعة منتجات المستوطنات، فالأحرى بنا أن نكون نحن المبادرين إلى ذلك. هذا ما شجعني إلى الانخراط في هذه الحملة، وتقديم ما يمكن تقديمه لضمان نجاحها. وأعرب سائد عن أمله بألا تكون الحملة موسمية، وأن تتواصل حتى تحقق أهدافها.
وتشير سعاد ناصر الدين (22 سنة)، وتعمل في مؤسسة أهلية، إلى أن الشباب من كلا الجنسين هم المحرك الرئيس لهذه الحملة. فمدير صندوق الكرامة، وجميع المنسقين هم من الشباب، وإن كان مجلس إدارة الصندوق من سياسيين واقتصاديين معروفين، إلا أنهم يشددون على أهمية ما نقوم به.
وتضيف ناصر الدين: نقسم أنفسنا إلى مجموعات، بعضنا يعمل في الصباح، وبعضنا في المساء، كل بحسب وقت فراغه، ونتوزع على مناطق سكننا أو عملنا، ونقوم بزيارات إلى المنازل، والالتقاء بربات البيوت، أو أصحاب الدكاكين. نقدم لهم الملصقات الخاصة بالحملة، والكتيب الذي يحتوي على معلومات عن أكثر من 500 صنف من منتجات المستوطنات، ونتحدث معهم عن خطورة هذه المنتجات علينا من مختلف الجوانب، وللحقيقة لمسنا تفاعلاً كبيراً من مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني، كما سبق وانتبهنا إلى أن الكثيرين لا يفرقون بين منتجات المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة في عام 1967 والمنتجات الإسرائيلية، التي كان هناك العديد من الحملات الوطنية لمقاطعتها، ولا يزال.
وتشير ناصر الدين إلى أن غالبية المشاركين من الشباب في هذه الحملة، يقومون بدور مهم على صعيد أسرهم، وأصدقائهم، وزملائهم في العمل، بل إن الكثيرين منهم توسعوا في الحملة بدوافع ذاتية لمقاطعة كل المنتجات الإسرائيلية وليس منتجات المستوطنات فحسب، والاستعاضة عنها ببدائل فلسطينية، وإن تعذر عربية أو أجنبية.
وأفادت تقارير صحافية إسرائيلية بأن خسائر كبيرة لحقت بمصانع المستوطنات في الضفة الغربية جراء هذه الحملات، حتى إن قرابة العشرين مصنعاً أغلقت أبوابها، فيما تم تقليص عدد العاملين في عشرات المصانع الأخرى، علماً بأن الدخل السنوي للمستوطنات من البضائع التي كانت تباع في الأسواق الفلسطينية يتجاوز ما معدله 200 مليون دولار. ودفع هذا الوضع العديد من قادة مجتمعات المستوطنين إلى مطالبة الحكومة الإسرائيلية بحرمان الفلسطينيين من عائدات الضرائب المستحقة لهم شهرياً، والتي تجبيها إسرائيل ومن ثم تحول النسبة المتفق عليها وفق اتفاقات أوسلو إلى السلطة الفلسطينية، والتي كثيراً ما حرمت إسرائيل الفلسطينيين منها أو من جزء منها لأسباب سياسية، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقات الموقعة بين الطرفين.
التعليقات (0)