أمنية
في رحلتي اليومية من مسكني إلى مقر عملي أمر على كمين لشرطة المرور .
صباح اليوم تسير أمامي سيارة ربع نقل تحمل أقفاص البرتقال.
عندما يخرج سائق السيارة ذراعه من شباك السيارة ويجعلها مسترسلة بجوار الباب ويقبض بأصابعه على شيء فأعلم أنه سوف يعطي المعلوم لرجل المرور.
أقفاص البرتقال تتجاوز أرتفاع أجناب السيارة بكثير ولعل هذه هي المخالفة.
رجل المرور أعتاد أن يأخذ المعلوم , سواء السيارة مخالفة أم لا فبوسعه أن "يتلكك".
"المعلوم" يختلف ويتباين طبقاً لأهمية الكمين أو حجم التجاوز أو قيمة وثمن البضاعة .
رجل المرور كأن بيده مغناطيس . في توافق وتناغم وكثرة التدريب و احترافية عالية . يمد يده لتتقابل مع يد سائق السيارة لينتقل المعلوم - بقدرة قادر- من يد السائق إلى يد الشرطي دون أي إحتمال للخطأ من ألا تتلاقي الأكف أو يسقط المعلوم على الأرض أو يحدث إرتطام ليد الشرطي بأي جزء من الذراع المدلى . كل هذا و السيارة تسير و بنفس سرعتها.
تناغم مثل الحادث في السيرك حينما تقفز الفتاة من على أحبال - العقلة - المعلقة في الهواء لتجد من يستقبلها بيديه . أي إحتمال للخطأ يعني سقوطها من أعلى وتكسر عظامها إذا بقيت على قيد الحياة.
وهذا التناغم مثل إنفصال معمل الأبحاث ( الكترولاب ) عن ( سيوز ) في سلاسة ويسر .
ساعتها :
تمنيت أن أكون هذا الشرطي . لا كي أعبأ جيوبي يومياً بفلوس حرام .
ولكن كي أكون قدوة بأنه رغم الأحتياج و العوز فأنني لا أقبل .
و كي لا أصنع مخالفات وهمية لمن لم يرتكبها .
- يحدث لك هذا عند إستخراج شهادات المخالفات – وكي لا أترك مخالفاً للقانون أو قواعد المرور دون حساب .
ثم عدت وتراجعت فبفرض أنني أصبحت هذا الشرطي فماذا عن باقي ( الأكمنة ) ؟
وعدلت أمنيتي بأن أكون رئيس قسم الشرطة ... لا ... لا أيضا هذا عمله في دائرة إدارية محدده .
فلماذا لا أكون وزيرا للشرطة . كي أضبط إيقاع الدولة كلها.
ثم عدلت رغبتي.
فدورة المياه بمدرسة نجلي سيئة جداً و الفصول متربة وقذرة.
فتمنيت أن أكون هذا العامل كي أعامل ضميري وأنظف ما تم تكليفي به لقاء راتبي .
وقلت و ماذا عن باقي العمال .
فتمنيت أن أكون ناظر المدرسة كي أضبط إيقاع المدرسة.
وماذا عن باقي المدارس ؟
لماذا لا أكون مديراً للإدارة التعليمية ؟
ولكن ماذا عن باقي الإدارات التعليمية على مستوى القطر؟
إذاً الحل أن أكون وزيراً للتربية و التعليم.
ولكن المشاكل متكررة في الجامعات و المعاهد .
إذاً الحل أن أكون وزيرا للتعليم العالي .
وماذا عن الفساد في الصحة و التموين . و المالية و النقل . وباقي القطاعات .
الحل أن أكون رئيسا للوزراء . كي أضبط إيقاع كل الوزارات .
ولكن رئيس الوزراء يتم تكليفه بتشكيل الوزارة من قبل السيد / رئيس الجمهورية.
إذاً الحل في أن أكون رئيساً للجمهورية.
وها نحن قد أصبحنا دولة ديمقراطية. وبها تداول للسلطة . و الرئيس يأتي بالأنتخاب ومن حق كل مواطن أن يرشح نفسه لرئاسة الدولة طالما أنطبقت عليه الشروط .
وتضخمت أمنياتي. وحككت رأسي بأصابعي - يحدث هذا عند محاولة تخمير الفكرة - .
و أفقت على ما حدث للبرادعي.
وقلت هذا البرادعي و ما أدراك ما البرادعي – حدث له كل هذا التجريح و الأهانات لمجرد أنه فكر ولم يقدر .
وهو صرح في فيينا و لم يحضر إلى مصر بعد .
لو كان هنا لصرخت النسوة في وجهه . وعبث الأطفال بمؤخرته و قاموا بزفه - زي زفة المطاهر - . و ألبسوه طربوشاً و أركبوه حمارا بالمقلوب .
و أدعوا أنه مجنون .
و لكي لا يفهمني احد خطأ .
فقد كانت هذه مجرد "أمنية" . لم تخرج و لن تخرج عن حدود هذه الورقة . ومستعد لتوثيقها في الشهر العقاري , من انها مجرد امنية .
والله العظيم " أمنية" ,
وديني وما أعبد "أمنية" ,
وحياة أولادي ورحمة أبويا "أمنية" ,
على الطلاق "أمنية".
التعليقات (0)