ألغام التعليم المطموره
وظيفة التعليم تفتيح الذهن وإثارة التساؤلات وتنمية الإبداع وتشجيع الموهبة وتعزيز القيم ، تلك هي وظيفة التعليم المتعارف عليها منذ قديم الأزل لكن ما الذي حدث لتعليمنا السعودي بشقيه العام والجامعي ، من المُسلم به تأثر تعليمنا بمحيطه العربي وتأثره بالأحداث التي رافقت مسيرته وبداياته الأولى ، تأثر طبيعي لكن استمرار ذلك التأثير حتى زمنِ متأخر ليس بطبيعي خصوصاً مرحلة أسلمة المناهج التي انعكست على كل شيء وشجعت فرص نمو التطرف والتشدد ورفض الأخر شكلاً ومضموناً ، عاش تعليمنا السعودي بكنف الحركات الحزبية الإسلاموية فما أن يتخلص من فصيل وتيار إسلامي حتى يقع بقبضة أخرى فبلغ ذروة سقوطه عندما سقط بحفرة التيار السروري المنبثق عن الصحوة الحركة والفكر المتشعب والمتداخل بعضه ببعض ، سقوط مدوي نتج عنه تعميق الأسلمه فظهرت مناهج تعليمية تُسمى بالإسلامية كعلم الإقتصاد الإسلامي وعلم النفس الإسلامي والتاريخ الإسلامي وجغرافيا العالم الإسلامي ورُفضت الفلسفة وعلم المنطق وأُعلي من شأن علم النقل لا العقل فوقع العقل بمنزلقِ خطير وشوهت الكثير من العلوم والتعريفات العلمية المنهجية لكثيرِ من الحركات والتيارات الفكرية والغير فكرية فضلاً عن طفو مصطلحات التكفير والتفسيق على السطح والموجهة للفرق الإسلامية القديمة والحديثة ، المصيبة الكبرى تكمن في تحويل التعليم إلى مادة أيديولوجية بحته فلا تخلو مناهج التعليم بشقيه من ذلك الداء الذي جعل من التحريم والتربية بما يُسمى بالقدوة التي يمثلها زعماء وشخصيات السلف اساساً وطريقاً لا يمكن الحياد عنه ، الإقتداء بالسلف الصالح ليس عيباً لكن المُعيب تقليد السلف في كل شيء دون إعتبار لمنطق الزمان والمكان ، أيديولوجية التعليم فرضت نمطاً معين من التعليم الا وهو التعليم بالتلقين وفرضت آراء فقهية معينة دون إعتبار لحق الاختيار وإختلاف الفقهاء فعلى سبيل المثال تحريم كشف الوجه وكيفية الحجاب للمرأة والرسم والنحت وممارسة الرياضة للمرأة وسماع الموسيقى وسفر المرأة بلا محرم ولبس البنطال وإستخدام أدوات التجميل جميعها خضعت لقولِ فقهي واحد الا وهو القول بالحُرمه سداً لذريعة كذا وكذا ، مثل ذلك وغيره كثير لا يُعزز قيمه ولا يحترم عقل ولا يُشجع النشء على الفهم فتسويق الرأي والقول الواحد جريمة فكرية غايتها أدلجة المجتمع وتغييب عقله عن سعة وسماحة الدين العظيم ، مجتمع اليوم ليس كمجتمع الأمس فالثورة المعلوماتية قدمت له كل شيء يهتم بالعقل والروح على طبق من ذهب ولم يعد الرأي الفقهي الواحد محل تقديس بشري بل اصبح مجرد رأي يُقابله آراء متعددة أكثر وسطية من غيرها ، تعليمنا اليوم يواجه أزمه فكرية حقيقة ويعيش واقع مأساوي على مستوى الفكر والمضمون ولكي ينهض وينهض بالعقول عليه اولاً أن يتخلص من ألغامه الفكرية لكي ينطلق نحو وظيفته الأساسية ثانياً فلا يكمن النهوض بالتعليم وهو خاضع لفكرِ مُعين فهو كالمريض الذي يتحدث عن الصحة ولا يبذل الأسباب لنيلها وتلك مسؤولية من يقوم على شؤونه ومسؤولية مفكري ومثقفي الوطن فليس هناك مصلحة من بقاء واقع التعليم على ما هو عليه إن آردنا كشف ستار التشدد والتطرف وتحقيق التعايش والتسامح والإبداع على أرض الواقع .
@Riyadzahriny
التعليقات (0)