أزهى عصور الحلنجية .. فى الدين والسياسة

 فعلاً شر البلية ما يُضحِك .. أتلاشى دائماً الخوض والجدل فى الأمور الدينية ، فأنا أتحدث براحتى فى السياسة ، ولا يهمنى إن أصابت وجهة نظرى فيها أو أخطأت ، أما الجدل فى الدين فلا أقترب منه بقدر المستطاع ، فأنا أُؤمن تماماً بأن الدين يسر بدون تزمت أو تفريط ، فلم يعد الإحتكار متوقفاً على السلطة والثروة فقط ولكن كل شىء أصبح محتكر وأخطر أنواع الإحتكار هو إحتكار الفتوى بإسم الله ورسوله ، فنحن نعيش فى أزهى عصور الحلنجية وهم من ينصبون ويلعبون لعبة الثلاث ورقات من سياسيين ورجال أعمال ورجال فكر وثقافة ومستشيخين . 

وفى قريتنا بدأ بعضاً من أصحاب اللحى يعودون من أسفارهم الخارجية وهؤلاء لم يدرسوا أى علوم دينية ولكنهم قرأوا قليلاً وإعتلوا المنابر كثيراً وأصبحوا يفتون دون علم ولا دراسة ، فمصر على ما يبدو مكتوب عليها أن تعيش بين حلنجية كل من السياسة والدين ، وأصبح للأسف الدين سلعة لها محتكرين جدد وظهر مستشيخون مودرن وآخرون متزمتون بعد أن توارى الشيوخ الحقيقيون .

 ففى الجمعة الثالثة من شهر رمضان وبعد أن أنهينا الصلاة ، أمسك الخطيب - الذى لم يدرس أى علوم دينية - بالميكروفون مرة أُخرى وبدأ يشرح فى كيفية آداء زكاة الفطر ، وذكر أن الله لن يقبل زكاة الفطر إلا أن تكون طعام ، فلن يقبل الله من يخرج الأموال بديلاً عن الطعام ، وقال أن الله سبحانه وتعالى لو أراد لنا أن نخرج أموال لقال لنا الرسول ذلك ، ورد عليه فلاح بسيط من الجالسين أمامه أن الأزهر بيقول ممكن نخرج أموال بدل الطعام ، فإرتفع صوت المستشيخ وإنفعل وعلا صوته قائلاً (( يا عم الحج أنا بقول لك قال الله وقال الرسول وإنت بتقولى الأزهر قال وما قالشى ، أزهر إيه ؟! مين الأزهر ده ؟! ، أنا اقولك قال الله وقال الرسول يعنى نقول " وهو يميل على الأرض" سمعاً وطاعة ، والله إحنا ما بنحب الرسول ، وقبل أن يعقب الفلاح البسيط كبير السن يسكته المستشيخ قائلاً يا عم الحج إسمعنى بس من حسن أخلاق المرىء الإستماع ، وبدأ المستشيخ ينفعل ويعيد ويكرر ويحتكر وحده العلم والإفتاء بإسم القران والرسول دون أن يوضح رأى أى من العلماء وأنا أقاوم نفسى حتى لا أرد عليه ، ثم قاطعته قائلاً يا شيخ إذا كنت إنت بتقول قال الله وقال الرسول وبتفتى ، برضه المفتى والعلماء التانيين بيقولوا قال الله وقال الرسول فلماذا تحتكر وحدك الحديث بإسم الله ورسوله ، فرد قريب لى ما هو المفتى حلل الربا ، فقلت يعنى علشان فتوى غير سليمة من وجهة نظرك يبقى كل فتاوي المفتى غلط ، إقرأ وإعرف آراء العلماء المختلفة وبعدين إفتى براحتك ، وإنفعل الشيخ وقال موجهاً كلامه لى ( أصل إنت جاهل ) فضحكت وتركت المسجد وروَّحت حتى لا أحرجه أمام الناس ، وقلت فى خاطرى سبحان الله  يتم نقد آراء عتاولة السياسة والحكم بأسلوب شديد وقد يكون جارح فيتحملون وعندما تنقد رأى مستشيخ نقد بسيط وموضوعى ينفعل وكأنك أخطأت فى البخارى .