أدعياء الليبرالية وغيرهم
جراء الإساءات المتكررة لليبرالية كمصطلح فكري من قبل من لا يؤمن بالتعددية الفكرية فقد أصبحت "الليبرالية" محط إتهام دائم خاصة مع أنجلاء غيوم التستر عن المتسلقين والمتسترين بالشعارات , فمدعو الليبرالية وقفوا ضد حرية التعبير ووقفوا ضد حقوق المجتمعات فئات كانوا أم جماعات ووقفوا بصف التسلط والإستبداد وبرروا الإستبداد في كثير من الأحيان واستعدوا المجتمعات ضد فئات معينة وكل تلك الأعمال ضد الليبرالية كقيمة إنسانية فكرية عظيمة فما قامت به تلك الفئة سٌمي ليبرالياً زوراً وبهتانا ! الليبرالي الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يدعوا للقيم الإنسانية والتسامح والتعددية الشاملة والتعايش والإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي والفكري وتحقيق دولة العدل والدستور والقانون , والليبرالي الحقيقي يدعو لإحترام الأخرين والتعايش الإنساني يرفض المذهبية والطائفية وتسييس الدين والمذهب وأدلجة الطائفة والحياة , ويدعو لصيانة المجتمعات ووحدتها الوطنية ويدعو لإحترام معتقدات الأخرين وأرائهم ويدافع عن حقوقهم المختلفة , فاليبرالي الحقيقي لا يستدعي سلطة أو مجتمع ضد شخص أو فئة بل يقف مع الشخص والفئة رغم الإختلافات لأن الليبرالي الحقيقي يؤمن بأن الإختلاف طبيعة بشرية والقواسم الجامعة أكثر بكثير من جزئيات إختلاف يسيره , الليبرالي الحقيقي مع حقوق البشر لا تمييز ولا تفرقة يرفض الإستبداد والأدلجة أياً كان مصدرها وتبريراتها, الليبرالي الحقيقي يؤمن بأن الأرض للجميع والدين لله والقانون هو السائد والعدالة هي المطلب هذا هو الليبرالي الحقيقي الذي لا يضمر كرهاً لأحد مهما كان ذلك الأحد ؟ لكن ماذا عن أدعياء الليبرالية , إذا قمنا بجولة سريعة على بعض أقوال وتدوينات أدعياء الليبرالية فإننا سنرى تناقضاتهم الفاخرة , يفرح أدعياء الليبرالية بقمع مخالفيهم بل ويسعدون السلطة لقمع مخالفيهم في الرأي والفكر , فكما هو معلوم فإن حرية الرأي والتعبير والفكر والتفكير حق متاح للجميع شرط أن تكون تلك الحرية محصنة من الإستخدام بشكل يٌسيء للمجتمعات بأي صورة كانت , فالرأي الكارثي لايعد حرية بل يجب ضبطه وإيقاف قائلة لأن الضرر أكثر من النفع وهكذا , لكن أدعياء الليبرالية يضعون كل الأراء السلمية منها والغير سلمية بقالب واحد قالب المكارثية في عملية تشابة أمثالهم ممن يتمسح بالدين والتدين ! كذلك يفرح أدعياء الليبرالية بمصائب مخالفيهم ويغضون الطرف عن حقوق مخالفيهم , فالمخطيء أياً كان خطئه له حق الكرامة والعيش بإطمئنان وله حق المحاكمة العادلة إذا كان موقوف على ذمة قضية ما , لكن أدعياء الليبرالية مثلهم مثل غيرهم يفرحون بمصائب ونكبات المخالف وتلك حالة عجز العقل البشري عن فهمها أو تفكيك بنيتها فكيف بعاقل أومناضل من أجل الحقوق يطير فرحاً بمصائب ونكبات غيره من البشر ؟ أدعياء الليبرالية ينشطون في ملفات ويهملون أخرى ويتشدقون بالحريات وهم أبعد عن إحترامها , يظهرون الدفاع عن حقوق المرأة خاصة لا يهمهم أولويات حقوق المرأة بل يهمهم حصر الحق في تحرير الجزء السفلي منها , وهم هنا يقلدون التيار الآخر المتمسح بالدين والتدين فذلك التيار همه حماية ذلك الجزء وهذا التيار "تيار أدعياء الليبرالية " همه تحرير ذلك الجزء بأي طريقة كانت وهنا نقطة مشتركة رغم الإختلاف في الطريقة . أدعياء الليبرالية كغيرهم من أدعياء الدين والتدين فيروسات تنشط في بيئة المتراكمات والتناقضات وتعمل من أجل تدمير ما تبقى من القيم الإنسانية الأصيلة , فمصائب المجتمعات لا تأتي من المناضلين الحقيقيين رغم إختلافاتهم الكثيرة بل تأتي من أدعياء النضال فالمناضلون الحقيقيون وإن أختلفوا إلا أن القواسم الجامعة لهم مصانة ومحترمة لا يتجاوزونها عكس الأدعياء يهدمون كل شيء ويتجاوزون كل شيء مهما كان حجمة وقيمته .. مرت المجتمعات العربية من محيطها لخليجها بمراحل تكوين متعددة فبرز بعد مخاض عسير أدعياء كٌثر يتصارعون على إقتياد المجتمع نحو المجهول فعلى الرغم من التستر خلف الشعارات والمظاهر الإ أن المجتمع بدأ يكتشف صورة الأدعياء الخلفية ويقارنها بواقع مايطرحونه فالتناقضات طاغية والمثالية بارزة والمكارثية هي النتيجة الرئيسية , الحقيقيون لم يموتوا ليبراليين وغير ليبراليون فهم حاضرون بقوة داخل المشهد يفككون خطاب الأدعياء ويكشفون للمجتمع سذاجة الأدعياء وضعف خطابهم الهش الذي بات يزكم الأنوف ويصم الأذان فقد تحول الحقيقيون من دعاة للسلم والإصلاح والتحديث والتنمية والحريات والتعددية الشاملة إلى سور عظيم يقف بوجه الأدعياء تحول زمني مرحلي مؤقت لأن بقاء الأدعياء وخطابهم طاغياً يفرز مكارثية مدمرة فكان الوقوف بوجه الأدعياء مطلب المرحلة الحقيقي وهذا ما تنشده المجتمعات للتخلص من كل الأدعياء ؟؟
التعليقات (0)