قلت : وهل هو إلا أحد رجلين :ظالم أو مظلوم ؟فإن كان ظالما حق عليه العقاب وإن كان مظلوما حقت له البراءة .
قال: وأين (ارحموا عزيز قوم ذل )؟لقد كان رئيس دولة يشار إليه بالبنان فهل يليق أن يبهدل بعد سقوطه ؟
قلت:ياعزيزى القضية قضية حق لاقضية شخص ونحن أمام رجل متهم بالسرقة سرقة شعب بكامله فهل يكون العدل فى التغاضى عن سرقته ؟إن هذا ممكن بشرط أن يعلن ملايين المصريين الذين نهبت أموالهم عن تنازلهم عن حقهم .فهل هذا ممكن ؟لقد شاب شعر رأسى عندما سمعت بيان نقابة الصحفيين الذى أعلن فيه أن خزينة الدولة خسرت ثلاثة عشر مليون جنيه يوميا من جراء موافقة مبارك على صفقة الغاز لإسرائيل .تخل هذا المبلغ ومدى تأثيره على أحوال الناس لو كان قد أنفق فى محله وهذا مثل واحد من عشرات الأمثلة التى تزخر بها صحيفة الاتهام المنسوبة إليه .
قال :ما تقوله حق ولكنى حزين على هذه النهاية .
قلت :أنت -إذن -تتعاطف مع فرعون .
قال:فرعون؟
قلت :فرعون موسى سجل القرآن عليه أنه "علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم إنه كان من المفسدين " فقل لى :أى من هذه الجرائم لم يقترفها مبارك ؟
قال :فرعون موسى كان رجلا كافرا ومبارك مسلم على كل حال .فكيف يستويان؟
قلت:كونه مسلما أدعى لمساءلته فإنه قد خان الأمانة التى أقسم على صونها وكان بئس الدعاية للإسلام .والأمر فى النهاية لايرتبط بكفر ولا إيمان ففى أمم أخرى تتم محاسبة الحكام على أيسر بكثير مما ينسب إلى مبارك بل قامت بعض الشعوب بالوثوب على حاكمها الطاغية وإعدامه دون محاكمة وأوضح مثل على ذلك (شاوشيسكو)طاغية رومانيا و(موسولينى) طاغية إيطاليا.إذن من حسن حظ مبارك أنه يلقى محاكمة عادلة .وحياة الأمم أهم من حياة الأشخاص ولا مصداقية لأمة لاتحترم الحق ولعل من المناسب جدا هنا التذكير بموقف النبى صلى الله عليه وسلم مع المرأة التى سرقت وكانت من قبيلة عريقة وكبر على قومها أن تقطع يدها فوسطوا (أسامة بن زيد )حبيب الرسول صلى الله عليه وسلم ليشفع فى إسقاط الحد عنها فغضب النبى صلى الله عليه وسلم وقال قولته الشهيرة :"أتشفع فى حد من حدود الله ؟اإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " بهذا تقوم الأمم وتقوى .أما أحزان الفراعين فهى بعض القصاص الإلاهى فى الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .
التعليقات (0)