مواضيع اليوم

أئمة الصوفية الأولين

رهن المحيس

2011-11-26 08:37:36

0

 أئمة الصوفية الأولين
إذاً يا إخواني: البداية شرعية، والنهاية صوفية.
والبداية حاكمة، ما دام في دار الدنيا الدنية لأنه قدوةيقتدي به في هذه الدار، فلا بد أن يكون أكمل الناس اتباعا للحبيب المصطفى لأنهإمام لمن خلفه من أهل الصفا والوفا، حتى قال إمامنا أبو العزائم في هذا المقام فيكتابه (مذكرة المرشد والمسترشد) :
"على الداعي أن يتنـزل للمريدين ويقوم معهم بالأعمالالبدنية وإن كان وصل لمقامات الكمال حتى يتعلموا منه ويقتدوا بهديه"
بمعنى انه ينبغي ألا يقول : أنا داعي !!، وليس مهما أن أصليفي الجامع مع الناس لأنني حاضر مع الله على الدوام !!.لأنه إمام يقتدي به ويهتدي بهديه، فلابد أنيكون أول الناس قياما بالحقوق الشرعية، مهما كان في المقامات الحقية ودرجات القربعند رب البرية عزوجل، وهذا حال الأئمة والدعاة وحال الصوفية الصادقين في كل زمانومكان.
الإمام أبو بكر الصديق
ولذلك: ... من هو أول إمام اقتدى به المتصوفة بعد سيدنارسول الله ؟ لا خلاف أنه سيدنا أبو بكر الصديق، وبعده الفاروق، وبعده سيدنا عثمان،وبعده الإمام علي، لأنهم كانوا أئمة، شرعاً وتحقيقاً.
فلم يكن في عصرهم انفصام بين الشريعة والحقيقة كما نرىالآن، لكنهم كانوا رجال الشريعة وهم في نفس الوقت أئمة الحقيقة.
? فكان سيدنا أبو بكرالصديقرضى الله عنه قدوة الصوفية في التخلي للتحلي والتجلي، فهو أول من تخلى عنكل ما يملك من الدنيا رغبة في الآخرة، وقد وضح ذلك في قول الحبيب صل الله عليه وسلم له:
{ ماذا خلفت لأهلك؟ قال الله ورسوله }[1]
و الحبيب صل الله عليه وسلم لم يناقضه ولم يأمره بخلاف ذلك لأنه رآه أهلا لذلك فهو إمامفي هذا المقام في مقام التخلي. أو فيما يسمى في مقامات الصالحين مقام التجريد،فحال التجريد الذي انفرد به الأقطاب في كل زمان ومكان بأن جردوا أنفسهم من الدنياوالشهوات والحظوظ والأهواء والملذات فخلع عليهم الله عزوجل خلعالكمالات الإلهية والمزايا والخصوصيات المحمدية.
هذه الأحوال للأئمة، مَنْ إمامهم فيها؟ 
الإمام أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه.
وكذلك سر الوصول إلى الجناب العالي ما هو؟ ومن الإمام فيهذا المقام الذي اقتدى به الصـوفية على مدى الدهور والأيام والأعوام؟
سيدنا أبو بكر الصديق. لأننا لو فسرنا كل ما قاله الصالحونالسابقون واللاحقون، فإنه لا يخرج عن قول الصديق مخاطبا للحبيب صل الله عليه وسلم : 
أحبكحبا لو يفاض يسـيره...على الناس مات الناس من شدة الحب 

وماأنا موف بالذي أنت أهله...لأنك في أعلى المراتب مــن قلبـي

? فأول إمام في مقاماتالتمكين من الأولين والآخرين هو سيدنا أبو بكر الصديق، لأن حبه لسيدنا رسول اللهالذي لا يضاهى ولا يماثل لم يجعله يفقد وعيه، كما حدث لأصحاب الحبيب عند انتقالهإلى الرفيق الأعلى، بل مكَّنه الله وكان هو الذي ثبَّتهم ومكَّنهم.
فسيدنا عمر مع شدته وقوته، أمسك السيف وقال: من قال إن محمداًقد مات قطعت عنقه بهذا السيف، وسيدنا عثمان أُخِذ فقعد ولم يستطع القيام والنهوضمن شدة ما حدث له عندما علم بهذا الخبر، وغيره وغيره.
لكن صاحب التمكين هو الذي ظهر في هذا المكان وهو الذي وقفودخل عليه وكشف وجهه وقبّله من جبينه وقال: طبت حياً وميتاً يا رسول الله، ثم خرجفقال : من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت...:
] وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتلانقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين [[آلعمران]
سيدنا عمر بلغ به الأمر أن قال :و الله كأني ما سمعت هذهالآية إلا الآن، لأنه سمعها من رجل من أهل التمكين.
فإمام أهل التمكين هو سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه.
? ومع ذلك آتاه الله عزوجل الفراسةالنورانية في أكثر من موضع:
فعندما اجتمع أصحاب رسول الله وقرروا أن يبقى بعث أسامهوقالوا: مازال الناس حديث عهد بالجاهلية، وقد ارتد كذا وكذا من العرب....كانتفراسته حيث قال :
"و الله لو تخطفتني الطير بالمدينة ما أبقيت بعثا بعثهرسول الله صل الله عليه وسلم ".
و أرسل بعث أسامه، فكانت فراسته هي سبب القضاء على الردةلأن القوم (العرب والروم) عندما رأوا أسامة يتجه إلى الشام، عرفوا أن الإسلاممازال فتياً وقوياً، وقالوا:
لو لم يكن عند المسلمين قوة ما أنفذوا بعث أسامة.فرجع كثيرمنهم عن تفكيره في الردة، ثم بعد ذلك اجتمعوا على أن يصالح العرب ويتركهم ويهادنهمإلى حين، وأصرَّ؛ وكان في ذلك نجاة الدين.
? فكأن أبوبكر هو الذي أقامالدين بعد حبيب رب العالمين صل الله عليه وسلم ؛ حتى أنه ثار على عمر وقال: مالك يا عمر أجبَّارٌ فيالجاهلية، وخوَّارٌ في الإسلام ! والله لو منعوني عناقاً - يعني ماعزا - كانوايعطونه لرسول الله r لقاتلتهم عليه.
وهي هي الفراسة التي كانت مع أبو بكر الصديق tوالروحالتي نفخ بها فيمن حوله فجعلهم على هذه الصلابة وعلى هذه القوة، هذه الروح التييقول فيها سيدي محي الدين بن العربي رحمه الله : لو ظهرت روح أبو بكر الصديق لهزمت جيشا بأكمله.
ومازال سيدنا أبو بكر الصديق: يواصل العطاء،يوجه الأئمة والفحول، مناما ويقظة، ويوصيهم، ويعلمهم، ويوجههم، ويهذبهم، ويقويهم،بروحه العالية وحالته الراقية رضى الله عنه وأرضاه.
? وكذلك له كرامات؛ كماللصالحين أجمعين، وكما للصديقين في كل وقت وحين : فقد قال لعائشة رضي الله عنها:أني كنت نحلتك نحلا إنما هو أخواك وأختاك، وما عرفت عائشة إلا أخوين وأختا، وكانتلأبي بكر جارية حبلى، فقال: لقد ألقي فيروعي أنها أنثى؛ فهذا أتم ما كان في الفراسة والإلهام؛ التي قال فيها النبي صل الله عليه وسلم :
{ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله تعالى }[2]
? ولأبيبكررضى الله عنه معان أخرى مما تعلق بها أهل الحقائق وأرباب القلوب وإنذكرنا جميع ذلك طال الكتاب :
? فقد حكي عن بكر بن عبدالله المزني أنه قال: ما فاق أبو بكر رضى الله عنه جميعأصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم بكثرة الصوم والصلاة، ولكن بشيء كان في قلبه، قال بعضهم:الذي كان في قلبه الحب لله U والنصيحة له.
? ويقال إن أبا بكر رضى الله عنه كانإذا دخل وقت الصلاة يقول: 

 

 

يا بني آدمقوموا إلى ناركم التي أوقدتموها فأطفئوها.
 

? وروي عنه أنه أكل طعاما من شبهة، فلما علم به تقيأ، وقال :
والله لو لم تخرجإلا مع روحي لأخرجتها، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول
{ بدن غُذّي بحرام فالنار أولى به }[3].
? وكان يقول :
وددت أن أكون خضراءتأكلني الدواب، ولم أُخْلق مخافة العذاب وهول يوم الحساب.
? وروي عن أبي بكر الصديقأنه قال :
ثلاث آيات من كتاباللهعزوجل اشتغلت بها عما سواها إحداها :
قوله :
] وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رادلفضله [ [الآية (107) يونس]
فعلمت أنه إن أرادني بخير لم يقدر أحد أن يرفع عني غيره،وإن أرادني بشر لم يقدر أحد أن يصرف غيره.
و الثانية قوله :
] فاذكرونى اذكركم [[الآية(152) البقرة]
فاشتغلت بذكر الله تعالى عن كل مذكور سوى الله.
والثالثة قوله :
] وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها [ [(6) هود]
فوالله ما هممت برزقي منذ قرأت هذه الآية.
? ويقال: إن هذه الأبياتلأبي بكر الصديق رضى الله عنه :

يا مـنترفّع بالدنيا وزينتهــا ... ليس التـرفعرفع الطين بالطين

إذا أردتشريف الناس كلهـم ... فانظر إلى ملك في زيمسكين

 

 

ذاك الذيعظمت في الناس رأفته ... وذاك يصلح للدنياوللديــن
 

? وحكي عن الجنيد أنه قال :أشرف كلمة في التوحيد؛ قول أبى بكر: سبحان من لم يجعل للخلق طريقا إلى معرفته؛ إلابالعجز عن معرفته.

[1] عن عمر بن الخطاب في المحلى { أمرنارسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فأتى أبوبكربمالهكله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ماأبقيتلأهلك؟فقال:أبقيت لهم الله ورسوله}.

[2] سنن الترمذى عن أبى سعيدالخدري

[3]المستدركعلى الصحيحين للحاكم عن أبى بكر الصديق tعن النبيr :{من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به}.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !