بالرغم من غزو الملابس الجديدة لأسواقنا المحلية في السنوات الأخيرة والتي بدأت تصل من مختلف المناشئ العالمية المعروفة والغير معروفة على حد سواء بسبب انعدام الضربية على دخولها من قبل تجارها الذين حققوا إرباحا طائلة وكبيرة في تلك الاعوام . وان كان هناك ضريبة فهي قليلة جدا , ألا إننا نجد في الجانب الأخر ازدهارا في نوع أخر من الملابس التي يقتنيها المواطنون وقد نجح استعمال هذه الملابس بشكلا واضحا .
هذا وشهدت محلات بيع الملابس المستعملة اقبالا كبيرا بمناسبة العيد في بغداد التي عجز عدد كبير من سكانها عن شراء ملابس جديدة بسبب تراجع قدرتهم الشرائية.
صفية المغيري
ويؤكد ابو حسين (63 عاما) اقدم بائع للملابس المستعملة في منطقة ساحة التحرير في قلب العاصمة وهو يستقبل زواره : بعد 2003 اتسم عملنا بالركود بسبب عزوف الناس عن شراء الملابس المستعملة في ظل قدرة شرائية واضحة في تلك الفترة التي تلت سقوط نظام السابق واضاف لكن الان تغير الحال في ظل موجات الاسعار المرتفعة التي بدات تثقل كاهل العراقيين وبدأ هذاالنوع من التجارة يعود الي الانتعاش وتشهد الاسواق العراقية الان ارتفاعا كبيرا في اسعار الملابس المستوردة الامر الذي دفع بعدد كبير من المواطنين الى اللجوء الي اسواق بيع الملابس المستعملة القادمة من دول اوروبية . واشار ابو حسين الي ان الانتعاش المتجدد لهذه الحرفة دفعه الي التعامل مع وكلاء ينتشرون في عموم المدن العراقية .
وايده في الرأي( مشتاق طالب) تاجر في سوق البالة بمنطقة الكاظمية ان : تجارتنا شهدت حالة من الركود والسبات بعد عام 2003 بسبب التحسن الذي طرأ على رواتب الموظفين وفتح باب الاستيراد امام التجار دون اخضاع البضائع المستوردة لرسوم الكمارك، لكن في الاعوام الاخيرة عاد النشاط الى سوق الملابس القديمة وشهدت تجارتنا رواجا كبيرا خصوص خلال هذه الايام ومع حلول عيد الفطر المبارك وما رافقها من ارتفاع باسعار الملابس الجديدة.
ويضيف ان : بعض الملابس الموجودة في سوق البالة هي ملابس جديدة وغير مستعملة اصلا يتم استيرادها ضمن البالة مع قيام التجار الاوربيين بتجديد بضائع محلاتهم والتخلص من الملابس التي مر عام أو أكثرعلى صناعتها وظهور موديلات جديدة، وهي تصلنا مع ملابس البالة، ما يدفع اغلب المتبضعين للبحث عنها واقتنائها بغض النظر عن الموديل، خاصة ان نوعيتها تكون ممتازة مقارنة بما موجود في الأسواق الأخرى.
ويشار الي انه خلال فترة الحصار الاقتصادي الذي فرض علي العراق في التسعينات شهدت عملية بيع الملابس المستعملة رواجا لافتا لعدم قدرة العراقيين علي شراء الملابس الجديدة.
وبعد عام 2003 وفي ظل التغييرات التي شهدتها البلاد اتاح ارتفاع القدرة الشرائية للعراقيين العودة مرة ثانية الي المحال التجارية المتخصصة بالملابس المستوردة لكن موجات ارتفاع الاسعار المتتالية حدت من هذه الظاهرة في هذه الايام.لكن العائلات العراقية تشكو من عدم وجود ملابس مستعملة للاطفال.
ويري (محمد سامي ) وهو موظف :ان شراء الملابس الجديدة اصبح يثقل كاهل الموظفين المسؤولين عن شوؤن اسر كبيرة، ونحن نهتم الان بشراء ما هو جديد للاطفال اولا ثم يقوم الكبار بالبحث عن ملابس في اماكن بيع الثياب المستعملة.
ويضيف سامي (43 عاما) وهو اب لخمسة اولاد جميعهم في المراحل الدراسية : الواقع المعاشي الان اختلف عما كان عليه خلال الاعوام القليلة الماضية فالاسعار ارتفعت في كل مناحي الحياة وهذه مشكلة يواجهها اولا الموظفون واصحاب الدخل المحدود . وتابع مع حلول مناسبة العيد لم استطع توفير مستلزمات جميع افراد الاسرة لذا نوفر احتياجات الاولاد واقوم انا بشراء الملابس المستعملة القديمة مع حلول مناسبة العيد او مع قدوم فصل الشتاء.
وبدوره يرى( منتظر حسين) مدرس من بغداد ان : تحسن الوضع المعاشي للموظف بعد عام 2003 جعلت منه سيد السوق، يبحث عن شراء الحاجيات التي كان يحلم باقتنائها خلال فترة الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي، لكن الأمر لم يدم طويلا بسبب ارتفاع اسعار السوق المحلية دون حدوث تحسن في راتب الموظف الا بنسبة قليلة، لا تتناسب مع الارتفاع الجنوني باسعار السوق ومنها اسعار الملابس المستوردة.
واضاف: : انا وجميع شرائح الموظفين كنا نأمل من الحكومة العراقية حمايتنا من جشع التجار الذين يرفعون اسعار البضائع في كل مناسبة مع بقاء رواتبنا على حالها دون تحسن.
ومن خلال تجولنا في بعض الأسواق المشهورة ببيع الملابس ( المستعملة ) حصدنا على مجموعة من اراء المتسوقين التي أجمعت في مجملها على ان الاختيار ليس قرارا، ولكنه في مجمله بسبب الوضع الاقتصادي الضعيف لفئة لا بأس بها من الناس.
( ام سيف ) كانت اول المتحدثين عن أسبابها لاختيار محلات الملابس المستعملة لتكسو أجساد أطفالها الخمسة. السيدة الأربعينية أوضحت ان تزامن رمضان مع العيد والمدارس جبرها على اختزال الكثير من قائمة تسوقها ومكان شرائها لاحتياجات أولادها ومنزلها في العيد.
وزادت :انا لا اعمل، وراتب رب الاسرة وحده لا يكفي التزامات المرحلة المقبلة، وفي المقابل هناك أطفال ينتظرون صباح العيد وحلوياته وألعابه. وتضيف ( أم سيف ) وعينها على البضاعة المنثورة داخل محل الثياب المستعملة، و بعدها بأيام تهل علينا طلبات السنة الدراسية الجديدة، من هذا المنطلق، أثرت شراء ملابس مستعملة بأسعار معقولة لأتمكن من كسوة الجميع وتحقيق مطالبهم. وتتابع كمن يدافع عن خياره يضم هذا السوق ملابس جيدة جدا من حيث النوعية ولا بأس بها،وعملية تحتمل كثرة الغسيل، والكي بسبب انها في مجملها اوروبية وامريكية وبأسعار أقل مما يتصوره أحد .
يقول الحاج ( فاضل ابو عباس ) وهو يتجول في سوق االكاظمبة باحثا عن ملابس لأطفاله : كنت ابان التسعينيات من القرن الماضي من مرتادي سوق البالات للألبسة المستعملة بسبب ضعف الحالة المعيشية نتيجة للحصار الاقتصادي المفروض على العراق آنذاك، لكني ومنذ سنوات تركت الشراء من اسواق البالات بعد تحسن الأوضاع المالية، ولم اتوقع ان اعود اليوم للسوق بعد ان صدمتنا اسعار الملابس الجديدة هذا العام وارتفاع اسعارها قبل حلول عيد الفطر المبارك .
ويذهب( عبد الله سعيد ) بقوله أتجول في أسواق البالة باستمرار،وأكثر ما يلفت نظري الأحذية والجلديات، فالأحذية أصلية ومريحة وهي في نفس الوقت ذات أسعار مقبولة، ومعظم الثياب من ماركات عالمية معروفة،وذات موديلات عصرية.
ويضيف : هذه الملابس اعتبرها مناسبة جدا لي ولأسرتي كعائلة متوسطة الدخل، مع عدد لا بأس به من الأطفال، وحيث انني مطالب بكسوة الجميع بما فيهم انا وزوجتي، لذلك فإن هذه الملابس مناسبة وتفي بالغرض.لذا انا الان اتسوق ملابس العيد من البالات .
ويقول علي حسين (30 عاما) الذي كان يبحث عن بدلة : مدخولي الشهري لا يسمح لي بشراء بدلة جديدة لارتفاع سعرها فاضطر الى شراء واحدة من محال بيع الثياب المستعملة وهنا تتوفر انواع جيدة واسعارها مناسبة . ويتابع حسين الذي يعمل في احد مطاعم الوجبات السريعة : عموما انا احتاج مثل هذه البدلة في اوقات محدودة جدا لطبيعة عملي وهي مناسبة لي بدلا من شراء واحدة مكلفة لااستطيع تسديد مبلغها.
لبحث عن الحل في سوق الملابس القديمة، هو خيار شريحة واسعة من العراقيين من متوسطي وضعيفي الدخل، ففي ببغداد قررت ( ام عمار ) التوجه الى أسواق البالة لضمان حاجات اطفالها الخمسة.وتقول ام عمار التي تعمل كعاملة تنظيف في احدى المدارس في بغداد : بالامس وطوال ثلاث ساعات بحثت عن ملابس مناسبة لأطفالي في الاسواق، لكن غلاء الأسعار( اسعار ملابس الاطفال بمناسبة العيد ) منعتني من شراء اي شيء، فكل ما املكه هو 150 الف دينار وبهذا المبلغ لم يكن بأمكاني تأمين حاجات اكثر من طفلين او ثلاثة، لذا جئت الى سوق البالة فهو الحل الوحيد علي اجد ما هو مناسب .
ويقول البائع الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن : الغلاء في أسعار الملابس المستوردة من الخارج وخاصة التركية يجعل الناس يأتون إلينا ، متهما بعض التجار بأنهم يسعون إلى استيراد ملابس ذات مواصفات رديئة من الدرجة الخامسة ثم يبيعونها بأسعار خيالية، في حين تجد أغلب أصحاب الدخل المحدود وغيرهم من الزبائن يشترون الملابس من البالة التي تمتاز بجودتها ورخص أسعارها.
وعن حركة البيع قبيل العيد قال ان الحركة جيدة والإقبال كبير ولا يقتصر على فئة اجتماعية دون غيرها مشيرا الى ان البعض يبحث عن ماركة عالمية، فيما يبحث اخرون عن سعر مناسب ومعقول لاسيما ارباب الأسر الكبيرة. وعلى جنبات وأرصفة الشوارع افترش أصحاب بسطات بضاعة تنوعت بين احذية وثياب وإكسسوارات وحتى ألعاب.
ويرى البائع ( جميل كامل ) :ان البالة ملابس كانت أم أحذية أو ألعاباً لا يهم، المهم أن أسعارها مناسبة لصغار الكسبة ومحدودي الدخل، ويذهب الجيد والمميز منها لزبائنها المميزين من ذوي الدخل الميسور الذين يحبون التميز والتفرد في نوعية لباسهم، ويختتم حديثه بالقول إن : البالة تنافس بقوة أسواق الملابس الجديدة الجاهزة، خصوصا فيما يتعلق بالملابس الجلدية والقطنية وكذلك الألعاب .
( عمار عبدالكريم ) الشاب الذي حدثنا عن بسطته،اكد انه وشقيقه يعملان في ذات الامر ولكن كل في شارع، وعن بضاعته التي اختار ان يضعها امام محل لبيع الملابس قال انها تحتوي على بعض الادوات المنزلية والعاب الاطفال، وبين ان البضاعة تجذب انتباه المارة من خلال ما يدلل به عليها والابرز في ندائه هو السعر البسيط لهذه السلع وعن سؤال عن جودة هذه السلع قال ان لا بأس بها ومرد الامر لشرائه واقرانه البضاعة وبسعرها المقبول، والرضى بهامش ربح بسيط وزاد بائع البسطة ان بضاعته تناسب المستوى المعيشي لمعظم الفئات المارة، مما يسهم في إقبالهم عليها ولاسيما ان بضاعة البالة سواء ملابس ام احذية ام حقائب او العاب تناسب ذوي الدخل المحدود .وحدثنا السيد (جاسم محمد علي ) تاجر جملة : لقد غزت أسواقنا ومنذ سنوات عديدة ولازالت هذه الملابس محط إقبال كبير للمواطنين ولاسيما محدودي الدخل ونحن نبيع لكافة الشرائح الاجتماعية بسبب رخص هذه الملابس وجودتها , وبصراحة هناك بالات من نوع خاص مثل ملابس الأطفال ودمى وأجهزة كهربائية مثل المكواة والسشوار الكهربائي وأدوات المطبخ ........الخ
وأضاف نحن ألان نشهد انتعاشا واضحا في بيع هذه الملابس قبل العيد وهناك الكثير من الذين يحبون ويرغبون في شراء هذه الملابس .
( صلاح عبد الحسين ) تاجر جملة قال : في الفترة الماضية تعرفت المدن العراقية المهمة الكبيرة مثل بغداد العاصمة وكركوك واربيل والموصل والبصرة على هذا النوع من الألبسة وقد جاءت كمساعدات وتم توزيعها , فهناك الكثير من اللذين تسارعوا على شرائها مما أشاع استعمالها بشكلا واسع الأمر الذي شجع الكثير من المستوردين من التجار على قبولها استيراتها من دول أوربية .وان فكرة استيراتها إلى العراق جاءت لكونها رخيصة الثمن ولازدياد الطلب عليها وإنها واكبت حركة العصر وقد ازدادت مبيعاتها ولاسيما الملابس التي اخص المرأة حيث وجدت طالبات الكليات والمعاهد والمدارس موديلات كثيرة من هذه الملابس لم تجدها في موديلات أخرى ذات الشكل والطراز على وجه التحديد هناك( الجاكيت والقبوط ) النسائي دو الياقات المصنوعة من الفرو حيث انتشرت هذه الألبسة بشكل سريع وإعطاء حركة قوية .كما أن هناك إقبال واسع وكبير على ملابس الأطفال فهي مرغوبة وأسعارها مناسبة ويبدو أن البيت العراقي والأسرة العراقية لاتخلو من أحباب الله ومن رغبة قوية على شرائها . ويحدثنا الطالب مازن محمد ( كلية الآداب ) : بصراحة أجمل شئ هي البالات فانا أجدها تتماشى مع الموضة بل في الكثيرمن الأحيان تتفوق عليها فالبالات لها روادها ولو أمعنا النظر في هذه الملابس سنجدها جميلة .
إما السيدة سهاد عبد علي ( مدرسة ) فتقول : بصراحة شديدة هذه الملابس هي اكبر غلطة وذلك لعدة أسباب في مقدمتها أنها ملابس مستعملة وهنا تكمن الخطورة فنحن لانعرف من الذين استعملوا هذه الملابس ومن يضمن سلامتهم من الإمراض إضافة إلى جهل وغموض الجهة المصدرة لهذه الملابس فعليه فنحن نطالب بإعادة النظر في هذا الموضوع .
سيد ابراهيم قال ان الاسواق مليئية بالملابس المستوردة ولكن الشيء المؤثر هو (الاستوكات والبالات) .. التي نطالب بمنع استيرادها نظرا لخطورة الملابس المستورة والامراض التي تنقلها.. ويطالب( مصطفي عبد الامير ) المنتجين المحليين بتطوير الانتاج حتى يستطيع المنافسة ويؤكد ان هناك بعض المصانع المحلية نجحت في التصدير واصبح لها اسمها واسواقها فلماذا لا نطور انتاجنا المحلي حتى ينافس المستورد ؟
بعد هذه الجولة في أسواق بغداد التي توزعت مابين الكاظمية وبغداد الجديدة وباب الشرقي أو بعد التباين الواضح في أراء المواطنين بين المؤيد ورافض لها كان لابد لنا من طرق أبواب الطب لمعرفة رأيه الشخصي وقد حدثنا الدكتور احمد عبد الحسين من دائرة صحة بغداد –الكرخ قال : إن من بين هذه الملابس التي انتشرت في بغداد توجد ملابس ولعب أطفال يجب غسلها وتعقيمها بالمعقمات الطبية المعروفة من قبل بائعاها أو مشتريها تحاشيا لأي خطورة مرضية وتحسبا للواقع الصحي والشروط في هذا مهمة جدا ويجب الالتزام بالشروط الصحية وعدم تجاهلها ويضيف : أن فكرة استيراد هذه الملابس وهذه الألعاب وان كانت رخيصة الثمن إلا أنها فكرة خاطئة وغير صحيحة لان الأمر يتعلق قبل كل شئ بأطفالنا الذين هم نبتة الحياة والجيل الجديد وهم جيل المستقبل فنحن نريدهم أقوياء الفكر والجسم واجد أن هذه الأنواع من الألعاب فيها الضرر على صحة الأطفال أكثر بكثير من منافع التسلية واللعب وأكثر كذلك من رخص الثمن وهذا ينطبق تماما على ملابس الكبار للرجال والنساء على حدا سواء
التعليقات (0)