على غير العادة لم يكن مخرج المسرحية خالد جلال في حاجة إلى نص جاهز لكاتب معروف ولم يلجأ إلى الاقتباس مثلما يفعل الكثير، بل لجأ إلى "صياغة" ما ارتجله طلبة المعهد على مدى شهور، وشتان بين الارتجال والارتجالية. فعلى مدار ثمانية شهور بدأ يدرس الأفكار التي عرضت، ويؤكد: "وضعنا عناوين رئيسية، مثلا وضعنا عناصر رئيسية لدروس الارتجال، مثلا أن يرتجل الطلبة مشاهد حول العنوسة أو حول تأخر سن الزواج، كله ارتجال واستمر هذا الارتجال حول هذه الفكرة مثلا خمسة أيام، صدر عنها من ثلاثين ممثل حوالي عشرين مشهد، وأجمل فكرة مما عرض ساعتها، ضمناه مسرحية قهوة سادة التي شاهدموها بعد إعادة صياغتها وكتابتها". وهذا هو السر في وضع عبارة "صياغة" مطوية ولافتة العرض على بدلا من كتابة أو تأليف.
فالفكرة في المجمل نشأت عند دروس الارتجال والتمثيل المسرحي للطلبة الذين كانوا يدرسون قسم التمثيل، حيث كانوا المواد الأساسية لصناعة الفنان الشامل، وفي هذا يضيف المخرج وصاحب الصياغة خالد جلال أن الطلبة "يدرسون الغناء على يد الأستاذ عماد الرشيدي"، وكانوا قبل عرض "قهوة سادة قد قدموا عرضا بعنوان "ح نغني" ومدته ساعة كاملة من الغناء من تاريخ السينما المصرية من أغاني ليلى مراد وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ومحمد قنديل وغيرهم وقدم الطلبة عرضا من الغناء الخالص، "كورس" و"صولو" فردي، ويضيف "بعدها دربناهم على الاستعراض تحت إشراف ومحمد مصطفى وقدّم الطلبة عرض بعنون "عنبر رقم واحد" وقدمه الطلبة الذين لم يسبق لهم التمثيل أو الغناء من قبل، ونحن نأتي بهم من الجامعات فكلهم موهوبون لكن لم تكن لهم تجارب استعراضية أو غنائية".
وعن عرض "عنبر رقم واحد" يقول خالد جلال أن "مدته ساعة من مختلف مدارس الاستعراض المختلفة في العالم، شاركنا به في المهرجان القومي للمسرح المصري وفازوا بجائزة المهرجان وكانت مفاجأة أن يفوز طلبة بجائزة من هذا النوع في هذا المهرجان الذي يفترض أن تشارك فيه كل الفرق الاحترافية".
بعد تلك التجربة الناجحة جاءت فكرة "قهوة سادة" الذي استمر ثمانية شهور كاملة من الارتجالات المتواصلة من مختلف الطلبة الموهوبين. وحتى نأخذ فكرة عن طريقة "التأليف" وهي الأقرب إلى فن الكولاج يضرب المخرج مثلا بمشهد أزمة الخبز فيقول: " حول أزمة رغيف الخبز مثلا التي هي فكرة محمد فهيم والتي تتمثل في أن الحصول على رغيف الخبز يحتاج إلى معركة كأنها فيلم "أكشن" أمريكي تتدرب عن مصارع صيني ثم ملاكم أمريكي ثم تذهب إلى الطابور وتصارع حتى تحصل أخيرا على رغيف الخبز واخترنا هذه الفكرة من بين عشرات الأفكار التي قدمها الطلبة في إطار الارتجال".
وعلى المنوال نفسه تم نسج مشاهد المسرحية الاثنى عشرة، فبعد ثمانية أشهر من "الارتجال" و"الكولاج" نشأت هذه الظاهرة الفنية في المسرح المصري، التي تعرض منذ أحد عشر شهرا بدون انقطاع ولا أحد يعلم متى تنتهي فترة العرض المفتوحة والتي حددت أولا بشهر واحد.
التعليقات (0)