مواضيع اليوم

"البس العفريتة وتعالى" .. يا دكتور برادعى

حسن الزوام

2009-12-07 21:31:49

0

 

بقدر ما تعجبت من تصريحات قيادات كبيرة فى السن والمقام داخل الحزب الوطنى والتى هاجمت اعلان الدكتور محمد البرادعى الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية عزمه ترشيح نفسه للرئاسة المصرية فى الانتخابات القادمة .. بقدر ما أزعجنى بيان البرادعى الذى نقل تلك النوايا، والذى حمل ما يشبه الشروط التى يجب توافرها حتى يعلن الرجل ترشيح نفسه للانتخابات.
مصدر العجب فى تصريحات رجال الحزب الوطنى أنهم مارسوا نوعا من البلطجة السياسية باستنكار اعلان البرادعى تفكيره فى نفسه للانتخابات الرئاسية وتفنيد ما اعتبروه أسبابا تجعل من ترشيحه مستحيلا .. أو أمرا لا يجوز .. وفعلا لا يليق .. بينما يسمح الدستور للدكتور البرادعى بهذا الترشيح اذا ما انضم لهيئة عليا لأحد الأحزاب القائمة الآن.. كما أن حديثهم عن عدم أهلية هذا الدبلوماسي العتيق لحكم مصر بدعوى أنه مغترب ويعيش خارج مصر منذ أكثر من ربع قرن (فترة حكم الرئيس مبارك تقريبا) أمر معيبا ولا يجوز صدوره من رجال يمثلون حزبا شكل حكومة من رجال أعمال لا علاقة لهم بالشارع المصرى تماما، ولدى بعض وزرائه جنسيات أخرى و90% تقريبا من مؤهلاتهم العلمية استوردوها من الجامعات الأمريكية والأوربية.
واذا كانت "فرقة حسب الله" الاعلامية الحكومية قد بدأت فى تقليب البرادعى على جمر المقالات الساخنة بالحديث عن المرشح المحمول جوا والقادم من الخارج .. فإن سؤالا هاما يفرض نفسه ويبحث عن اجابة فعلية عن الصورة التى يريدها الحزب الوطنى وإعلامه وصحفه ورجاله لانتخابات الرئاسة القادمة .. هل يريدونها انتخابات المرشح الوحيد .. أم انتخابات تحسمها التزكية وكأنها صراع على مقعد فى مركز شباب جزيرة الدهب .. أم يريدونها مرتبة سلفا بمرشحين مستأنسين.
وأحسب أن الرئيس مبارك حين أعلن اطلاق بعض الاصلاحات السياسية عام 2005 والتى شوهها ترزية الدساتير بأطول مادة دستورية فى التاريخ .. كان يريد رسم سيناريو لمصر القادمة مصر التى يحلم بها، والتى تنتقل فيها السلطة بشكل ديمقراطى حضارى، والا فما الداعى لالغاء الاستفتاء واطلاق الانتخابات، وما أهمية الاصلاحات الدستورية ما لم تكن لمزيد من الحقوق للشعب.
أما انزعاجى من بيان الدكتور البرادعى فمصدره أن البيان قد حمل ما يشبه الشروط لاعلان ترشيح نفسه هى نفسها مطالب كل الأحزاب والقوى السياسية فى مصر منذ سنوات طوال ويحمل نوعا من التعالى على الواقع السياسي الذى تعيشه مصر، وخوفا من خوض الانتخابات الرئاسية ومنافسة مرشح الحزب الوطنى فى الظروف الحالية، بينما تحتاج مصر زعيما يقود التغيير من الداخل فى شوارع مصر ومؤسساتها ولا يطالب به من الخارج عبر الايميل .. فمصر مثل سيارة تبحث عن ميكانيكى لا يخاف من أن يلطخه الشحم .. ومثل الارض الزراعية التى تحتاج فلاح "لا يقرف من الغوص فى الطين" .. فإذا كنت جادا يا دكتور برادعى "فإلبس العفريتة وتعالى" .. ومد ايدك .. وطالب بالتغيير .. وأرفع صوتك من الداخل بالتعديل الدستورى .. وسر فى مسيرات سلمية .. واستقطب الاعلام العالمى .. وواجه الظروف والمنافسين .. بدلا من أن تفرض شروطا لا نعرف على من تفرضها .. على الناس أم على الحكم.

حسن الزوام
نشرت بجريدة الميدان الاربعاء 9 ديسمبر 2009




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !