“لم يدع الإخوان في تاريخهم إلا إلى الموت الحضاري ؟
السلفيون هم أبعد الناس عن توحيد الله و الإيمان برسالاته ؟
ما يتعامى عنه السلفيون الدينيون أنهم بإتباعهم للسلف الأموات يكونون قد خرجوا تماما عن ملة هؤلاء السلف ، لأن السلف كانوا في أزمنتهم و عبر مختلف أحقاب التاريخ البشري ، إنما يتبعون الرسل عليهم السلام ، و الرسل إنما يعلنون منذ بداية بعثتهم أنما يبلغون أقوامهم رسالات ربهم الأزلية و المعجزة ، تفصيا من أن يعبدهم أقوامهم عوضا عن عبادة الله الواحد .. إلا أن السلفي عامة يأبى إلا أن يتبع أقوالهم البشرية المروية عنهم و هجر أصل الرسالة المبلغة بدعوى أنهم أقدر الناس على فهم الرسالة المنزلة عليهم ، غير مدركين أن الرسالة المعجزة واضحة بذاتها موضحة لغيرها من ملابسات الحياة المتجددة ، ما يجعل هذه الأنوار المنزلة ( آيات بينات ) ما قد تكشفه للسلف يستحيل أن يكون هو نفسه ما تكشفه للخلف ، فهل يعقل مثلا أن ينادي الرسول المصطفى عليه السلام في العصر الحديث بمعالجة قضايا العبيد و الجواري و ملك اليمين و غيرها من القضايا التي كانت لصيقة بعصره و زمنه القديم ؟
إن ما ينزله الله من بصائر و أنوار تكون مهمتها الأساسية إضاءة الحقائق التي يعيشها الإنسان في زمنه و إنارتها ما يجعلها واضحة وضوح الشمس ، ما يسهل معالجتها بما تقتضيه من حلول جذرية يستمدها المؤمن من المعايير و الموازين القسط المفصلة في الكتب المنزلة ، و هذا ما يجعل تلك الكتب المنزلة صالحة لكل زمان و مكان على عكس ما يرتئيه الأنبياء و السلف عامة من حلول لمشكلات أزمنتهم و عصورهم .
تؤكد الكتب المنزلة أن أي فعل أو قول لا يكون استجابة لأوامر الله بقصد نيل رضاه يعتبر عملا و قولا باطلا لا جزاء عنه مطلقا كقوله تعالى : (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى..) و هذا يجعل المدقق يرى بكل وضوح أن أي عمل أو قول لا يكون استنادا لأوامر الله و نواهيه المنزلة في الكتب المنزلة/ الوحي المعجز هي أعمال و أقوال باطلة ، فالاستناد إلى أي قول بشري لاجتراح أي عمل أو قول هو شرك بالله و الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء .. ما يجعل عمل كل السلفيين فقهاء كانوا أو تبعا لهم عملا باطلا .. بل عمل نفاق لأنه يظهر الإيمان بالله و توحيده و يخفي التشيع للسلف و لأرباب آخرين...؟
السلفية”في جوهرها : هي نزوع الإنسان إلى الموت الحسي عن الحياة بكل متطلباتها و متغيراتها في كل آن و حين واستعارة حواس الآباء و السلف الميتون و إحيائهم من مقابرهم قصد العيش بحواسهم و بصيرتهم و بصائرهم التي كانت قد كشفت لهم متطلبات حياتهم في أزمنتهم و حضاراتهم الغابرة ، و التي لا يمكن بأي حال أن تكون هي نفسها أزمنة الحاضر و حضارته ، و هكذا يجد السلفي نفسه يعيش عيش الدراويش خارج كل الأطر الحضارية و الزمانية التي يحياها معاصروه من البشر (ما جعل الله يصفهم بأن لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم آذان لا يسمعون بها و لهم أعين لا يبصرون بها لأنهم يعتمدون حواس السلف /البشر في تقييم الواقع المعيش )/،
فتكون ردة فعل السلفي إما الانزواء في ركن للتعبد ( ظاهرة المتصوفة)..
أو الدخول في صراع مرير مع كل من يحيطون به من البشر = ما أنتج كل أنواع الشذوذ السياسي و الاجتماعي و الذوقي (اللباس و الأكل و العطر …) و الإرهاب .. في مجتمعاتنا العربية و لا نزال ندفع ضريبة هذه الظواهر تخلفا حضاريا مقيتا جعلنا في مؤخرة الشعوب توقا للتحرر من كلاكل السلف و نزوعا للازدهار الحضاري و الاقتصادي و العلمي ما دامت فلسفتنا للحياة تقوم على مقولة :
”كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار” ؟ /كما تقوم على تبرير الاختلاف و التناحر بقولهم :"اختلاف أمتي رحمة "و تبرير الاستعباد و التمايز بين قيمة المرأة و الرجل بقولهم :"لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " و عموما تقوم فلسفتهم على تأليه الأنبياء و الفقهاء "و العلماء " سيرا على خطى أهل الكتب السابقين الذين : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ( 31 ) " سورة التوبة "./
التعليقات (0)