البهرجة و الصخب الاعلامي الذي رافق برنامج "عرب ايدول" منذ اول حلقاته يعكس المستوى المتدني الذي وصل اليه المواطن العربي ،ففي الوقت الذي تعيش فيه البلدان العربية اسوء ايامها في التاريخ لما وصلت اليه كل مؤشرات التنمية و الاقتصاد والحريات العامة الى الحضيض مما يستوجب معه تظافر جهود الجميع للخروج من الازمة .نسجل ان مجموعة من الشباب تغرد خارج السرب متنصلة من كل مسؤولياتها اتجاه نفسها اولا ثم اتجاه المجتمع الذي تحيى فيه ثانيا ،فسقطت في فخ نصب لها بعناية لتحوير موضوع النقاش الحالي "تداعيات الربيع على المنطقة" الى موضوع ثانوي "عرب ايدول" الذي يعكس بعضا من الرومانسية الحالمة لمجتمعاتنا ،في الوقت الذي مازال فيه اكثر من نصف مجتمعاتنا تشقى و تكِّل من اجل رغيف خبز حتى تصارع الفناء،امطرتنا وسائل الاتصال و الميديا بجميع انواعها بكل صغيرة و كبيرة تتعلق بهذا البرنامج فاقاموا الدنيا و لم يقعدوها حتى يخيل الى الغريب عن مجتمعاتنا اننا وصلنا الى مستوى من الرفاهية و بحبوحة العيش ولم يعد ينقصنا الا ان نشبع نهمنا الفني ببرامج غنائية راقصة ،حتى الدول الاكثر غنى في العالم ا الاكثر عراقة في ما يتعلق بالديموقراطية و التوزيع العادل للثروات لم تبلغ بها الوقاحة ان تجعل من كل ايامها عيدا مستمرا ومهرجانات غنائية متواصلة كما يحدث عندنا حتى تحول كل مواطنينا الى كائنات راقصة .
حتى نضع القارئ الكريم في سياق بعض من كواليس البرنامج التي تناساها الاعلام عمدا حتى لا تنكشف نواياهم المبيتة ،نورد في هذا المقام بعضا من الارقام و الاحصائيات التي تتعلق بالبرنامج و دلالاتها
:"فستان أحلام في اراب ايدول بقيمة مليون و300 الف دولار !!
وتاجر اماراتي ثريّ يعجب بالمشتركة المغربية فيصوّت له بالرسائل النصيّة بقيمة 850 الف دولار و اهدائها فيلا فاخرة بدبي!!
وعبدالله بالخير يمتدح " جسد" المشتركة المصرية فيصوّت لها بقيمة مليون دولار صاغ سليم !!
وقبل ايام شاب من الخليج يدفع 500 ضعف ثمن الآيباد الجديد ليكون أول من يقتنيه في العا.لم بقيمة 300 الف دولار (!!!)
آاه يـا عـرب آلـذل
في ما يخص عدد المصوتين حسب الدول فجاءت الاحصائيات كالاتي!
20 مليون صوت مصري
10 مليون صوت مغربي و جزائري وتونسي
10 مليون صوت من باقي الدول العربيه
المجموع :40 مليون صوت في الحلقه الاخيره في أرآب أيدول
40 × 1$ ع الأقل = 40 مليون دولار، أليس المبلغ كفيلا بإقامة إقتصاد دولة، وإنهاء مجآعة الصومآل ، ومشكلة كهرباء غزة، وإغراق سوريا بالمساعدات الإنسانية، وتسليح الجيش الحر، وحل مشكلة 3 مليون طفل شارع بمصر، و60 بالمية تحت خط الفقر من غزّة وتازة و و….
فعندما نحتفي بالمغنيات و الراقصات و نجعل منهم قدوة و نبراسا و نهمل العلماء و المفكرين حينها يجب ان تقرع اجراس الانذار لاننا بصدد مجزرة انسانية سيدفع ثمنها اجيال من الابرياء لن يجدوا شيئا مما تقوم عليه اسس الدولة و مما يورثه الاجداد للاحفاد من ثراوات فكرية و اقتصادية ، فحينها نحكم على مجتمعاتنا بالزوال لاننا امة لا تنتج إلا الغناء و الرقص.
من منا لم يقرأ قصة الصرار و النملة التي تهدف إلى ترسيخ روح العمل و الجد في الناشئة و نبذ عقلية الكسل و قتل الوقت . فإذا كانت النملة تعمل جاهدة طول فصل الصيف من أجل جمع الزاد لفصلي الخريف و الشتاء ، فإن الصرار يعيش طيلة فصل الصيف مطربا متغنيا ناسيا قسا وة الحياة التي تنتظره . هذه القصة تنطبق تماما على حال العرب والمسلمين بمقابل بقية الاقوام التي تعمل جاهدة لتيسير ظروف عيش مواطنيها بعيدا عن الاستغلال غير البريئ للاعلام لتمرير خطاباتها و الالتفاف حول حقوق المواطنين كما هو الحال عندنا.
يبدوا ان العرب قد اخطؤوا مرة اخرى موعدهم مع التاريخ و لم يكونوا في مستوى اللحظة التاريخية فليرقصوا و ليغنوا كما رقص الصرار صيفا و ليذهبوا الى النملة "امريكا" ليطلبوا المساعدات شتاء،لكن يجب ان يعلم العرب ان الربيع لا يأتي كل عام(أقصد الربيع الديموقراطي).
التعليقات (0)