مواضيع اليوم

يوم في مذكرات طبيبة ..............

ليلى عامر

2010-03-28 21:38:33

0


تقول طبيبة‎ : دخلت علي في العيادة عجوز في الستينات بصحبة ابنها الثلاثيني...لاحظت حرصه الزائد عليها حتى فهو يمسك يدها و يصلح لها عباءتها ويمد لها الأكل والماء.. بعد سؤالي عن المشكلة الصحية وطلب الفحوصات ..سألته عن حالتها العقلية لان تصرفاتها لم تكن موزونة ولا ردودها على أسئلتي.
فقال:- إنها متخلفة عقليا منذ الولادة
تملكني الفضول فسألته:- فمن يرعاها ؟
قال أنا
قلت والنعم ولكن من يهتم بنظافة ملابسها وبدنها
قال أنا ادخلها الحمام واحضر ملابسها وانتظرها إلى أن تنتهي واصفف ملابسها في الدولاب واضع المتسخ في الغسيل واشتري لها الناقص من الملابس
قلت ولم لا تحضر لها خادمه!
قال لان أمي مسكينة مثل الطفل لا تشتكي وأخاف أن تؤذيها الشغالة
اندهشت من كلامه ومقدار بره وقلت وهل أنت متزوج
قال نعم الحمد لله ولدي أطفال
قلت إذن زوجتك ترعى أمك ؟
قال هي ما تقصر وهي تطهو الطعام وتقدمه لها وقد أحضرت لزوجتي خادمه حتى تعينها ..ولكن أنا احرص أن أكل معها حتى أطمئن عشان السكر!
زاد إعجابي ومسكت دمعتي واختلست نظره إلى أظافرها فرأيتها قصيرة ونظيفة... قلت أظافرها؟؟
قال قلت لك يا دكتورة هي مسكينة
نظرت الأم له وقالت متى تشتري لي بطاطس؟؟
قال ابشري الآن نذهب الى البقالة
طارت الأم من الفرح وقامت تناقز الحين الحين التفت الابن وقال
والله إني افرح لفرحتها أكثر من فرحة عيالي الصغار.. سويت نفسي اكتب في الملف حتى ما يبين أني متأثرة
وسألت ما عندها غيرك ؟
قال أنا وحيدها لان الوالد طلقها بعد شهر .
قلت اجل رباك أبوك
قال لا جدتي كانت ترعاني وترعاها وتوفت الله يرحمها وعمري عشر سنوات .
قلت هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها اهتمت فيك؟ أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك؟‎
قال دكتوره أمي مسكينة طول عمرها ما تدبر شي ...من عمري عشر سنين وأنا شايل همها وأخاف عليها وأرعاها.
كتبت الوصفة وشرحت له الدواء.... مسك يد أمه وقال يله نروح البقاله
قالت لا نروح مكة
استغربت قلت لها ليه بدك مكة ؟ قالت بركب الطيارة !!!
قلت له هي ما عليها حرج لو لم تعتمر ليه توديها وتضيق على نفسك؟
قال يمكن الفرحة اللي تفرحها لو وديتها أكثر أجر عند رب العالمين من عمرتي بدونها.
خرجوا من العيادة وأقفلت بابها بكيت من كل قلبي وقلت في نفسي هذا وهي لم تكن له أما ..فقط حملت وولدت لم تربي لم تسهر اليالي لم تمرض لم تدرس لم تتألم لألمه لم تبكي لبكائه لم يجافيها النوم خوفا عليه...لم ولم ولم....ومع كل ذلك كل هذا البر!!

تذكرت أمي وجميع الأمهات ....فكرت بأبنائي ....هل سأجد ربع هذا البر؟؟
‏مسحت دموعي وأكملت عيادتي وفي القلب غصة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات