علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــ
aliatia123@yahoo.com
كاتب وصحفي عراقي
نهض على صوت منبه الساعة الصينية القديمة ام (الدجاجة المتحركة مع كتاكيتها) اذ انه لم يستفد من ضربات المسحراتي لأنه ينقر على الطبل بعد منتصف الليل كما لم يستفد من خدمة الجهاز النقال لأن بطاريته تنفد بسرعة!.
أول الازعاجات تنصل صاحب المولدة من الوعد الذي قطعه على نفسه باهدائه ساعة كهربائية وقت السحور كما تنصلت وزارة الكهرباء عن تجهيز هذه الساعة المباركة بالضوء ولم يبق سوى العودة الى الفانوس الصيني ذي الدخان الاسود الكثيف واللايت المشحون! يستهل الصائم نهاره تحت جنح الظلام فاذا طلع الفجر واراد ان يستريح استراحة المحارب نضح جسمه بما شربه من سوائل بسبب موجة الحر الهندية الاخيرة وذهب الى عمله مرهقاً.
في الطريق الى العمل تسير سيارة الكوستر كدبيب النمل حين تجتاز العطيفية في طريقها الى الاعظمية لأن مئات السيارات تقف في طابور ابتداءً من ساحة الدلال التي رفعت الدلال عنها الى ساحة عنتر ويستمر التوقف نحو اربعين دقيقة يفقد فيها الصائم ما تزود به من طاقة وسعرات حرارية وهو في اول صيامه! في الدائرة الحكومية التي يصل اليها لا توجد كهرباء لا وطنية ولا غير وطنية وهنا يفقد آخر السعرات الحرارية والسوائل المتبقية في جسمه مع انه احتاط لنفسه بمهفة (مستوردة) كربلائية غير مستوردة!
حين تحل الظهيرة يصيبه الجفاف ويتعذر عليه لفظ حرف السين والضاد ويدرك معنى لغة الضاد وفي طريق العودة الى البيت ينضح عرقا يعجب من صدوره منه برغم كل النزف المائي خلال ساعات النهار الاولى.
يمر بأصعب حالاته في الثلث الاخير من النهار فصاحب المولدة يصر على تشغيلها بعد السادسة والربع مساءً ولا توجد كهرباء حكومية ولا حركة رياح تخفف الاجواء فلم يبق لديه سوى الدعاء الى الله ان يلطف بحاله مع يقينه ان الأجر على قدر المشقة وحين تحين لحظة الافطار يكاد قلبه يطير من الفرح فقد صمد حتى نهاية النهار ولم تتزلزل ارادته ولم ينثن عزمه وحين يتناول اول تمرة يستشعر حلاوة اكمال صيام النهار قبل حلاوة التمرة وهو يردد (اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت وعليك توكلت) عازما على صيام اليوم التالي واستقبال معاناة عراقية جديدة لا تليق الا بالعراقي!.
التعليقات (0)