فى كل عام فى العاشر من شهر الله الحرام شهر "محرم" ومع بداية العام الهجرى يُطلُ علينا يومُ عاشوراء وقد إختلف عليه المسلمون فى بقاع الأرضِ اختلافاً كبيراً , فأهلُ السُنة منهم يتمسكون بحديث رسول الله الذى أخرجه الإمامان البخارى و مسلم عن فضل يومِ عاشوراء وأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخل المدينة وجد اليهود صائمين فقال لهم لم هذا الصوم فأخبروه أن هذا اليوم نجا الله فيه موسى وبنى اسرائيل من فرعون فقال صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى منكم فصام هذا اليوم ,وأما اهل الشيعة فيربطون بين هذا الحديث بنصٍ آخر وبين مقتل الحسين فى كربلاء معتبرين ان الرسول اشار الى هذا اليوم لأن الحسين سوف يموت فيه شهيدا وهو معنىً يعطى لمقتل الحسين نوعا من القدسية , وهكذا فان هذا اليوم قد زاد فيه المزيدون وتعصب المتعصبون كل يريد ان يجعل هذا اليوم له وليس للآخرين , وكما نعلم فإن التاريخ الاسلامى دخل فيه الكثير من الاسرائيليات خصوصا فى العهد العباسى وتم رواية الحديث باكثر من رواية وتحريف معانيه كى يخدم الموقف السياسى للراوى فلو كان الراوى من الذين تشيعوا لعلى اضاف الى الحديث وحذف منه اعتقادا بفهمه ورؤيته ولو كان الر اوى من الذين لم يتشيعوا لعلى اضاف هو الآخر للحديث وحذف بنفس النية والغرض , حتى اننا نجد ان عدد الأحاديث غير المكررة فى صحيح البخارى يقارب الألفين من الحديث وان عدد احاديث الصحاح الأخرى فيها مايزيد عن مئات الآلاف من الاحاديث فمن أين اتت هذه الآلاف ؟؟؟ , وذلك قطعا لا يقلل من كتب الصحاح ولكنه يجعلنا نطلب من ائمتنا وعلمائنا الأفاضل ان يراجعوا كتب التراث ويخرجوا علينا بهذا التراث وقد تم اخراجه وتنقيحه وحذف الاسرائيليات منه وهو واجب لايقل عن الجهاد فى درجته وفضله.
واما عن يوم عاشوراء وسواء كان فضله لأن الله نجا فيه نبيه موسى وبنى اسرائيل من فرعون او لأن الحسين سبط النبى قد قتل فيه وهو يدافع عن الحق ,فهو يوم من ايام الله وكما قال الله تعالى فى كتابه الكريم "بسم الله الرحمن الرحيم وذكرهم بأيام الله " فإننا نتذكر هذه الأيام ونعتبر بها ونأخذ منها العظات وكل يوم تخرج شمسه على الناس هو يوم من ايام الله فيوم عاشوراء هو يوم من ايام الله ويوم انتصار المسلمين فى بدر هو يوم من ايام الله وكذلك يوم اسراء الرسول ويوم هجرته ويوم مولده هى من ايام الله, ولا يُعقل ان يصوم الرسول صلى الله عليه وسلم اكراما ليوم نجا الله فيه موسى وبنى اسرائيل و لا يصوم الرسول فى يوم نصر الله فيه المسلمين فى بدر او فى يوم الاسراء او فى يوم فتح مكة وغيره من الأيام المجيدة فى الاسلام , ولنا ان نتذكرهذه الأيام ونتعظ بها وأول ما يجب ان نقوم به هو ان نترك التعصب الأعمى وان نتبع الرسول وهديه بحسن الاتباع فنفهم حكمة الحكم وننقى تراثنا مما علق به من سوء الفهم وما اندس فيه من الاسرائيليات فاللهم امنحنا علما نافعا وقلبا خاشعا انك نعم المولى ونعم النصير وكل عام وانتم بخير .
هل شمُ النسيم هو يوم الزينة وماعلاقته بيومُ عاشوراء ؟ يحتفل المصريون منذ آلاف السنين بيوم شمالنسيم فيخرجون منذ الصباح الباكر فى هذا اليوم الى الحدائق فى جماعات يتنسمون نسيمالربيع ويأكلون اكلاتهم الشعبية والتى بقيت صامدة امام التاريخ فيأكلون البيضالملون والبصل والفسيخ والخس وكل هذه الاكلات لها رمز واشارة مصرية قديمة , وقداستمر حال المصريين فى الاحتفال بهذا اليوم والذى يصادف دائما يوم الاثنين وهو يحسببدقة متناهية , حتى ان المصريين وتحت كل العهود وانظمة الحكم لمصر استمروا فىالاحتفال بشم النسيم ففى عهود الاسر الفرعونية القديمة الى عهود حكماليونانيين (البطالمة) ثم الرومان وحتى الفتح العربى الاسلامى لمصر استمر الاحتفالبشم النسيم بطابعه وباصالته , والتاريخ يشهد ان كل احتفال لمصر الفرعونية كان دائمابرتبط بالدين , واذا رجعنا الى تاريخ مصر القديم فى عهد فرعون مصر فى زمن سيدناموسى نجد ان فرعون عندما اراد ان يتحدى موسى بالسحرة المصريين القدماء كان موعدالتحدى هو يوم شم النسيم والذى اطلق عليه القرآن ( يوم الزينة) قال تعالى بسم اللهالرحمن الرحيم( موعدكم يوم الزينة وان يُحشر الناس ضُحى) صدق الله العظيم والمعروفان يوم شم النسيم يخرج المصريون منذالصباح الباكر الى الحدائق والمتنزهات ويتجمعونفى جماعات كبيرة وهكذا كان يوم تحدى موسى ونصر الله له هو يوم شم النسيم.
وبحسبة بسيطة نجد ان يومالعاشر من محرم فى العام الهجرى الاول يوافق حسب التقويم المصرى القديم أواخر شهرابريل اى ما يوافق يوم شم النسيم فى هذا العام.واذا رجعنا الى الديانةاليهودية والمسيحية نجدهم يحتفلون بيوم الفصح او عيد القيامة وهو الاحد السابق ليومالاثنين (شم النسيم) مما يؤكد عظم هذا اليوم وتوغله فى التاريخ البشرى القديم.
وهكذا نجد ان يوم العاشر من محرم بالتقويم القمرى (الهجرى) هو يوم الزينة او يوم شم النسيم بالتقويم الشمسى (الميلادى) وعليه فهذا اليوم سواء بالهجرى او الميلادى هو يوم اتفقت عليه الديانات السماوية وحتى المذاهب المختلفة سنة وشيعة .
التعليقات (0)