انتهىت مراسيم الكرنفال السنوي ليوم المرأة العالمي. وغادرت الوفود الفنادق وعادت الى بلدانها، وقد أدّت جزءا من مهمتها. وهذا ليس تهكما او استخفافا بجهود جبارة تبذلها النساء، في معركة قد دخلت مرحلة قد تكون الأصعب في ظل" الربيع العربي".
كانت هدية المرأة الكبرى في يوم عيدها، هو طلب إعادة نظام الجواري والتمتع بما ملكت الأيمان. فقد طالب حزب " الإنفتاح والوفاء"!!!! التونسي، بإقرار قانون في الدستور ينص على حق كل تونسي في اتخاذ جارية الى جانب زوجته والتمتع" بما ملكت يمينه"!
والهدية قد تكون مشتركة بين الرجل والمرأة، إذ تعوض للرجل أيضا معاناته وحرمانه من حقوقه على مدار نصف قرن من الظلم والإجحاف من خلال اكتفائه بإمرأة واحدة وبدون جارية!
وفي ظل الربيع العربي، أزهرت وآنتعشت آمال الرجال في إعادة قانون تعدد الزوجات في البلاد التي سنّت مثل هذا القانون. وقد كانت أولى التصريحات لقيادات المرحلة الانتقالية تتمحور حول المرأة وتعدد الزوجات والنقاب والحجاب، وكأن الانتفاضات العربية وسقوط الاف الضحايا كرمى عيون المرأة!
لا نستطيع حصر هذه الردة في وضع المرأة الى بداية فترة "الربيع العربي"، فقد شهدنا جدالات ومعارك حول الحجاب منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي مع تكاثر الحركات الاسلامية السياسية، وقد تحول الحجاب الى رمز سياسي لتلك الحركات، اذ اصبح لكل فئة طريقة حجاب خاصة تميزه.
ومنذ تلك الفترة، لاحظنا بعض الظواهر.. منها ارتفاع نسبة جرائم الشرف في أكثر من دولة عربية طبعا، واستطرادا، نقول أن معظم تلك الجرائم، قد مارسها الأب او الاخ او الخال او العم، حيث قاموا بنحر الفتاة تحت هذا الشعار و"نفدوا" بفعلتهم، بل اصبحوا "أبطالا" لحماة الشرف.و قد يدبرون الجريمة تحت ذات المسمى، فقط لحرمان المرأة من الميراث.
وما زاد الطين بلّة، شيوع فتاوى حول تعدد أنواع الزواج من مسفار ومسيار وسياحة وقد تجاوز عدد هذه الأنواع العشرة بقليل. ولا ندري سندها التاريخي او الديني. وقد نتجت مشكلة الأطفال اللقطاء، أو ظهور اطفال حديثي الولادة على ابواب المؤسسات في أحسن الأحوال، وعلى الأغلب في أكياس القمامة، ووسائل الاعلام تغص بهذه الأخبار!
تركزت فتاوى العديد من رجال الدين على المرأة وجسدها! فشعرها عورة، وصوتها عورة، ورائحة عطرها عورة، وعيونها فتنة شيطانية! وهي ما زالت تفسد وضوء وصلاة الرجل كما الكلب تماما.وما زال قرار الطلاق أحادي الجانب. ما زالت المرأة محرومة من منح جنسيتها أواسمها لأبنائها.
هذا الوضع تفاقم مع تباشير " الربيع العربي" فكيف سيكون الوضع عندما يزهر ويثمر ذلك الربيع السلفي!!! ذلك الربيع الذي سيزهر معه بتر الأعضاء ورجم النساء! تحدثت مرة مع مسؤول لجماعة دينية هدفها، وكأخواتها من السلفيات، إقامة الدولة الاسلامية كخطوة أولى لعودة الخلافة، سألته هل يعني الدولة الاسلامية عودة بتر الأعضاء ورجم النساء؟ أجاب بعدد تردد وحرج:" والله اذا كان هذا من الدين فسوف نمارسه"!
قبل فترة تقدمت مؤسسات مدنية وشخصيات حكومية أردنية، بطلب قرار يعتبر جريمة الشرف جريمة كاملة يعاقب عليها القانون، فكان أن صوّت البرلمان الأردني ضد القرار وانتهى الأمر.. بعد ذلك تقدمت هيئات نسوية ومدنية مصرية بطلب قرار يعاقب الرجل على ضربه للمرأة والأطفال، فكان أن أسقط مجلس الشعب، بكل رموزه من مستقلين وليبراليين واسلاميين هذا القرار، إذ وجدوا جميعا ما يوحده!
كنا نطالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية، بشكل يتماشى مع روح العصر والثقافة الإنسانية، فإذا بنا نواجه بمطالب تطبيق شريعة قبل الف واربعمائة سنة تقريبا! والمطالبون بها ينعمون بكل الوسائل والتكنولوجية العصرية، بل ان المال الجاري سوف يسمح لهم بزيادة التمتع بما " تملكه أيمانهم"! من حقهم مماشاة العصر ومتطلباته، مقابل ابقاء المرأة رهينة الماضي وحبيسة النقاب والحجاب!
لكن ما لا ندريه ولا نستطيع التكهن به هو: هل سيفرض على المرأة الإنكفاء داخل البيت كسجن ثالث، أم انها ستزاول العمل لرفد البيت بمدخول آخر، مما يزيد أعباءها ومسؤولياتها، فتتحول الى ماكينة بدون روح أو أحاسيس! لا نملك الا الإنتظار و سوف يأتي لنا الربيع بالخبر اليقين!
لا ننكر ولا نجحف حق المرأة في نضالها وانجازاتها، كما اننا لا ندافع عن فككة الأنظمة الشمولية التي كان في سلم أولوياتها زيادة التخلف والتجهيل بحق شعوبها، لكن من حقنا أن نتساءل: اذا كانت هذه تباشير الربيع بالنسبة لنا كنساء، فكيف ستكون أزهاره المتفتحة؟
هل يمكننا الآن إعلان انتهاء مرحلة الناشطة المصرية هدى الشعراوي، يوم انتفضت على كل عوراتها وأعلنت إنسانيتها! هل ستعود المرأة الى المربع الأول؟ ومتى ستبدأ رحلتها من الصفر ومن جديد لتستعيد إنسانيتها!!! سؤال يبقى معلقا في علم الغيب.
التعليقات (0)