بداية اعتذر عن الاخطاء ..فهذا من السرعة ..
- الباص ..ابو العبد ابو درويش
لم تكن ظهرت بعد تلك الباصات الصغيرة( الكوستر من شركة تويوتا ) ولم تكن ظهرت كذلك باصات الكيا والهونداي ، ولم تكن السيارات ( تكسي ) بالكثرة التي هي عليه اليوم ، فقط باص طويل يتسع لاكثر من ستين راكبا جلوس واكثرمنهم وقوف وكان سائقه وصاحبه ابو درويش ، وكان مكتوب على جانبيه ( شركة باصات عرابة ) وبجانب هذه العبارة كتب مسار الخط (اربد نابلس جنين ) .
اما الباص الاخر فكانمثله تماما لكن ذلك بلون اخضر شاحب وهذا ازرق باهت ، وكان الازرق لصاحبه وسائقة ابو العبد ..لكنه لم يكن لشركة عرابة بل كان لشركة جنين ..
اما السيارات ( التاكسي الاجرة ) فكان تكسي ابو قاسم مرسيدس 180 يتسع لاربعة ..لكن في الحالات الطارئة يمكن ان يضاف اثنان ، وتكسي مفيد ، وهو من النوع ذاته لتكسي ابو قاسم ، فيما بعد اختص مفيد بتوزيع الصحف المحلية على البقالات في المخيم وكانت محدودة ايضا ، تكسي (شكول ) ابو ايمن مرسيدس 190 يتسع لخمسة ركاب ، ايضا يمكن ان يزداد العد تبعا للحالات الطارئة ، وثمة تكسي ثالث واخير ( ابو ربيع ) وهو مثل تكسي ( شكول ) .
طبعا ، كانت التكسيات الثلاثة تعمل في اعمال مختلفة فالى جانب نقل الركاب من مخيم الحصن الى اربد ، كانت تحمل الصحف المحلية ولعل ( مفيد هو المسؤل عن هذه المهمة حيث يوزعها على بعض البقالات مثل بقالة ابو ابراهيم الشامي ، وابو ابرهيم العرايشي ..
وكانت تنقل الخبز من مخابز اربد ، والخضار الى بعض محلات الخضار ، وبعض البضائع للبقالات حسب التوصية ..وكان ثلاثتهم يتشاركون في هذه المهمة بكل اريحية ومحبة وتعاون ورضى . طبعا بعد فترة دخل عليهم صلاح ومن ثم اخيه بتكسيان من نوع 190 مرسيدس . لكن الوقت كان قد فات ليحملا ما كان يحمل اذ اقتاصرعملهم على نقل الركاب .
ولكن كان ثمة مهمة كبرى كان يقوم بها هؤلاء ، وهي العمل كيسارت اسعاف ، وانقاذ ، ومساعدة ، خصوصا في الليل اذ ان الاجرة ستكون مضاعفة ، واحيانا ربما تكون بالدين لاجل ، وهم ينقلون مصاب او مريض الى مستشفى الاميرة بسمة او المستشفى العسكري .. وطبعا كان يحتم على السائق منهم ان يمكث مع اهل المريض حتى ينتهي الطبيب والاهل من اكمال المهمة ، وكان لهذا اثر في توطيد العلاقة بين السائق والاهل والمريض من بعد .
ولم يكن أي احد من اهل المخيم على اختلافهم وكثرتهم يملك سيارة خاصة من أي نوع ، ولا حتى البكبات، او الجرارات الزراعية حتى هذه اللحظة . وعندما اشترى الشيخ ماجد ابو فاضل اول سيارة في المخيم كانت حادثة تكلم عنها الناس كثيرا ، ولكن في الحقيقة سبق سيارة الشيخ ماجد بعض المغتربين الذي كانوا يغملون في الخليج العربي ، وعادوا ومعهم سيارات تضع ( النمرة السعودية ) ..ثم بعد ذلك توالت الحركة في دخول السيارات الى المخيم ، حيث امتلك البعض وعلى نطاق محدود بعض السيارات ، الى جانب استمرار توافد السيارات الخليجية والالمانية ايضا اذ نشطت في تلك الايالم حركة السفر والاغتراب بحثا عن العمل في المانيا وبعض الدول الاوروبية . ولم تكن امريكا وجهة محببة للسفر في تلك الايام ، اذا اشتدت حمى السفر والهجرة والدراسة الى امريكا في اواسط الثمانينان من القرن الماضي .
وعاد الكثير من ابناء المخيم ممن كون رأس مال في الغربة ، واستثمر في الاردن ومنهم في المخيم ، وبعض من سافروا الى المانيا عادوا ومعهم زوجاتهم الاجنبيات ( خصوصا الالمانيات ) .. ولكن سرعان هربن من ويل وجحيم الاوضاع المعيشية الصعبة ، فكيف لهم ان يتحملوا وطاة المعيشة القاسية التي تفتقر لادنى مقومات الحياة الانسانية ، فأغلب الناس كانت تعيش تحت الصفر ..
كان لتلك السيارات ..سيارات الاجرة ادوار مختلفة كما ذكرنا ن ومن الادوار المهمة التي كانت تقوم بها ، ان تأخذ الناس طلبات خاصة ، كان تكون جاهة لعروس ، او جاهة لرد زوجة حردانة ، او جاهة لعطوة او صلحة ، او مشوار الى المطار او احد الدوائر في عمان .. وطبعا كان على السائق ان يكون فردا من تلك الجاهة ومشاركا فيها . وبالتالي فالسائق لديه الكثير من الاسرار والحكايات ، كما كان لدى صلاح ..فيما بعد .
تبد مدينة اربد 13 كلم تقريبا عن المخيم ، وهذا بالوقت الحالي يعني اقل من 20 دقيقة بالسيارة ، الا ان تلك الايام ، كان على من يريد ان يذهب الى مدينة اربد (وكانت قرية كبيرة تتحول تدريجيا وببطء شديد الى مدينة ريفية ) ان يصحو مبكرا وكأنه ينوي السفر ، وكان عليه ان ينتظر حتى اكتمال عدد الركاب بباص ابو درويش او باص ابو العبد ، والذي كانا يتناوبان على الدور بحيث يكون واحد في موقف باصات اربد والاخر يدور حول المخيم ، وطبعا كان على الراكب الانتظار كثيرا بل كثيرا جدا ..وما ان ينطلق الباص ، حتى يبدأ دور ( الكونترول ) بجمع الاجرة من الركاب الذين يتتابعون على طول الطريق بالصعود والنزول ، ولن الكونترول ينسى ان يطبق كل تلك التعليمات المكتوبة على جدران الباص ذات اللون الازرق من الداخل وبخط اسود واضح :
يمنع الكلام مع السائق
يمنع اخراج الرأس واليد من الشبابيك
يمنع البصق في الباص
يمنع رمي النفايات في الباص
الرجاء احترام الشيوخ والنساء
وكان للكنترول سلطة قوية في ادارة الباص من الداخل حتى ان السائق لا يتدخل بها ويترك المركله لهذا الكونترول ، فهو المسؤل عن التاحميل والتانزيل والوقوف والمسير ، وهو من يعطي الايعاز بكل هذا ، فعندما يريد ان ينزل احد الركاب يصيح باعلى صوت : وقف عنك ..وعندما يتأكد من زول الراكب ومساعدته بانزال الاغراض الكثيرة والاطفال ..يطلب من المسير قائلا بصوت عال: اقصد .
ومن هنا جاءت تسمية تلك الباصات بباصات اقصد .. بحيث اصبحت تطلق على كل باص كبير مثل باصات ابو العبد وابو درويش . وكان مثلها على طريق عمان والزرقاء والمفرق . وهي جميعها باصات مرسيدس . حيث كانت الباصات المتوجهة الى الزقاء واربد تتوقف في محطات للاستراحة ،لتنزيل او لتحميل ركاب جدد ، كما كان الركاب الذين ينون متابعة رحلتهم ، يتناولون المروبات والمأكولات ..حيث ان الرحلة تستغرق وقتا طويلا ، كما نفعل هذه الايام ونحن نتوجه للعقبة .
التعليقات (0)