مواضيع اليوم

يوميات معلم (2)

يوم التاسع والعشرون من ديسمبر سنة ألف وتسعمائة وأربع وسبعون من الميلاد كان يوما مميزا بالنسبة لي يوم استلامي العمل لأول مرة بصفة رسمية اي تابع لوزارة التربية والتعليم لأني كنت قد عملت في مدرسة حكومية لسد عجز مدرسي الرياضيات للمرحلة الإعدادية في مدرسة الخطاطبة الأعدادية للبنين , يومها كنت مازلت طالبا بالصف الرابع بكلية التربية وعن طريق احد موجهي الجامعة والذي كان يعمل موجها عمليا لنا بالجامعة قال لي لو ترغب بالعمل بنظام الحصة كمدرس رياضيات وبالطبع قبلت بالرغم من ان المدرسة كانت بعيدة عن دمنهور محل اقامتي وكنت اركب للخطاطبة قطارين احداهما لأيتاي البارود "احدى مدن محافظة البحيرة" والآخر للخطاطبة أبعد مدينة في محافظة البحيرة عن محل اقامتي.

المهم ذهبت لاستلام العمل وحدث موقف لن انساه اثناء سيري من محطة القطار للمدرسة , كان الطريق صحراوي يملئة الرمال والتراب وكان الشمش تكشر عن انيابها للزائر الجديد ورأيت الكثير من الجمال وكذلك الرجال ومررت على تجمع من الناس جالسين امام احد الدور فلم اعيرهم أنتباها كان كل أهتمامي الوصول للعمل في بداية اليوم الدراسي ....

وصلت وسلمت على العامل ودلني على مكتب المدير والذي رحب بي لسد العجز ليس إلا وأخذت جدول حصص لفصول لم يدخلها معلم رياضيات من أول العام الدراسي , وكانت حصة جبر ولأني كنت احب الجبر منذ أيام المرحلة الاعدادية يوم ان حصلت على الدرجة النهائية في الرياضيات في اختبار المرحلة الاعدادية بعد الكبوة ومرحلة الرسوب والتي كنت عشتها في الصف الثاني الاعدادي " حكيت عنها فيما سبق" .... مر الدرس بسلام ودق جرس الفسحة وذهبت لغرفة المعلمين وعزموني على كوب من الشاي وعزم آخر على الافطار ... كانوا حقاً كرماء وفجأة جاء العامل ويقول الأستاذ الجديد عايزة المدير بسرعة ,,, قلت خير اللهم أجعله خير.

طرقت باب الأستاذ المدير فقال لي ادخل يا أستاذ أحمد فلما دخلت وجدت ثلاثة رجال احدهما كبير له لحيه بيضاء والاثنان شباب , بادر المدير بقوله انت مزعل الشيخ منك ليه قلت انا مش معقول دا اول يوم ليه في البلد والمدرسة , رد عليه الشيخ وقال في الأول الحمدلله على سلامتك ياأستاذ بس احنا لنا عندك حق ودا ميخلصوش إلا الدبح ... قلت أعوذ بالله دبح مين قال لا انت فهمت غلط قول دبح ايه ولمين قلت فهموني ايه الموضوع , ضحك الشيخ وقال الظاهر الاستاذ اسمك ايه يا استاذ قال المدير اتفضل اجلس يا استاذ أحمد جلست وقلت خيرا انشاء الله , قال الشيخ الظاهر ان الاستاذ أحمد أول مرة يزور الخطاطبة قلت نعم للاسف قال بقى يا راجل تعدي على أكثر من عشرة رجال ولا تقول السلام عليكم والله الكل زعل منك وسأل مين دا وعرفنا انك الاستاذ الجديد , وكان دبخ دبيحة اعتذار منك للرجال , قلت يا شيخ العرب مش لما اقبض مرتبي الأول , ضحك الشيخ وقال يبقى غداك عندي اليوم , رديت طيب خليها مرة ثانية قال لا مش ممكن انت والاستاذ محمد عندي اليوم , حاضر.....

كان غذاء اشبه بالحفلات العربية في بيت كله كرم ودفئ المشاعر العربية الاصيلة. وانتهى يومي الأول والذي لم انساه بالرغم مضي اكثر من سبع وثلاثون عاما عليه.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !