يوميات مصرية
كمال غبريال
• كلما توالت الاعترافات حول ما حدث أثناء ثورة 25 يناير 2011، كلما أدركت كم كنا "كالكرام على مائدة اللئام"، أو "مثل العبيط في الزفة"!!. . بالتأكيد كان الفساد مستشرياً في عهد مبارك، لكن ما تم تصويره من فساد بواسطة مدعي الثورية يفوق الحقيقة بأضعاف مضاعفة، هو الكذب والتزوير الذي يستند إلى "حبة" ليصنع منها "قبة"، ولم يكن هذا لوجه الوطن، وإنما لصالح ركوب من هم أكثر فساداً وتخلفاً وجهلاً، وقد لعب الإعلام الثوري الموجه أو التلقائي الدور الأكبر في هذا التزييف لوعي الشعب المصري.
هل يمكن أن يصل الربيع العربي قطر على وزن "طباخ السم بيذوقه"، أم سيتوقف عندها حيث يفقد قوته الدافعة المحرضة والممولة؟. . ها هي نيران المخطط القطري تناوش دولة الكويت، وأصبحت المنطقة بكاملها أمام مصير مجهول، وربما معلوم!!. . لم يأت بالطبع شيء من الخارج، فكل ما حدث ويحدث هو تنشيط طفيف للفيروسات الكامنة في أجساد شعوب المنطقة، وهي كافية ليضرب الصديد والقيح في سائر أنحاء الجسد. . تمنياتي للشعب الكويتي ودولة الكويت بالنجاة والسلامة من جحيم العرب. . أعتقد أن دول الخليج التي سبق وأن أطلق عليها نزار قباني "سلطنات القش والكرتون والنماذج العجيبة" لديها حكومات قادرة على استئصال فيروسات الإخوان المسلمين المندسة في مجتمعاتها، وأنها هي التي ستوقف امتداد النيران إلى سائر المنطقة، بل وتقطع شرايين الحياة عن الشرازم التي سيطرت على عدد من الشعوب.
• إن كان هناك صراع داخل جماعة الإخوان المسلمين فهو صراع بين أشخاص وليس بين تيارات إصلاحية وأخرى محافظة، فلدينا المثال الصارخ لعبد المنعم أبو الفتوح، الذي يقول ما يقول من عبارات لها مذاق العسل، لنجده في النهاية وقد دخل بقدميه ذات الكهوف المظلمة التي يعمرها من نصمهم بالمحافظة والتشدد والتعصب.
• "قنديل يتراجع عن غلق المحلات لخوفه من سخط الشعب". . أيدتكم في القرار وأنا أعلم أنكم ستتراجعون، لأنكم لستم بأي حال أهل إصلاح، فأمثالكم حتى بافتراض حسن النية غير مؤهلين لأي إصلاح، وإنما بالحتم تؤدي مؤهلاتكم الحقيقية لعكسه. . ليست الأهمية الأولى حجم الفاسدين والجهلاء بين أي شعب، فالأهم هو موقعهم، إن كانوا في المؤخرة أم في صدارة الركب. . جاري دراسة مشروع لإلغاء قانون "الرجل المناسب في المكان المناسب"، حتى لا يعاد أغلبهم للسجون. . هناك إصرار من المسؤولين عبر مختلف العهود على التحدث للشعب باعتباره شعب ساذج، والأرجح أن الشعب المصري ساذج بالفعل، فليس من المتصور أن يكون كل هؤلاء المسؤولين هم السذج.
• أحترم عمرو موسى رغم اختلافي معه فكرياً، فهو رجل دولة حقيقي وسط أكوام الهواة والمهرجين، وأعتقد أنه لم يكن يحتاج لأراجوز ليشكل "مؤتمراً" مصرياً مدنياً، وأتمنى أن أسمع قريباً أنه طهر مؤتمره منه، فالأراجوز قد يجمع الناس للفرجة عليه، لكنه لا يحوز أبداً على احترامهم. . من أعنيه "كارت محروق" يضر أكثر مما يفيد.
• ""الأهرام" تحيل 20 من كبار صحفيي المؤسسة للمعاش.. من بينهم عبدالمنعم سعيد ونبيل عمر". . في بلادي الصحفي والكاتب والمفكر موظف لدى السلطان، يمد من عمره المهني كما يشاء، ويذبحه أيضاً وقتما يشاء. . في بلادي الإعلام ممسحة في يد السطان، قد يزيل بها التراب عن المناضد، وقد ينفضها في وجوهنا لتعفرها بالتراب، ونحن في كل الحالات مجبرون على التسبيح بحمد مولانا السلطان، وبحمد أعوانه من أصحاب الفضيلة والقداسة. . إذا استعصى على مولانا السلطان إنجاز مذبحة القضاء، فلا تثريب عليه إن أنجز مذبحة للمفكرين والكتاب!!
• أنا مقتنع بجدارة فوز مرسي بالرئاسة على أساس ما يسمى "شرعية ثورية"، أي تحت ضغط الثوار وليس على أساس "شرعية قانونية ودستورية"، فرغم الأغلبية التي كانت خلف الفريق/ أحمد شفيق، كانت هناك في الميادين كتلة حرجة ترفضه، وقد أبدت استعداها وجاهزيتها لإحراق البلاد في حالة فوزه، وهكذا يمكننا اعتبار أن "الشرعية الدستورية" لم تبدأ كما كان يفترض مع بدء الاستفتاء على التعديلات الدستورية وانتخابات مجلس الشعب، ولكنها بدأت فقط بعد جلوس مرشح الإخوان على عرش مصر، وإن كنا نشهد الآن محاولات مستمرة دؤوبة لضرب القضاء، باعتباره حائط الصد الأخير أمام اجتياح "المغول والتتار والبرابرة" للدولة المصرية وللشرعية الدستورية والقانونية.
• الإعلاميون الذين يتم التحقيق معهم الآن بتهمة إهانة القضاء يجنون ثمار تحولهم إلى أداة تعين الإخوان على ركوب البلاد باسم الثورة، تخلوا عن أبجديات أصول مهنة الإعلامي، وصاروا محرضين وقادة ثورة تعصف بالشرعية وبالقانون، وقدموا لنا مادة إعلامية مغشوشة لا تنقل لنا الواقع بمختلف زوايا الرؤية، وإنما فرضوا علينا رؤاهم الخاصة، فليدافع عنهم إذن من قدموا خدماتهم لهم وليس العناصر الليبرالية، وينطبق هذا على رئيس تحرير الجريدة القومية الذي أتى به الإخوان ثم أقالوه، ولم يسبق لنا أن عرفنا عنه غير الانتماء لتيار الفاشية في المجتمع المصري، وقد كان المحرض على حرق بيوت البهائيين وتهجيرهم من قراهم، بالتعاون مع إعلامي من فطاحل من يحاكمون الآن بتهمة إهانة القضاء.
• بقدر ما البرادعي إنسان جميل يستشعر حقوق الإنسان بوجدانه ولا يردد فقط شعاراتها كالكثيرين، بقدر ما طيبته التي فاقت السذاجة نكبة عليه وعلى من وضعوا آمالهم الوطنية فيه، فمن يضعون البرادعي على عجلة قيادة يفتقد لمقوماتها ومهاراتها، يذهبون بمركبتهم للاصطدام في أقرب جدار. . عندما يقول البرادعي أنه "إذا هاجمت إسرائيل غزة فسوف ينبغي علينا أن نعلن الحرب"، فماذا يكون قد ترك لحرافيش الناصرية ورواد مقاهي وسط البلد وللجالسين على الأرصفة أمام صالونات الحلاقة؟!. . إذا كانت هذه رؤيته بالفعل فهي كارثة، وإن كان الشيخ الوقور يزايد مع المزايدين فالكارثة أعظم!!
• مهاجمة مرسي والإخوان على الخطاب لبيريز لا يمكن أبداً أن تكون من قبيل المناورات والمناوشات السياسية المقبولة، هي ديماجوجية انتهازية تتجلى فيها الخِسَّة بأدنى صورها. . واجبنا أن نساعدهم على الاعتدال، فليس بيننا وبين الإخوان عداء شخصي، بل الخلاف حول مصير مصر الوطن.
• حقيقة أن السياسات الخلفية لعصر مبارك (إن جاز التعبير) كانت وراء استشراء الكراهية لليهود ولمعاهدة السلام، لقد كان نظامه يهدم نفسه بنفسه شعبياً، معتمداً في بقائه على أن الشعب جثة هامدة، وأن رضاه على السياسات يستوي مع نقمته عليها، وأن السيطرة البوليسية كافية لردع حفنة من نشطاء حنجوريين لا يأخذهم الناس بجدية.
• تتوالى الآن اعتذارات كائنات عروبجية وناصرية ويسارية على مواقفهم أثناء انتخابات الإعادة الرئاسية، لن يقبل الشعب منهم اعتذاراً ممجوجاً وتكتيكياً، فلم تكن مساندتهم للإخوان انخداعاً بل مزايدة وتلاعباً وتسلقاً، لذا فعودتهم الآن تذكرنا بفيلم مفترض عنوانه: "عودة الندل"!!. . هذه الكائنات المعتذرة هي التي حرضت وخدعت الشباب، وشكلوا قوة تدعم الذئاب التي اختطفت البلاد، وبعضهم لا يحتاج فقط للاعتذار عن مواقفه الأخيرة، وإنما عن تاريخه الحنجوري كله، من يوم ما أمسك "قلمه الرصاص". . فليحترموا أنفسهم ويغربوا عن وجوهنا، فأمثالهم عار على شعب يفترض أنه يبحث عن مستقبل أفضل.
kghobrial@yahoo.com
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات (0)