يوميات قبطية
كمال غبريال
الحوار المتمدن-العدد: 3889 - 2012 / 10 / 23 - 19:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
• نعم المجرم الحقيقي في حق نفسه هم الأقباط ذاتهم بتأليههم للكهنة وإفسادهم، لكننا نعيب على الأنبا شنودة لأنه كان قائداً وذي ثقافة وشخصية قوية، وكان المفترض فيه أن يقود الشعب نحو التنوير، لا أن يحول الكنيسة إلى بؤرة للفساد بمختلف أشكاله ويصير هو الإله المعبود. . لقد ذهب الآن إلى طريق الأرض كلها، وعلى الشعب القبطي أن يطهر نفسه من تراثه الشمولي وفساد عصره بأسرع ما يستطيع، وإلا فكيف يأمل الأقباط أن يكف مواطنوهم المسلمون عن السير مغمضي العيون خلف تجار الدين، فيما يظل الأقباط يوغلون في فساد ذات التجارة؟!!. . العلمانية تحترم العقائد والأديان، لكنها لا تحترم الخرافات والدجل وتأليه البشر، فعذراً لمن يجرح هذا الكلام مشاعرهم المرهفة. . من حقك أن تؤمن بالخرافة والدجل والشعوذة كما تشاء، لكن ليس من حقك أن تجبرني على احترامك. . من حقك أن ترفع الأنبا شنودة لمصاف الآلهة، ومن حقي أن أنزله للأرض وأحاسب عصره على كافة ما ارتكب من جرائم في حق الكنيسة.
• مشكلة الرهبانية أن لا تكون مجرد زهد في الحياة، فالزهد حق لكل زاهد، لكن ما يحدث أن يتولد عنها احتقار وازدراء للحياة وللمنغمسين فيها واستعلاء عليهم، ويترتب على ذلك شيوع ثقافة تطهرية منافقة تدعي أنها منفصلة عن العالم فيما هي بإرادتها أو رغماً عنها غارقة فيه لأذنيها، هنا يترعرع التزييف والنفاق والدجل، وكافة ما شهدناه يكتسح الساحة الكنسية في عهد صاحب العظمة الراحل. . تزخر كتب الرهبنة بروايات لرهبان يصارعون الشيطان وخيالاته طوال الليل، والحقيقة أنهم كانوا يجدفون في مستنقعات خيالاتهم الشبقية، وفي صراع مع احتياجاتهم البيولوجية المقموعة، التي تنفس عن نفسها في تلك الخيالات المرضية، والأشرف والأطهر من كل هؤلاء هم الكادحين طوال اليوم من أجل إعمار الحياة وقوت أولادهم، فالله لا يحب المحصورين بشهواتهم التي تصرخ ذئابها المسعورة بداخلهم ليل نهار باسم البتولية والرهبنة.
• أغلى مستشفيات العالم لعلاج البطريرك والأساقفة والكهنة، لتمد في أعمارهم التي طالت أكثر مما كانوا يحلمون، والأقباط الأتقياء لهم زيت مسحة المرضى وتراب قبر أبونا يسى، واللي مش عاجبه يبقى يهوذا وعدو الكنيسة. . الرهبان الذين ماتوا عن العالم ثم صاروا أساقفة أعطوا الشعب ترنيمة "أنا لي وطن تاني (في السماء)" ترددها القنوات الفضائية القبطية ليل نهار، وهي أشبه بحكاية "شوف العصفورة هناك أهه"، لننشغل نحن بالعصفورة، ويتمرغوا هم في خيرات العشور والنذور والبكور، ويلبسوا ملابس وتيجان أباطرة الرومان القدامى، ومن لا يجد مغفلين ولا يستغفلهم على أكمل وجه؟!!. . الرهبان الذين صلينا عليهم صلاة الموتى يقنعنا كبارهم بأن نموت نحن عن العالم، لكي ينهلوا هم من خيراته ورفاهيته، ويعيشوا حياة الأباطرة والملوك.
• أقول في صلاتي إلى الرب لاختيار بطريرك صالح: اللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه!!. . "سماحة" و"فضيلة" و"قداسة" ألقاب حينما أسمعها أستشعر أن صاحبها يمتهن إنسانيتي، ويريد تحويلي من إنسان إلى صرصور أو فأر أو خروف. . أولاً المسيح قال لتلاميذه ولم يقل لهؤلاء "ماتحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء وما تربطونه في الأرض يكون مربوطاً في السماء"، ثانياً لو كان أعطاهم هذا السلطان فعلاً فهو لم يعطه لهم ليعيثوا في الكنيسة فساداً أخلاقياً ومالياً ويجعلوا الكنيسة مغارة لصوص!!
• لو بدأ البطريرك الجديد من فوره حملة تطهير للكنيسة وإصلاح عقائدي وفكري تربوي وإداري ومالي، ترى كم يحتاج من الوقت لإزالة آثار الأربعين عاماً الماضية من عبادة الفرد والظلام والفساد بمختلف أنواعه؟!!. . تحتاج الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لمارتن لوثر مصري، يقلب موائد الصيارفة ويطرد باعة الحمام ويطهرها من الخرافة والدجل والارتزاق، ويعيد الرهبنة زهداً ومحبة في الله، وليس سوراً يتسلقون منه للجاه والسلطان.
• لولا التمويلات العالمية لنشطاء حقوق الإنسان لما تقاتل نشطاء أقباط المهجر بين بعضهم البعض، ولتفرغوا لتقبيل بعضهم بعضاً بقبلة مقدسة.
• كلما انتقدت شخصية سياسية أو دينية تأتيني التعليقات تسألني عن سر ما أضمره من عداء لهذه الشخصية، يا ناس يا هوووووه، أنا أنتقد مواقف أو أفكار تؤثر على حياتنا، لا يهمني الأشخاص، فقط مصيرنا نحن الشعب البائس المنكوب بثقافته وقادته!!. . لو التزمت بالصمت استجابة لجميع من توجعهم كلماتي في مواضيع ذات حساسية لديهم، لوصلت في النهاية إلى صمت وسكون رهيب، فماذا تفضلون يا سادة، الصمت أم الكلام الموجع تشخيصاً لأمراضنا؟!. . كلما انهالت علي أحجار الراجمين والمطالبين بصمتي، كلما تيقنت أن كلماتي تهز عروش الطغيان والأصنام المحببة للقلوب، هذا بغض النظر عن صواب آرائي أو خطأها، فالآراء غير الصحيحة يرتد ضررها على صاحبها، فيما الوجع والانزعاج مؤشر لنفاذ الكلمات إلى سماكة جدران الجهالة والتخلف العتيقة.
التعليقات (0)