مواضيع اليوم

يوميات تونسية (1)

ختام البرقاوي

2011-02-16 15:42:03

0

 

تونس : الجمعة 28 جانفي 2011 / 23 صفر 1432

ازدادت الأمور تعقيدا داخل راسي "الصغير" بوصفي مواطنة تونسية تجهل الكثير عن خبايا و خفايا السياسة و عالمها.
انطلقت من الأحد الماضي مظاهرات و اعتصامات داخل ساحة الحكومة أي أمام مقر الوزارة الأولي مقر الوزير الأول. الاحتجاجات سرعان ما تبلورت و توحدت "الشعب يريد إسقاط الحكومة".
و عاش الشعب التونسي على وقع ذلك على امتداد الأسبوع و عشنا وتيرة تشويق و إثارة لم نعهدها من قبل في تونس فالكل ينتظر بفارغ الصبر الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة حتى خرج علينا محمد الغنوشي لتلاوة التشكيلة الجديدة.
تشكيلة و ان دفع ثمنها اسماء شُهد لها بولائها للنظام السابق و قدمت تشكيلة جديدة من بيروقراطيين مغمورين في مجملهم ايام النظام السابق الا انها احتفظت بنفس رئيس الحكومة أي محمد الغنوشي.
أفقنا اليوم أي الجمعة 28 جانفي 2011 على توجسات جديدة و تساؤلات شتى. فبالرغم من أن الاتحاد التونسي للشغل يؤيد هذه التشكيلة الوزارية الجديدة إلا أن ممثليه ( الذين كانوا ضمن الحكومة الأولى التي أعلن عنها إبان رحيل بن علي و التي انسحبوا منها احتجاجا) سجلوا غيابهم ضمن التشكيلة الجديدة مما زاد في إرباك الشارع التونسي.
يتواصل التشويق و مسلسل الإثارة :
ألا تعني المطالبة اصلا بإسقاط حكومة ما إسقاطها بأكملها أي برئيسها و وزرائها؟
أين رئيسنا المؤقت و لماذا لم يتدخل لتكليف شخصية سياسية أخرى متفق عليها من قبل جل الأطراف لتشكيل الحكومة الجديدة كما هو معمول به في جل بلدان العالم؟؟؟؟؟؟؟؟؟

و هاهي الأخبار تأتينا بان عددا من المتظاهرين بساحة القصبة لا يزالون محتجين على تواجد الغنوشي على رأس الحكومة الجديدة.

الشارع منقسم شطرين : شطر يتساءل عن سر إصرار الغنوشي على البقاء و يتمنى رحيله و شطر يود استئناف الحياة الطبيعية للبلاد و تمكين الحكومة المؤقتة من فرصتها لتنظيم انتخابات حرة و نزيهة في غضون ستة أشهر تكون هي الفيصل و الحكم.

لا أخفيكم علما أنني و رغم مستواي العلمي المحترم و رغم محاولاتي الفاشلة للالمام بمجمل العملية السياسية في بلدي إلا أنني أقف أمامكم عاجزة عن تشكيل رأي خاص بي و تبنّيه و من ثمة الدفاع عنه. و اغلب الضن أن كثيرين من أبناء جيلي موجودون في نفس الموقف.
لقد عمد النظام السابق إلى تهميش عقولنا و تغييبنا عن فعاليات الحياة السياسة و التعتيم على كل الكفاءات التي من شانها أن تحمل عنه المشعل و تسمح لها بإدارة البلاد يوم رحيله.
ربما لو حق لي أن أوجّه سؤالا للرئيس المخلوع- على سذاجة السؤال- لسألته: هل تفتخر الآن بما أوصلتنا إليه؟
و أغلب الضن انه سيكون حتما مزهوا بنفسه و هو يشاهد بأم عينه هذا "السيرك" السياسي الذي وقعت فيه البلاد:
- رئيس يفر يوم الرابع عشر من جانفي 2011
- محمد الغنوشي المكلف بتشكيل حكومة جديدة عوضا عن الحكومة التي أعلن الرئيس الفار حلها ينصب نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد بحضور رئيسي مجلس النواب و مجلس المستشارين في انتظار عودة الرئيس المخلوع.
- 16 جانفي 2011 : المجلس الدستوري يعلن شغور خطة ريس الدولة و ينصب بمقتضى الدستور رئيس مجلس النواب رئيسا مؤقتا للدولة.
- محمد الغنوشي يشكل حكومة جديدة مؤقتة بعد مشاورات مع مكونات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية المعارضة أو المحسوبة على المعارضة أيام بن علي و يقصي من هذه المشاورات : مؤتمر الوحدة من اجل الجمهورية و حزب النهضة و حزب العمال الشيوعي.
- الاتحاد التونسي للشغل ينسحب من هذه الحكومة و يعلن عدم رضاه عنها
– الأحد 23 جانفي 2011 : توافد المتظاهرين من كامل تراب الجمهورية على ساحة الحكومة
و الشارع يطالب بإسقاط الحكومة
- الخميس 27 جانفي 2011 : استقالة كمال مرجان وزير الخارجية قُبيل الإعلان عن التشكيلة الجديدة
- الخميس 27 جانفي 2011 على الساعة التاسعة مساءا أي قبل ساعة من إعلان الحضر المفروض على البلاد بمقتضى حالة الطوارئ : محمد الغنوشي يعلن عن الحكومة الجديدة و يقصي منها رموز النظام السابق و يحتفظ هو برئاسة الحكومة
- الجمعة 28 جانفي صباحا : مئات من المتظاهرين المتواجدين داخل ساحة القصبة يخصصون الصباح للتشاور بأصوات خافتة "ألن يرحل الغنوشي؟"
و لا زال القلق ينتاب الكثيرين منا و نحن ننتظر ما ستؤول إليه الأمور : هل سيرضى الشارع عن التشكيلة الجديدة أم هل سيطالب هذه المرة بمجلس تأسيسي يتولى إدارة البلاد و تشكيل الحكومة حتى يغلّق الأبواب هذه المرة أمام محمد الغنوشي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
سأختم اليوم أو الآن كلامي و أتوجه إلى السيد وزير العدل في تونس لأطلب منه إضافة تهمة إثارة الفوضى في البلاد و الإضرار بمصالحها الاقتصادية إلى لائحة الاتهامات الموجهة إلى زين العابدين بن علي و أفراد عائلته المتورطين أصلا في قضايا الفساد.

و أطمئن الجميع أن شعب تونس صبور بما فيه الكفاية و جل أبناءه واعون و مثقفون و مدركون لدقة المرحة المقبلة و قد ساهمت هذه الثورة في تنضيج وعيهم السياسي و في كلتا الحالتين المتوقعتين الآن لنا أن نفخر بما حققناه من خلع لرئيس أبى الرحيل و جثم على قلوبنا ما يقارب الربع قرن.
ففي حالة بقي الغنوشي فهو يعلم و يدرك تماما كما كل شخص قد يتولى منصبا من هنا فصاعدا أن اللعب و التلاعب بالشعب التونسي أمر ممنوع و مستحيل لأنه شعب يعرف السكوت صحيح لكنه حين ينتفض يتصدى لكل مسئول جائر و ان طغى في الأرض و تجبر.
و في حالة رحيل الغنوشي ففي البلاد رجالات من أبناء و بنات الوطن مخولون لتولي شؤون البلاد.

قد يأخذ السيناريو الثاني وقتا أطول لنجني ثماره لكن حسبنا أننا هذه المرة سنقيم نظاما على أسس صحيحة يكون فيه الحكم ديمقراطيا في كنف العدالة و المساواة. حكم يفصل بين السّلط الثلاث و يضمن القانون حسن سيرها كما يولي للسلطة الرابعة أي الصحافة مكانتها بحكمها الرقيب الأول و الفعال.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !