يوميات بعثيٍ مستقيل
بصراحة .. لقد ترددت كثيراً قبل أن أقدم استقالتي إلى ذاتي .. ترددت كثيراً قبل أن يستيقظ المارد العربي في داخلي .. قبل أن يزهر ربيع الثورة في ضميري ، وتجري دماء الكرامة في عروقي ... ولكنني حسمت أمري وكتبت إليكم .. إلى كل سوري قبّل تراب وطنه .. إلى كل سوري شم هواءه واغتسل بماءه .. إلى كل سوري يعشق الحرية ويأبى الهوان ... ولدت في عائلة بعثية باحتراف ، تعرف جيداً كيف تعيش في ذاك المستنقع الكبير ذا الأربعين عاماً في مزبلة تضم أوسخ وأقذر ما يمكن .. في حزب كاذب مؤمن بالتسلط والاستبداد ... يسمى حزب البعث
كل أقاربي يعملون هناك .. كل من أعرفه عضو عامل في حزب قذر يدعونه حزب البعث .. باختصار لقد تربيت على مبادءه التي تتشابه إلى حد كبير مع الطفيليات
تلك الطفيليات التي تمص دم شعب طيب ليس مثله شعب في العالم .. تلك الطفيليات التي خلقها ميشيل وصلاح ورباها أكرم وتبناها حافظ .. هذا المجرم الذي اقتلع كل شجيرة ياسمين دمشقية وداس بدباته المضرجة بدماء الطفولة كل صوت سنونو نبتت جناحاه وهب أن يطير ... جعل من سوريا مدجنة دجاج مطيعة وكان الديك الوحيد الذي يصيح فيها .. نعم يا سادة لقد عشت في سوريا على مبدأ وحيد يسمى المصلحة التي تتلخص بكيفية الاستفادة مما يعيشه وطني البائس لكي أسمن ويجوع غيري .. لكل تمتلئ جيوبي ويفنى غيري .. وبغض النظر عن الكوابيس التي كانت تراودني آنذاك بأنه سيأتي يوم ويتغير كل شيء .. ولكني كنت أفيق من نومي لأستعيذ من ذلك وأقرأ آية الكرسي حتى لا أعود فأرى تلك الكوابيس المزعجة .. واستفدت من هذا الوضع إلى أبعد درجة ... كنت دائما المفضل عن غيري في كل مكان لأنه هناك من يدعمني فلا أحد يقدر أن يشجبني عن شيء .. كنت السابق في أي شيء أريده من أي دائرة حكومية .. كان الموظف يضرب لي تحية ويجلسني مكانه ويطلب لي فنجان قهوة ويشعل سيجارتي بينما يتم المعادلة التي أطلبها ... لست بصدد تلك الآثام التي ارتكبتها بحق وطني وبحق ذاتي قبل ذلك
عشت المرفه المنزه إلى أن جاء دوري في العمل .. فانجررت إلى تنظيم نفسي في ذلك الحزب اللعين كي أكون المواطن الدرجة الأولى أو لكي أبقى ...
فهذه العضوية تضمن لي ذلك بعد ذهاب من يوفر لي الدعم إضافة إلى أن ميراث عائلتي يفرض علي ذلك ..درست مبادئ الحزب وتعمقت بها وصدقت كل كلمة جاءت في دستوره .. لاطيباً بل غصباً .. دفنت عقلي وقطعت لساني وحفظت الشعارات التي يجب أن أحفظها.. ولكن بعد ذلك بدأت تتكشف لي حقيقة أفظع مما كنت أعرف ... فلم نكن منتسبين إلى حزب عربي .. أو ديني أو وطني ... بل لم نكن منتسبين إلى حزب بالمرة ... بل كنا كخدامين لعصابة كبيرة تسرق البلد وتعطينا من الجمل أذنه ...فنحن لم نكن ندافع عن لبنان بل نحتله .. ولم نكن ندعم الفلسطينين بل قتلناهم .. لم نكن نحارب من أجل الجولان بل بعناه بأبخس الأثمان .. وإلى تلك الأمور التي لا تخفى على أي منكم .. فكل ما فعله هذا الحزب الخائن هو تحويل سورية إلى قطعة أرض تملكها عائلة واحدة دون الشعب ... يسرقون ما يريدون ويقتلون من يريدون كأنهم أربابنا .. بل هم عدوا أنفسهم ذلك فعلاً .. وللأسف كنا نحن زبانيته المطيعين
ولكن لم تكن باليد حيلة !! .. فإن سكت فأنا أخون عروبتي وقوميتي ووطني .. ولكنني أحافظ على مكانتي ...وإن تكلمت فستكون حياتي هي الثمن .. ففضلت السكوت وما تكلمت .. فيوم مات المقبور حافظ بكيت ويوم استلم بشار الخائن بايعته بالدم .. كل ذلك لأني كنت منتسباُ لفصيلة الخونة .. لفصيلة السوري الذي فقد سوريته ..
ولكن في عروقي تجري الدماء وليس المياه وفي رأسي ضمير لا كيس تبن
فمن يموت على أيدي الجبناء أهلي لا اليهود
لذلك أشهدكم .. أشهد سوريا من القامشلي حتى حوران .. من ادلب الخضراء حتى السويداء .. أني مستقيل من حزب الشياطين هذا ,, ولا عودة
يدي بيدكم حتى إسقاطه ويد الله معنا
لقد زرعتم بي الأمل حين ثرتم ... لقد أيقظتم الإنسان في داخلي حين قمتم تجابهون ظلام الليل .. يا أبطال سوريا .. وأني وكل من معي وكل من بقي في ذلك الصف جبناء بل أجبن من أن ننظر للشمس بأعيننا .. أنا خجول منكم .. أنا أصغر من أن أحمل الهوية السورية .. ولكنني ها قد أتيت كافراً بكل معتقداتي التي آمن بها سابقاً والتي بقيت في مراتعها زمناً ليس بقليل .. أتيت إليكم مؤمناً بشيء واحد إسمه الثورة .. الثورة ضد البعث الجائر ... ضد بشار الخائن وعائلته المتعطشة للدماء .
فجر سوريا قادم من خلف السحاب ..بذرة الحرية والكرامة تتفتق الآن أولى أوراقها الخضراء ... فدم إخوتي الذين استشهدوا مشعل سيضيء الكون وسيجلي ليل الاستعباد.
لا تستغربوا مني ومن كلماتي .. فلعلكم تتسائلون : كيف لمثلي أن يترك ماهو فيه وبقاء الأسد المزور في مصلحته ؟؟
ولكنني أريد أن أذكركم بأني لا زلت سورياً ولا زال وطني يعنيني .. وأنتم عائلتي الكبرى وبيتي الدافئ .... وكل من اغتالته يد البعث الحقير .. وشرب من دمه بشار وماهر وقاصف وآل مخلوف وآل شاليش وكل من تلوثت يده بالدم أيضاً من كلاب تساندهم على قتل كل حر أبى أن يصمت على الذل ..سوف يدني حبل المشنقة من رقابهم جميعاً وإنا والله لفاعلون
تباً لحزب البعث الخائن ,, تباً لحزب الإرهاب ... تباً لمن جعلنا شيعاً وقبائل وكنا من قبل يداً واحدة ... وها نحن نعود
تباً لهم من تاريخ 7 نيسان 1947 وحتى تاريخ هذا اليوم
فحاجز الخوف انكسر والصنم قد تحطم وهبل قد سقط .. وها قد عاد اسم الحرية يتلألئ في سماء وطني الزرقاء ... لن أستطيع أن أكتب أكثر من ذلك .. لأن إخوتي الثوار في انتظاري ... والجنة في انتظاري ..
وأنا متأكد بأنكم لم تنسوني .. ولن توقفوا نضالكم من بعدي .. إن مت
ويدي بيدكم لبناء سورية الحرية والكرامة
وداعاً إخوتي .. أنا ذاهب لكسر قيد الهوان والذل وتحطيم نير العبودية
لأفتح الباب للحرية وأسقط البعث الخائن
التعليقات (0)