الإتحادات (البطالية)و(الطلابية)الحـُرَّة :
قبل أن أبدأ نشاطي الفعلي بمحطة الحافلات...علي الإنفراد بنفسي في فترة لما يشبه ترقبا للأوضاع السائدة بالمكان..!..والأهم من ذلك ، أنه يتوجب علي معرفة التنظيمات الموجودة ، فالتحرك لايكون إلا بالإنخراط في إحدى المنظمات الحُقوقية ، فهي التي تساهم بشكل فعال في تخفيف مدة العقوبة ، أو فلنقل إنها تقلص وسائل التعذيب خوفا من تدخل هيئات الأمم المتحدة التي تزعزع الكراسي في هزاتٍ أرضية ينجم عنها تطايراً للشظايا فوق رؤوس المواطنين بحملات تكميمية وإستجوابية مُضنية حقا..؟!
وقد فكرت أول ما فكرت في إنشاء تنظيما أسميه (الإتحاد البطالي الحر) على غرار الإتحاد الذي كنا ننزوي تحت لوائه أيام دراستنا بالجامعة..وحيث كانت حياتنا لامعة...فأنا أذكر كم كانت السلطات تخشى من أصوات الطلبة الجامعيين..وأذكر إنهيال (الهراوات) علينا وخراطيم المياه الساخنة التي تواجهنا بها قوى الشرطة القامعة...؟!
فالطالب الجامعي كان صوتا قويا وحقيقيا للعلم والثقافة...لذا كان يزعج (المسعولين) الذين لايكاد يغمض لهم جفن( بعد طول سعال) حتى نصدر زئيراً قويا بأصواتٍ مُدوية تجعلهم يُرسلون (مُهرجيهم) ليسجنونا كـَأ ُسْدٍ يجب أن تُروّض أو على الأقل يجب أن تظل خلف تلك الأسوار قابعة....؟!
يالها من فترة خصبة في حياتي تلك التي كنت فيها ناشطا حقوقيا.. وتحملتُ فيها أساليب القمع دون عمل حساب لأهمية القضية ، فجميع القضايا كانت على مُستوى واحد مِن الأهمية..والدافع الوحيد الذي كان لدي هو التعبير عن رأيي حتى ولو كلفني ذلك الإصابة بالكدمات..التي تزيدني رؤيتها بالمرآة إرادة وعزما على الإستمرار في نضالي..؟!.واستمر نشاطي حتى تخرجت من الجامعة...لأبتعد بذلك عن أجواء الحماسة تلك ، فأجد نفسي جديدا على شارع الحياة ، حيث تكثر القضايا..بل هي أكبر من تلك التي كُنت أدافع عنها باستماتة في الجامعة...فلا أكاد أنبس ببنت شفة حتى أتذكر أنني لستُ أسدا كما كنت..! بل أنا هنا قزمٌ يموت صوته قبل أن يسمعه أحد..؟!...لكنني مُصر على إنشاء إتحاد للبطالين هنا بالمحطة ، ففي النهاية لها أيضا أسوار كأسوار الجامعة ما يمنحنا حظوظا أوفر لإيصال إنشغالاتنا التي أصبحت تنحصر على (وزارة العمل والتضامن الإجتماعي) كهدف وحيد !.. وبرنامج العمل يتضمن (أرقاما) هذه المرة ، لأننا أصبحنا نحسب الوقت الضائع أيضا بالمال ، لذا سنحتاج إلى تعويضات كبيرة تعيد كرامتنا المهدورة ما بين (الطالب)و(البطال)؟!.
تاج الديــــن : 2009
التعليقات (0)