تعود تسمية جسر الشغور بهذا الاسم لأمرين, الأول: جسر: وهو نسبة إلى الجسر الحجري الممتد فوق نهر العاصي المار منها. والثاني: إضافته إلى كلمة الشغور, التي يعتقد أنّها معدولة عن كلمة (الثغور) والتي تعني المناطق الحدودية التي يخشى دخول العدو منها, وجسر الشغور كما هو معروف من المناطق الحدودية, فأصل التسمية (جسر الثغور) ومن ثمّ تحولت إلى جسر الشغور لأنها أخفّ للنطق وأسهل، كما يمكن نسبة كلمة الشغور إلى قلعة الشغر الموجودة شمال غرب المدينة وفي اللغة العربية الشغور هي الأرض الخصبة الكثيرة المياه.
تاريخ مدينة جسر الشغور الظاهر للعيان يدل على أنها لا تعود في قدمها إلا إلى أوائل القرن السابع عشر وقد أشار عدد من الرحالة إلى أنها حديثة العهد حيث ابتدأت المدينة بخان وجامع وحمام باعتبارها على طريق القوافل من حلب إلى الساحل الشامي ومن ثم بدأت العائلات بالتوافد للاستفادة من المرافق العامة التي امنتها السلطنة العثمانية هذه، من آثار المدينة الجامع الكبير /الكوبرلي/ - الخان – الحمام –حي آل النجاري المعروف باسم((حي القلعة)) الأثري حيث بيوتات آل النجاري الكبيرة المبنية على الطراز العربي القديم والتي يعود تاريخ بنائها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ويعرف الحي بهذا الاسم كونه يقع في أعلى منطقة من المدينة القديمة وكذلك بالمدينة العديد من المواقع ألآثرية وكذلك الجسور التي تعود إلى العصر الروماني، وعلى الطريق المتجهة شمالا نحو حمام الشيخ عيسى تجد سبيلاً خيرياً يعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين المنصرم كتب عليه:((وسقاهم ربهم شراباً طهوراً))وقد أنشأته السيدة طل النواهي خليل آغا صدقة جارية عن روح زوجها المرحوم عبد الحسيب آغا النجاري يذكر ان حي (القلعة) وهو الحي الأقدم في جسر الشغور يعتبر من المناطق الأثرية التي يمنع هدمها أو تغيير معالمها في دلالة واضحة على عراقة هذا الحي.
المعالم الأثرية==
الجامع الكبيرمن المعالم الأثرية القيمة والباقية، بناه محمد باشا الكوبرلي، كما أشارت إلى ذلك الوثائق وخاصة الرحالة الخياري 1080هـ/1699م " أن المسجد العظيم الذي أنشأه الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) محمد باشا الكوبرلي بين يديه رحبة فوار ماء عظيم وبه بحرة ماء عليها مربع مغشى بالرصاص، وفي البحرة أنابيب الوضوء والمسجد مبيض الجهات، عليه قبة واحدة عظيمة الوضع، وبه محراب مشرق ومنبر كذلك.وماء هذه البحرة ينبع من جبل هناك حلو بارد وليس من نهر العاصي " وقد نظم الرحالة الخياري أبياتا من الشعر في وصف الجامع فقال :
مررنا بوادي الشغر قد رق ماؤه وراق هواه فاستطبناه منزلا به مسجد حلاه لعابد فالله ما أبهاه وضعا وأفضلا أثاب اله العرش بانيه رحمة ومغفرة حتى تعم وتشملا و عمّره بالنا سكين به لكي يكون مدى الأيام بالنسك مؤهلا
يقع الجامع الآن في وسط البلدة وقد تغيرت بعض معالمه إذ جدد مرة أخرى كما كتب فوق ساقفة باب الحرم " ما شاء الله كان جدد هذا الجامع الشريف وقف الحاج محمد باشا الكوبرلي زادة في سنة إحدى وأربعين ومايتين وألف 1241هـ " أي أنه جدد قبل عام من تجديد الخان، وتم التجديد الأخير عام 1393هـ/1973م والجامع مؤلف من قبة واحدة واسعة نقوشها بديعة وجميلة والمئذنة مبنية على الطراز التركي ويجد الزائر لمدينة جسر الشغور اختلافا كبيرا في وصف الجامع الذي ذكرناه وفي ما يشاهده وذلك بسبب الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1237هـ/1822م الذي أثر بشكل غير كبير على جامع الكوبرلي.
أبرز أعلام المدينة
1- سليم آغا بن الحاج بكري النجّاري : عضو مجلس أعيان ولاية حلب في عهد الدولة العثمانية ،توفي في حلب عام 1915 ودفن فيها في ذات المقبرة التي دفن فيها فيما بعد إبراهيم هنانو وسعدالله الجابري.
2- عبد الحسيب آغا النجّاري زاده : قائد جيش المنطقة الشمالية في عهد الملك فيصل عام 1919 م.
3- جمعة بيك بن سليم آغا النجّاري أحد أبرز قادة المقاومة في شمال سورية في عهد الاحتلال الفرنسي.
4- الأستاذ عمر فوزي بن سليم آغا النجّاري - والملقب باسم عمر أفندي - من أوائل المتعلمين في الشمال السوري ومؤسس أول مدرسة حديثة في جسر الشغور، تخرّج في الأستانة - استانبول - وعيّن برتبة ضابط في الجيش العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى.
5- نجدت بيك بن حسيب آغا النجّاري : النائب الذي افتتح أول برلمان وطني في التاريخ السوري ومثّل منطقة جسر الشّغور في البرلمان السوري لأربع دورات متتالية في الفترة 1943-1963 م.
6- نعسان بيك بن زكي آغا النجّاري : مقرّر لجنة الأقاليم في البرلمان السّوري في نهاية خمسينيات القرن العشرين كما شغل منصب سفير سوريّة في إيران في تلك الفترة.
10-محمد أغا حاج بكري من زعماء المنطقة الشمالية في جسر الشغور وصاحب تبرعات وأعمال خيرية.
7- زكي آغا النجّاري : زعيم منطقة جسر الشّغور خلال العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين.
8- الدكتور عبد الكريم شحادة : أستاذ ومؤسس قسم الأمراض الجلدية في جامعة حلب عام 1975 م وهو من مؤسسي الجمعية السورية لأمراض الجلد وشغل منصب أمين عام رابطة اتحاد أطباء الجلد العرب وهو من مؤسسي الجمعية السورية لتاريخ العلوم عند العرب.
9- الدكتور إبراهيم بحرو : نقيب أطباء اللاذقية سابقاً ومؤسس مشفى بحرو الجراحي في اللاذقية.
10- الحاجه فريده سيجري بنت الشيخ صالح سيجري وهي أول امرأه من جسر الشغور تتخرج من الجامعه السوريه كلية القباله عام ١٩٣٦ وأول امرأه تنتخب للبرلمان خلال الوحده بين سوريا ومصر
11- الفنان جميل قاشا: فنان تشكيلي تخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1982. وأقام معارض عديدة في سورية تجسدت في النحت على الحجارة المستخرجة من نهر العاصي والنهر الكبير الشمالي , كما أقام معرض نحت في امستردام بهولندا عام 1993.
السكانفي حقيقة الأمر لم يكن الموقع المجاور للجسر مأهولاً بالسكان سنة /1648/م بل كان هناك خان صغير وكان الطريق غير آمن، وبعد بناء الخان الكبير تحول سكان القرى إلى الاستيطان بقربه نظراً لإعفائها من الرسوم والضرائب، ولقدوم الحجاج والتجار إليها أقيمت المنشآت الخدمية بدءاً من عام /1069هـ-1658م/ وفي عام /1671/م كان فيها حوالي /100/ بيت وسكانها حوالي /700/ نسمة، وفي عام 1727 ميلادي استقر فيها إسماعيل النجاري - الجد الأكبر لآل النجاري قادماً من نجد في الجزيرة العربية ,ولا تزال المدينة نقطة جذب للكثيرين من سكان المناطق المحيطة للسكن فيها ولايخطئ الباحث في ديموغرافية المدينة التنوع الديني والعرقي المتاصل حيث سكانها من المسلمين والمسيحيين وفيها الكثير من ذوي الاصول الشركسية والتركمانية والكردية والكل يعيش في طابع عروبي من العادات والتقاليد. وقد ذكر الرحالة كورانسيز /1809م/ أنها بلدة مكتظة بالسكان. ومن الواضح زيادة النمو السكاني في المدينة ففي عام /1945م/ كان عدد السكان /8700/ نسمة وازداد إلى /13881/ نسمة عام /1962م/ وفي إحصائيات عام /1986م/ كان عدد السكان /25735/ نسمة وفي إحصائية العام /2000م/ بلغ عدد السكان /35187/ نسمة وفي عام /2001/ وصل عدد السكان إلى /37741/نسمة، وللعلم فإن أعدادا كبيرة من شبابها يقيم في المهجر في أوروبا وأمريكا وهنالك أسر بأكملها هاجرت إلى المدن السورية الأخرى كحلب واللاذقية وحمص ودمشق وأقامت فيها.
الزراعةجسر الشغور المدينة الحالية تعتبر من المدن ذات الإنتاج الزراعي الوفير وأغلب مزروعاتها الأشجار المثمرة (المشمش والخوخ والتفاح والرمان واللوز والجوز والزيتون والكرمة والحمضيات)ولعل الزيتون أشهر مزروعاتهاوهي تمتاز به عن غيرها من المدن السورية، ولهذا تكثر معاصر الزيتون فيهاولعل أقدم معصرة تلك الموجودة في قبو بناء المرحوم الأستاذ عمر فوزي أفندي النجاري ويعود تاريخ إنشائها إلى أوائل القرن العشرين وكان يطلق عليها اسم / منجناmangana/ وهي حاليا ضمن بناءآيل للسقوط بسبب تعرض البناء لحريق إثر الأحداث التي عصفت بالمدينة مطلع ثمانينات القرن العشرين مما أدى إلى توقفها عن العمل, أما الخضراوات فهي كثيرة بسبب ري الأرض الدائم من نهر العاصي.
] الصناعةجسر الشغور مدينة صناعية وتجارية حيث يوجد فيها عدد جيد من التجار والصناعين الذين يقومون على منشآتهم الصناعية والتجارية ولعل أكثر ما تشتهر به صناعة الألبان والأجبان والتخليل، كما أن الدولة أولت اهتماماً بالمدينة حيث يتواجد فيها الكثير من المنشآت الحكومية الصناعية مثل (شركة سكر الغاب – محطة توليد كهرباء زيزون) وشركات صناعية تعود للقطاع العام وكذلك مصانع لعدد من الصناعات وغيرها.
التعليمافتتحت أول مدرسة في جسر الشغور فترة الاحتلال الفرنسي ،من قبل الأستاذ الجليل المرحوم عمر فوزي سليم آغا النجّاري (1894 - 1989 ميلادي) والمعروف باسم (عمر أفندي) منهياً بذلك عصور طويلة مما كان يعرف بالكتاتيب وبيوت تعليم القراءة المحدودة حيث تخرّج على يديه مثقفي ومتعلمي منطقة جسر الشغور ممن أبدع في مجالات الأدب والطب أواسط القرن العشرين المنصرم ومنهم المرحوم الأستاذ الدكتور عبد الكريم شحادة أستاذ ومؤسس قسم الأمراض الجلدية في جامعة حلب ورئيس جمعية أطباء الجلد السوريين سابقاً والمرحوم الدكتور إبراهيم بحرو نقيب أطباء اللاذقية سابقاً والأستاذ الدكتور زياد درويش عميد كلية الطب البشري في دمشق سابقاً والدكتور عبد القادر بحرو رئيس قسم الأمراض الجلدية في المشفى الوطني في اللاذقية سابقاً والدكتور عبد القادر فقفوقة وغيرهم كثر ممن أثرى الساحة الطبية والثقافية والعلمية في سورية. ومن النادر أن يجد زائر مدينة جسر الشغور رجلاً أميّاً حيث أن أغلب أهالي المدينة ذوو ثقافة فوق المتوسطة فأغلبهم يحمل الشهادة الثانوية فما فوقها وذلك يعود إلى سببين أهمهما كثرة المدارس حيث يبلغ عدد مدارس المدينة / 25 / مدرسة للتعليم الأساسي، ثانوية عامة للبنين، ثانوية عامة للبنات، ثانوية صناعية، ثانوية للفنون النسوية، ثانوية زراعية، ثانوية تجارية ويوجد رافد لهذه المدارس هو المركز الثقافي في المدينة الذي يولي اهتماما كبيرا للتوعية بجميع المجالات.
الخدمات الصحيةومن الجانب الصحي فإن المدينة تعتبر مخدمة بشكل جيد حيث يوجد فيها مركز صحي (مستوصف) و/3/مشافي خاصة ومشفى حكومي واحد قيد الإنجاز ويبلغ عدد الأطباء البشريين / 41 / طبيباً وعدد أطباء الأسنان / 30 / طبيباً ويوجد فيها /26/صيدلية و/4/مخابر للتحليل و/ 6/مخابر للتعويضات السنية ومستوصف خيري تابع لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، وتعد الخدمات الصحية عالبة المستوى في مدينة جسر الشغور.
التعليقات (0)