مواضيع اليوم

يهوذا الاسخريوطي في الاناجيل القسم الثاني عرض ونقد

www.lik.ps لايك

2010-03-08 14:46:25

0

سبب تسليم يهوذا ليسوع
ولكن كيف ومتى ولماذا فكر يهوذا في تسليم يسوع احد الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد كما تقول الكنائس؟
لنقرأ النصوص التالية:
- حينئذ ذهب واحد من ألاثني عشر الذي يدعى يهوذا الاسخريوطي إلى رؤساء الكهنة, وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم,
فجعلوا له ثلاثين من الفضة,
ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه. (متّى26/14-16)
- ثم إن يهوذا الاسخريوطي واحد من ألاثني عشر مضى إلى رؤساء الكهنة ليسلمه إليهم, ولما سمعوا فرحوا ووعدوه ان يعطوه فضة. (مرقس14/10-11)
- وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح,
دخل الشيطان في يهوذا الذي يدعى الاسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر, فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقوّاد الجند كيف يسلمه, ففرحوا وعاهدوه ان يعطوه فضة. (لوقا22/1-6)
- فحين كان العشاء وقد ألقى الشيطان في قلب يهوذا الاسخريوطي ان يسلمه . (يوحنا13/2)
هذه النصوص هي التي ذكرتها الأناجيل الأربعة عن الزمن الذي فكر فيه يهوذا بتسليم يسوع كما أنها تتحدث عن السبب الذي دفعه لعمل هذه الفعلة وكما نلاحظ أن كل إنجيل يعطينا قصة مختلفة عن الأخرى.
فنجد ان متّى جعل السبب في قيام يهوذا بهذا العمل هو سعيه وراء ثلاثين من الفضة اعتماداً منه على ما جاء في احد المزامير التي تذكر الثلاثين من الفضة وكنت قد أظهرت أن هذه الفضة والمزمور كله أيضاً لا يتحدث عن يسوع في كتاب مصادر الأناجيل.
ولهذا نجد أن مرقس ولوقا لم يقتنعا بهذا المزمور فلم يذكرا الثلاثين من الفضة ولكنهما كانا بحاجة إلى سبب كي يسلم يهوذا يسوع فقالا إن اليهود وعدوه وعاهدوه بان يعطوه فضة دون عدد!
كما أن يوحنا كتب القصة دون ذكر للفضة أصلاً!
وكيف يكتب يوحنا ان يهوذا قام بتسليم يسوع مقابل ثلاثين من الفضة أو مقابل فضة دون عدد وهو الذي كتب عن يهوذا انه كان سارقاً في القصة التي تذكر ان مريم المجدلية دهنت رجلي يسوع بطيب ثمنه أكثر من ثلاثمائة دينار, فإذا كان بعض الناس يدهنون قدمي يسوع بطيب يساوي ثلاثمائة دينار فكيف سيكتب ان يهوذا سلم يسوع من اجل فضة او من اجل ثلاثين منها؟!
ويهوذا كما يصفه يوحنا كان حافظ صندوق المال وكان يسرق منه, فيهوذا كان يمكن ان يسرق أكثر من هذا المبلغ بكثير دون الحاجة لتسليم يسوع, لهذا لم يذكر يوحنا قصة الفضة مطلقاً!
كما ان الأناجيل تختلف في الوقت الذي دخل الشيطان في يهوذا فمتّى ومرقس لم يذكرا ان الشيطان دخل في يهوذا, وأما لوقا فذكر ان الشيطان دخل في يهوذا قبل الفصح وإما يوحنا فيقول إن الشيطان دخل وقت عشاء الفصح, وهذا يطرح سؤالاً كبيراً على أصل القصة, إلا إذا قلنا إن الشيطان كان يدخل في يهوذا ويخرج كما يدخل الإنسان إلى بيته ويخرج منه!
مع ان الأناجيل تخبرنا كما في النصوص التي ذكرتها سابقاً ان يسوع أعطى تلاميذه القدرة على إخراج الشياطين ويهوذا من التلاميذ فكيف لم يستطع ان يخرج الشيطان من نفسه اذا كانت وعود يسوع لتلاميذه صحيحة؟!
واذا كان يهوذا لم يستطع ان يخرج الشيطان من نفسه كما حدث مع التلاميذ عندما عجزوا ان يخرجوا احد الشياطين من إنسان وقال لهم يسوع بعد ان أخرجه أنهم لم يستطيعوا أن يخرجوه لقلة إيمانهم, فلو قلنا إن يهوذا لم يستطع إخراج الشيطان بسبب قلة إيمانه فلماذا لم يخرجه يسوع؟
وهنا تسارع الكنائس وهي تكاد تطير من الفرح بالإجابة إذ أن من أهم بنود قوانين إيمان الكنائس تقول ان يسوع جاء الى هذه الدنيا كي يُصلب ليرفع خطيئة الأكل من تلك الشجرة, فتقول لك وكيف يخرجه من يهوذا وهو, أي يسوع, ما جاء إلا ليُصلب كي ترتفع الخطيئة الأبدية التي يتوارثها أبناء آدم.
وهذا الجواب يكون صحيحاً وحقيقياً لو لم يكن يسوع قد أمضى الليلة الأخيرة وهو يصلي كي لا يُصلب, كما إن هذا الجواب يكون في مجال المنطق لو أن صرخات يسوع لم تملأ آذاننا وهو يصرخ إلى إلهه وهو معلق على الصليب إلهي إلهي لماذا تركتني!
إعلان يسوع عن خيانة يهوذا
فهذه بداية انحراف يهوذا كما كتبتها الأناجيل الأربعة وفيها ما فيها من الاختلافات, فمتى أعلن يسوع عن خيانة يهوذا وهل يمكن ان يكون هناك اختلافات بين الأناجيل في ذكر قصة إعلان خيانة يهوذا؟
لنقرأ النصوص التالية ثم نرى ان اتفقت الأناجيل على ذكر قصة الإعلان عن هذا الخائن الذي سيقوم بتسليم يسوع احد الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد كي يجلده اليهود ومن ثم يصلبوه حتى ترتفع خطيئة آدم وزوجه لأنهما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها, وتتصالح الاقانيم الثلاثة مع آدم وذريته.
- وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحدا منكم يسلّمني,
فحزنوا جداً, وابتدأ كل واحد منهم يقول له أنا هو يا رب,
فأجاب وقال الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني,
ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه,
ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الانسان, كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد,
فأجاب يهوذا مسلّمه وقال أنا هو يا سيدي,
قال له أنت قلت. (متّى26/26-30)
- ولما كان المساء جاء مع الاثني عشر, وفيما هم متكئون قال يسوع الحق أقول لكم إن واحدا منكم يسلمني, الآكل معي,
فابتدئوا يحزنون ويقولون له واحدا فواحدا هل أنا, وآخر هل أنا,
فأجاب وقال لهم هو واحد من الاثني عشر الذي يغمس معي في الصحفة,
إن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. (مرقس14/17-21)
- ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولاً معه,
ولكن هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة,
وابن الإنسان ماض كما هو محتوم, ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه,
فابتدئوا يتساءلون فيما بينهم من ترى منهم هو المزمع أن يفعل هذا. (لوقا22/14-23)
كما نلاحظ من هذه النصوص ان متّى ومرقس ولوقا اتفقوا على الكيفية التي أعلن بها يسوع خيانة يهوذا مع اختلاف بسيط في الألفاظ, ولكن ما يلاحظ على النصوص هو الطريقة في الإعلان فيسوع على الرغم من صفته التي تقدمها الكنائس له باعتباره الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد لم يصرح بشكل مباشر عن الخائن ولكنه قال الذي يغمس يده معي في الصحفة وفي النص الثاني الآكل معي وفي النص الثالث قال ولكن هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة, ونحن نعلم أن الجميع كان يغمس يده في الصحفة وكذلك الجميع كانوا يأكلون معه وأيديهم جميعاً كانت معه على المائدة فهذه الطريقة لا أظن أنها الطريقة المناسبة لإعلان يسوع احد الاقانيم الثلاثة عن خائن من مخلوقاته كما تقول الكنائس, فلماذا أعلن يسوع عن خيانة يهوذا بهذه الطريقة؟
ألم يكن في وسع يسوع أن يفضح يهوذا أمام التلاميذ فيقوم التلاميذ بقتل يهوذا, هذا إذا لم نقل أن يقوم ملاك من الملائكة الذين تقول الأناجيل أنهم من مخلوقاته أيضاً باعتباره احد الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد كما تقول الكنائس, فلو أعلن يسوع عن خيانة يهوذا مباشرة ألم يكن باستطاعة التلاميذ وهو معهم على قتل يهوذا!
أو على الأقل حجزه حتى يستطيع يسوع الخروج من أورشليم والذهاب إلى أي مكان يستطيع الاختباء فيه, هذا إذا لم نقل صعوده إلى السماء عند الاقنوم الأول؟!
هنا يأتينا قول الكنائس إن يسوع ما جاء إلا ليُصلب من أجل البشرية وحمل إثم الخطيئة التي أخذوها وتوارثوها من أبيهم آدم.
وأُعيد القول عليهم بان ما ذكرتموه في الأناجيل عن صلاة يسوع طوال الليل من أجل أن لا يُصلب ثم صراخه على إلهه وهو معلق على الصليب الهي الهي لماذا تركتني يدل على عدم رضاه عن عملية الصلب كلها.
وكذلك فان هذه الأفعال من يسوع تدل على انه غير مساو للاقنوم الأول, لا بل هو غير مساو للاقنوم الثالث لان يسوع قال ان من يشتم الاقنوم الثالث الروح المقدس فلن يغفر له بينما من يشتمه هو شخصياً فهو مغفور له, فالشخصية المحمية من الشتم لا أعتقد ان هنالك من يخالفني أنها أعظم من الشخصية التي يُغفر لمن يشتمها ويجلدها ويعلقها على الصليب!
كما نرى أيضاً من النصوص ان كتبة الأناجيل اتفقوا على كتابة ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه, ولست ادري أين قرأ متّى ولوقا ومرقس ويسوع والروح المقدس أن ابن الانسان مكتوب عنه انه سيُصلب ويُجلد ويُستهزأ به!
أما يوحنا فقد توسع في ذكر قصة اعلان يسوع خيانة يهوذا كما في النص التالي:
- أنا اعلم الذين اخترتهم لكن ليتم الكتاب الذي يأكل معي رفع عليّ عقبه, أقول لكم الآن قبل ان يكون حتى متى كان تؤمنون اني انا هو,
الحق الحق أقول لكم الذي يقبل من ارسله يقبلني والذي يقبلني يقبل الذي أرسلني,
ولما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمني,
فكان التلاميذ ينظرون بعضهم الى بعض وهم محتارون في من قال عنه,
وكان متكئاً في حضن يسوع واحد من التلاميذ كان يسوع يحبه,
فأومأ اليه سمعان بطرس ان يسأل من عسى ان يكون الذي قال عنه,
فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو,
أجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة واعطيه,
فغمس يسوع اللقمة واعطاها ليهوذا الاسخريوطي,
فبعد اللقمة دخله الشيطان,
فقال له يسوع ما انت عامله فاعمله بأكثر سرعة,
واما هذا فلم يفهم احد من المتكئين لماذا كلمه به,
لان قوماً اذ كان الصندوق مع يهوذا ظنوا ان يسوع قال له اشتر ما تحتاج اليه للعيد أو ان يعطي شيئاً للفقراء فذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت وكان ليلاً. (يوحنا13/21-30)
كما نلاحظ من النص ان يوحنا أخذ القصة في اتجاه مخالف كلياً للقصة التي كتبت في الاناجيل الاخرى, اذ انه في قصته بدأ بالاستشهاد بنص من العهد القديم الذي يقول ان الذي يأكل معي رفع عليّ عقبه, ومن يقرأ النص كاملاً في العهد القديم يعلم انه لا يتحدث عن يسوع بل هو جزء من الطريقة التي اتبعها كتبة الاناجيل في اخذ الكثير من نصوص العهد القديم وقصصه وانزالها على يسوع للقول ان يسوع جاء ذكره في العهد القديم.
ثم يقول ان من يقبل من يرسله يسوع فانه يقبل يسوع وان من يقبل يسوع فانه يقبل من ارسل يسوع, وفي هذا اشارة قوية جداً على ان يسوع ليس احد الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد.
ثم يعطينا يوحنا اشارة اخرى عن عدم احساس يسوع بموضوع الأقانيم الثلاثة ووحدتها بقوله ولما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمني, وهذا الاضطراب بالروح يدل على ان الروح ليس كامناً فيه ولا هو جزء منه بل هذا الروح يأتي ليسوع ويذهب كما كان يحدث مع انبياء العهد القديم.
وبعد ان اضطرب يسوع بالروح كما كتب يوحنا والاخرين لم يكتبوا قال ان واحداً منهم سيسلمه, وهنا يأتي الاختلاف في القصة مع الكتبة الاخرين اذ انهم قالوا ان جميع التلاميذ حزنوا وسألوا يسوع من يكون مُسَلمه حتى ان متّى ذكر ان يهوذا الاسخريوطي سأله! واما يوحنا فذكر لنا ان بطرس أومأ اليه ليسأل يسوع عن مسلمه في تفصيل لا يخلو من مدح يوحنا لنفسه, وقال يوحنا ان يسوع أعطى اللقمة ليهوذا فدخله الشيطان وهنا لا اريد تكرار ما قلته سابقاً عن السبب الذي منع يسوع من اخراج الشيطان من يهوذا, بل اريد التوقف امام محاولة يوحنا في اظهار نفسه انه كان محبوباً من يسوع فأقول ان كتبة الاناجيل كما قرأنا قالوا انهم لم يكونوا يعرفون من الذي سيسلم يسوع وهذا أمر مقبول لان يسوع لم يفصح لهم عنه, ولكن يوحنا يقول ان يسوع أعلمه, أو على الأقل هو علم, ان يهوذا هو من سيسلمه لانه قال ان يسوع اخذ لقمة واعطاها ليهوذا وللتدليل على ثقة يوحنا بعلمه قال ان الشيطان دخل في يهوذا بعد اللقمة, فيوحنا يعلم ان يهوذا سيسلم يسوع الاقنوم الثاني لليهود.
فماذا فعل يوحنا لمنع هذه الخيانة؟ وخاصة ان الاناجيل تذكر ان جميع التلاميذ لم يؤمنوا ان يسوع قام من القبر فلا تستطيع الكنائس القول ان يوحنا كان يعلم ان يسوع جاء ليفتدي البشرية من خطيئتها فكان الواجب على هذا التلميذ الذي كان يسوع يحبه كما كتب هو عن نفسه ان يحاول منع يهوذا من تسليم يسوع كما حاول بطرس منع الجند من القاء القبض على يسوع وقام بقطع اذن احد الأشخاص.
لم يعمل يوحنا التلميذ الذي كان يسوع يحبه شيئاً من اجل منع يهوذا الذي عرف انه سيسلم يسوع!
لا بل ان يوحنا هذا التلميذ الذي كان يسوع يحبه أمضى الليل نائماً وهو يرى يسوع الذي يحبه يصلي طوال الليل من اجل ان لا يُصلب وان كان يوحنا في انجيله قد أغفل ذكر صلاة يسوع هذه, وزيادة في المحبة نرى يوحنا وباقي التلاميذ ينكرون قيامة يسوع من القبر كما تخبرنا الاناجيل بذلك!

 

وللاطلاع على المزيد من مواضيع الاناجيل ارجو التكرم بزيارة روابط المدونة

نادر عيسى




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات