ان الزعم بعدم وجود مؤامره ضد امتنا هو بحد ذاته مؤامره فما يحدث على ارض فلسطين اليوم والتجويع الجماعي والصمت العربي والعالمي لايمكن ان نصفه الا بالمؤامره وحقاً هي مؤامرة لأستهداف القومية العربية لصالح القومية اليهودية حيث لازالت فصولها تنفذ بدقة متناهية من اجل هشاشة وانهيار قوميتنا وتفكيك امتنا من اجل اضعافها فشعار فرق تسد لازال يعمل بقوة ونشاط .
استمرت المخططات التي تسهدف وحدة الصف العربي والاسلامي بدون كلل وملل وبشكل متتابع بحيث كلما انقضت صفحة من صفحات المؤامرة بدأت صفحة جديده مختلفه من حيث الشكل لكن المضمون واحد وثابت دون اي تغيير .
تمرد"سباتاي زيفي على الدولة العثمانية بإسناد ودعم من الإنجليز ودول أوروبا الأخرى كفرنسا فهم المخططون والمنفذون من وراء الكواليس تارة وبقوتهم العسكرية بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى تارة اخرى فعندما دخلت الحرب بضغط من أيادي خفية على الدولة لدخول الحرب، وجمعية الإتحاد والترقي والحركات الإنفصالية التي دعمت ودفعت لتحقيق هذه الغاية في تمزيق جسم الدولة الواحد بدعم من الحركات الصهيونية والماسونية العالمية التي احتضنتها دول أوروبا.
قام يهود الدونمه بالتعاون مع المحافل الماسونية للإطاحة بالسلطان عبد الحميد مستخدمين شعارات معينه كالحرية والديموقراطيه وإزاحة المستبد " السلطان " فقاموا بنشر الشقاق والتمرد في الدولة العثمانية بين صفوف الجيش وكانت الغاية من هذا هو تحقيق المشروع الاستيطاني الصهيوني باستيطان فلسطين. وقد كان السلطان عبد الحميد عارفاً بها مكافحاً ضدها : يقول الجنرال جواد رفعت أتلخان : ( إن الشخص الوحيد في تاريخ الترك جميعاً الذي عرف حقيقة الصهيونية والشبتائية وأضرارها على الترك والإسلام وخطرهما تماماً وكافح ضدهما مده طويلة بصورة جدية لتحديد شرورهم هو السلطان عبد الحميد الثاني" المهم هنا لابد لنا من ان نستعرض الدور الفرنسي والدور البريطاني في هذه المؤامرة لاحتلال فلسطين وجعلها وطن قومي لليهود في الوقت الذي كانت فيه وطن من اوطان امة العرب والمسلمين .
في كتابها "الصهيونية غير اليهودية" تقول "ريجينا الشريف":"يميل المؤرخون اليهود الى اعتبار التاريخ اليهودي تاريخاَ قومياَ فالصهيونية تدرس على ضوء علاقتها بمصالح اليهود الضيقة بدلاَ من ربطها بتاريخ الدول التي يعيشون فيها ومن هذا المنطق فانه ينظر الى وعد بلفور وكأنه ثمره ثمرات مواهب وايزمان في فن الاقناع والكيمياء الصناعية فقط ولايذكر الا القليل عن الدوافع السياسية التي جعلت بلفور يرضخ اخيراَ للضغط الصهيوني ولايثار التساؤل عن السر في ان انجلترا ومن بعدها الولايات المتحدة من دون دول العالم كله هما اللتان جعلتا تحقيق حلم الصهيونية في فلسطين حقيقة واقعة "والحقيقة لابد ان يضاف الى انجلترا والولايات المتحدة فرنسا لما لعبت من دور ايضاَ في وجود الكيان الصهيوني" .
لنبدأ بالدور الفرنسي في احتلال فلسطين ويمكن تلخيصه في ان اول رجل دولة اقترح اقامة دولة يهودية في فلسطين كان" نابليون بونابورتNapoleon Bonaparte " فكان اول الصهيونيين الحديثين غير اليهود هو نابليون حيث طلب من اليهود تشكيل "مجلس السنهدرينThe Sanhedrin " "وهو هيئة قضائية عليا كانت قائمة زمن مملكة اسرائيل الغابرة يعقد اجتماع يضم اكبر حاخامات اليهود ويعتقدون ان المسيح هو من سيحي "مجلس السنهدرين " المقدس بالنسبة لهم ويعتبرمجلس السنهدرين المجلس الأعلى الحاكم لليهود خلال العهود الرومانية، ووفقًا لما أورده بعض المتخصصين فقد كان هناك مجلسان، المجلس الأول السنهدرين الذي يضم "23" عضوًا له صفة سياسية ودينية، ويتكون من فئة الصدوقيين. أما المجلس الثاني فهو السنهدرين الديني ذو السبعين عضوًا، وكانت رئاسته تعطى للكاهن الذي يأتي غالبًا من أوساط الفريسيين. مثُل أمام السنهدرين الديني القديسون بطرس، ويوحنا، وإصطفان، وبول، بتهمة الخطأ الديني. بعد أن قضت روما على تمرد يهودي، تدهور المجلس ثم اختفى نهائيًا"وحث نابليون المجلس على مساندته في احتلال الشرق العربي واعدا اياهم بمنحهم فلسطين فبدا الكتاب اليهود يكتبون كلمات حماسية تشجع اليهود على الهجرة الى فلسطين وتشكيل دولة لهم فيها وفي ربيع عام 1799 م اصدر نابليون بيانا في اثناء حملته على بلاد الشام طلب فيه من اليهود افريقيا واسيا ان يقاتلوا تحت لوائه وان يعلموا على اعادة قيام "مملكة اورشليم" واعادة بناء الهيكل وتاسيس دولة لهم تحت الحماية الفرنسية والحقيقة ان هناك شائعات غير رسمية انتشرت عن نوايا نابليون الصهيونية عشية حملته على الشرق انتشرت بين اليهود الايطاليين الذين اعتبروا نابليون محررهم العظيم والشائعات تتحدث عن بعث اليهود كامة وقد ظهرت رسالة مطبوعة في فرنسا وانجلترا نشرتها صحيفة فرنسية عبرت عن دعم اليهود لفرنسا باللرجال و الاموال وخاطب نابليون اليهود بقوله"انهم الورثة الشرعيون لفلسطين"ودعاهم الى احياء كيانهم كشعب بين الشعوب ولم يكن لنداء نابليون اي اثر مباشر بسبب فشله في دخول "عكا "ولكن نداءه كان قد نجح نظريا في ارساء القواعد الرئيسة للمشاريع الصهيونية القادمة، ترسيخ فكرة ضرورة التحالف مع دولة اوروبية كبرى ومع نهاية القرن الثامن عشر كانت الافكار الصهيونية قد ترسخت في فرنسا ووجدت فكرة البعث اليهودي منطلقا لها في القرنين السابع عشر و الثامن عشر من خلال التعاليم الدينية وانتعشت الصهيونية غير اليهودية فيما بعد نابليون ايام امبراطورية نابليون ثالث عام1852 م عندما تجددت النشاطات الاستعمارية على نطاق اشد وكان الممثل الرئيسي للصهيونية غير اليهودية في هذه الحقبة هو "ارنست لاهاران Ernest Laharanne"السكرتير الخاص لنابليون الثالث وهو صهيوني غير يهودي كاثوليكي فرنسي حيث كان يؤيد فكرة احتلال المشرق العربي وقد وضع كتابا عام 1860 م بعنوان "المسالة الشرقية اليهودية -الامبراطورية المصرية واحياء القومية اليهودية "استعرض فيه مناقشات الانجليز الصهيونيين غير اليهود المؤيدة للاستيطان اليهودي في فلسطين واكد المكاسب الاقتصادية التي ستجنبها اوروبا اذا اقام اليهود وطنا لهم في فلسطين وفي عام 1862 م كما ويخبر فيه اليهود بأن فرنسا قد حررتهم وجعلتهم مواطنين وإخوة ويخبرهم أيضاً أنهم شعب ذو شخصية عبقرية مستقلة، فهو شعب عضوي لم يندمج في الحضارة الغربية لأنه مرتبط بالشرق حيث يجب أن يذهبوا حاملين "أنوار أوربا" ليكونوا بمنزلة الوسطاء الذين سيفتحون الشرق للغرب عن طريق تكوين دولة يهودية في الأرض الواقعة بين مصر وتركيا، تحت رعاية فرنسا، وبمؤازرة رجال البنوك والتجار اليهود في العالم، ويجرى اكتتاب مالي يهودي عام يتيح لليهود المجال "لشراء وطنهم القديم" من الدولة العثمانية. وقد بيَّن لاهاران الفوائد التي ستعود على الغرب من توطين اليهود في فلسطين: "طريق جديد ومُعبَّد للحضارة الغربية وأسواق جديدة للصناعة الغربية". وقد استمر لاهاران في الدعوة لهذه الفكرة بحماس شديد وربط بينها وبين الأفكار القومية التي كانت تلاقي إعجاب نابليون الثالث ورجال بلاطه الاستعماريين.
لاهاران، شأنه شأن كل دعاة المشروع الصهيوني، يهاجم العرب "سكان فلسطين الأصليين" ليبرر عملية الغزو "ومع هذا كان لاهاران أحد ضيوف الشرف لدى الخديوي إسماعيل في حفل افتتاح قناة السويس عام 1869م".
ولاهاران نموذج للمفكر الاستعماري المليء بالمتناقضات الذي يحاول بشتى الطرق العملية الوصول لهدفه الأوحد وهو السيطرة والغزو وتحقيق أقصى منفعة مادية على حساب الآخرين وباستغلال الآخرين عرباً كانوا أم يهوداً.
وهو أيضاً مثال للارتباط بين الفكر القومي الأوربي في القرن التاسع عشر والفكر الاستعماري، وللرؤية القومية في إطار التوسع والغزو والإمبراطورية العظمى التي كان يمثلها نابليون الثالث. وقد قرأ المفـكر الصـهيوني العـمالي "موشي هس Moshe Hess "كتاب لاهاران وأُعجب به. ونشر" موشي هس Moshe Hess "احد مؤسسي الصهيونية اليهودية كتابه "روما والقدس " الذي اقتبس فيه الكثير من كتاب " ارنست لاهاران Ernest Laharanne " وكان واثقا من ان فرنسا ستدعم المساعي الصهيونية في فلسطين وعندما جاءت الثورة الفرنسية منحت جميع المواطنين بما فيهم اليهود المساواة القانونية وهكذا كان اليهود في اوروبا الغربية قد اتجهوا نحو الاندماج في المجتمع الغربي في الوقت الذي سار اليهود في اوروبا الشرقية نحو الانعزال في "الغيتوGhetto " اي التجمع اليهودي وهي منطقة يعيش فيها طوعاَ او كرهاَ مجموعة من السكان يعتبرهم اغلبية الناس بانهم ذو خلفية عرقيه اة دينية معينة وان اصل الكلمة يعود الى حي اليهود في المدينة مثل الغيتو في مركز مدينة روما وفي المناطق العربية يشار اليها "حارة اليهود"، وكانت اوروبا لا تفرق بين اليهودي وغير اليهودي.
اما الدور البريطاني فيمكن ان نلخصه ايضاَ بانه عندما تولى" اللورد بالمرستونLord Palmerston "وزارة الخارجية البريطانية عام 1830م اول مرة كان ضعف الامبراطورية العثمانية واضحاً خاصة عندما احتل محمد علي باشا منطقة بلاد الشام حيث كانت روسيا وفرنسا تتلهفان على موت الدولة العثمانية املاَ في الحصول على نصيبها من تركة الامبراطورية ،لذا كان "بالمرستون" يبحث عن من يحمي مصالح بريطانيا في الشرق العربي فوجد ضالته في اليهود وذلك بتأسيس كيان لهم في المستقبل وقد بحث "بالمرستون" الموضوع مع "اللورد شافتسبريLord Shaftesbury "الذي افصح عن المشروع الذي اعده منذ زمن واطلع "بالمرستون" عليه وهو الاستيطان اليهودي في فلسطين وتكثيفه ولم ينجح "مشروع شافتسبري" لكن صاحبه لم يعرف الياس وهو صاحب الجملة الماثورة :"فلسطين ارض بلا شعب الى شعب بلا ارض اي اليهود "وقد تبنى الصهاينة فيما بعد هذه الجملة واصبحت اول الشعارات التي ينادون بها، كان بالمرستون في مقدمة الساسة الانجليز الذين نفخوا في الصهيونية التي تتبع الروح العنصرية الاستعلائية قبل ان تولد عام 1897 م وشدد على ربط تركيا بلد بالغرب وذلك عن طريق مشروع الاستيطان الصهيوني وكان يقول ان تركيا بلد متاخر وبحاجة الى اللحاق بركب الحضارة الغربية وتم افتتاح اول قنصلية بريطانية في القدس عام 1834 م وذلك لحماية المصالح البريطانية في الشرق اولا والاهتمام بتشجيع اليهود للهجرة الى فلسطين ثانيا وكانت التعليمات البريطانية للقنصلية في القدس الاهتمام بشؤون اليهود وتسجيلهم في القنصلية بقصد حمايتهم وكانت تعليمات بالمرستون الى القنصل البريطاني في القدس تقديم تقرير عن وضع اليهود في فلسطين وضرورة حمايتهم وكانت رسائله تنص على اعترافه باليهود في فلسطين كامة وارتباطهم بفلسطين .
ومن المعروف ان الحماية البريطانية كانت لليهود الذين يحملون جنسيات اجنبية اما اليهود الامبراطورية العثمانية "يهود االدونمه"فكانوا يعتبرون رعايا للامبراطورية خاضعين لتشريعات السلطان وبعث بالمرستون رسالة عام 1840 م الى السفير البريطاني في تركيا طلب فيها حث السلطان على اصدار قرار بتشجيع تجميع اليهود المبعثرين في اوروبا تحت حماية السلطان ومباركته وقال انه اذا صدر مثل هذا القرار فان ذلك سيعمل على انتشار روح الصداقة تجاه السلطان وبين جميع اليهود اوروبا وهكذا نلاحظ ان بريطانيا قد خططت لضرورة التكلم مع السلطان العثماني لتجميع اليهود في فلسطين تحت الحماية البريطانية وبموافقة السلطان ولكن الهدف الاول من هذا التخطيط كان المصلحة البريطانية تجاريا وذلك بسبب موقع فلسطين على الطريق بين بريطانيا والهند وهكذا كانت بريطانيا تخطط للمحافظة على امبراطوريتها الممتدة من كندا في الغرب الى الهند في الشرق واستراليا في الجنوب الشرقي وكانت تطمح الى الى الحصول على الاقاليم التي تقع في هذه الطريق ومنها فلسطين وسوريا ومصر ومحاولة زرع اليهود فيها كان "بالمرستون" يرى ان الوجود اليهودي في فلسطين يحقق مكسبين للمصالح البريطانية مكسبا مباشرا وهو وجود مجموعة موالية لبريطانيا في المنطقة ليس لها فيها من يواليها ومكسبا غير مباشرا وهو تدفق راس المال اليهودي للسلطان لدعم نظامه الاقتصادي المنهار فيصبح السلطان طوع السياسة البريطانية اليهودية وكانت الصهيونية حتى منتصف القرن التاسع عشر مقتصرة على غير اليهود فقد كان اولئك الذين اختاروا مناصرة الشعب اليهودي يفعلون ذلك بدافع شخصي وليس بالتعاون مع اليهود ومن المعروف ان الصهيونية نشات في اوروبا لا في فلسطين ان الدور الاوروبي في خلق الصهيونية كان اكبر كثيرا مما يظهر لنا عبر الكتابات الصهيونية بانها حركة ذاتية واستمرارية لطبيعة المشاعر اليهودية ان الاوروبيين هم الذين اوجدوا الحركة الصهيونية لذا فان اوروبا لم تكن مجرد المهد الذي ولدت فيه الصهيونية وانما كانت المهد الذي لولاه لما كان للحركة الصهيونية اي وجود.
ان الانتقال بالمشروع الصهيوني من الساحة الاوروبية المسيحية الى الساحة الاوروبية اليهودية كان واضحا وقد افصح "ثيودور هيرتزل" في مؤتمر بال عام 1897 م عن ذلك عندما قال ان النداءات والدعوات الفكرية لتجميع اليهود لم تجد ادنا صاغية حتى بين اليهود انفسهم في الثلاثينات من القرن التاسع عشر ولكن في الستينات من نفس القرن تلقى نجاحا ومن ابرز الرواد لهذه الحركة ثلاثة" يهودا لكلعيYehuda Alklaa "و "تسفي هيرش كاليشرTzvi Kalischer" و"موشي هس Moshe Hess " ثم جاء"ليو بنسكرLeon Painsker "متاخرا عن هذه المرحلة كانت اهداف الصهيونية متوافقة مع الاستعمار البريطاني حتى انها اصبحت فرعا لها اصبح اشد انصار الصهيونية هم اولئك الذين يشغلون مناصب هامة في الدوائر الحكومية في الانجلترا واخيرا تراس بعض اليهود الدعوة الصهيونية وعبروا عن اهتمامهم بالعمل السياسي من اجل توطين اليهود في فلسطين وكان من هؤلاء "ليوبنسكر Leon Painsker " مؤلف كتاب "التحرير الذاتي" لقد تاثر بمذابح القيصرية ضد اليهود عام 1881 م في روسيا فهاجر الى وسط وغرب اوروبا داعيا الى احياء القومية اليهودية واقامة دولة يهودية وذكر في كتابه ان هذه الدولة ليس بالضرورة ان تقام على ارض صهيون في فلسطين وفي هذه المرحلة بالذات وفي اثر المذابح القيصرية ضد اليهود في روسيا ابتدات الهجرة الجماعية الاولى الى فلسطين وهي الهجرة التي كانت الشعارات الدينية عنوانا لها والفقر و الاضطهاد من مبرراتها ومن ابرز نتائج الهجرة من روسيا ان اليهود توجهوا في اغلبيتهم الى الولايات المتحدة وكذلك الى فلسطين فكانوا في امريكا نواة الجالية اليهودية الضخمة وكانوا في فلسطين نواة الصهيونية كان شبح الاضطهاد الذريعة الكبرى للهجرة الصهيونية نحو فلسطين لذلك اصبح من هموم الدعاية الصهيونية التركيز على سيرة الاضطهاد وزدات الهجرة الصهيونية الى امريكا في اواخر القرن التاسع عشر مما ادى بامريكا عام 1890م الى بعث مندوبين اثنين الى اوروبا الشرقية لدراسة اسباب الارتفاع المفاجئ في الهجرة اليهودية الى الولايات المتحدة وذكر المندبان الامريكيان في تقريرهما "ن اغلبية يهود روسيا في ظروف اشد سوءا من الفلاحين والعمال الروس "لذلك فضل كثير من اليهود الروس الهجرة الى امريكا البلد الجديد بدلا من الهجرة الى فلسطين واقيمت مستعمرات في فلسطين عام 1882م وهاجر عدد من اليهود الروس اليها ولكن بسبب صعوبة العيش في فلسطين وصعوبة التاقلم وقلة الخبرة الزراعية عاد بعض المستوطنين الى روسيا وذهب قسم منهم الى امريكا وقليل منهم بقي في القدس وكانت البعثات المسيحية قد انفقت على عودتهم الى اوروبا، واما بالنسبة ليهود فلسطين فلم يعجبهم قدوم الهجرات اليهودية من الخارج والاقامة في فلسطين لان المهاجرين يزاحمونهم اقتصاديا في فلسطين وقد اثبت هرتزل في يومياته هذه الحقيقة التاريخية التي كشفت عن المعارضة اليهودية الفلسطينية للصهيونية كما واجهت عملية الاستيطان في فلسطين مقاومة عنيفة ومسلحة من العرب بهجومهم على المستوطنات في وقت مبكر من اقامة تلك المستوطنات اليهودية وفي عام 1870 م انشا يهود فرنسا مدرسة زراعية قرب يافا تدعى بالمكفية وتقوم على اراضي قرية يازور العربية كما انشا اليهود الانجليز اول مستعمرة لهم في اراضي قرية ملبس العربية قرب يافا وهي مستعمرة "بتاح تكفاPetah Tikva " اي "مفتاح الامل" وكانت هذه المستعمرة تعيش على المساعدات التي قدمها البارون اليهودي الفرنسي "ادموند دي روتشيلد Baron Edmond De Rothschild "وذلك لتشجيع اليهود على البقاء في فلسطين ووصل عدد من الطلاب اليهود من روسيا من جمعية" بيلوBilu" التابعة لحركة احباء صهيون الى فلسطين في عام 1882 م واسسوا مستوطنة" ريشون ليتسيونRishon Lezion"ومعناها "الاول في صهيون"بين القدس ويافا وقد تاسست بين عام 1882م -1884م تسع مستوطنات وضعت اساس الاستيطان الحديث في فلسطين وتاسست بين عام 1889م-1908م ثماني مستوطنات جديدة ولم يتوقف انشاء المستوطنات او اشراء الاراضي حتى خلال الحرب العالمية الاولى وتذكر الكتب التاريخية ان الهجرة الصهيونية الى فلسطين مرت في مرحلتين هما : الهجرة الاولى 1881م -1904م والهجرة الثانية 1905م -1914م اما قبل ذلك التاريخ فكانت الهجرة الى الولايات المتحدة الامريكية وتشير المصادر الى ان الهجرة الاولى التي تسمى بالعبرية عالياه عام 1881م -1884م ولم يصل فلسطين منها سوى جزء قليل جدا لايكاد يصل الى اثنان بالمائه فقط من المهاجرين والباقي توجه الى امريكا.
لقد كانت الاستراتيجية الانجليزية والصهيونية تستند الى المقولة الانجليزية"بطيء ولكن اكيد Slow But Sure "في سعيها لأحتلال فلسطين لذلك نلاحظ كثرة المؤامرات والمكائد والمكر والخداع على طول الطريق وصولاَ للتمكن واحتلال فلسطين
وما دعوة ساباتي زيفي: وهو مؤسس فرقة الدونمة اليهودية التي ظهرت في القرن السابع عشر الميلادي في الدولة العثمانية الا صفحة من صفحات تلك المؤامرة الكبرى ضد العرب والمسلمين لابتلاع فلسطين، وهذا ساباتي زيفي رجل ادعى النبوة وأنه المسيح المنتظر وانتشرت دعوته بين اليهود، وهو أول من نادى بعودة اليهود إلى فلسطين، ولما انكشف أمره وكاد أن يعدم ادعى الإسلام وأمر أتباعه بادعائه، وظلوا سرًّا على يهوديتهم، كما تطرقنا لذلك في الحلقة الاولى ، وكان لهم أبلغ الأثر في إسقاط الدولة العثمانية مما اتحاح الفرصه لأستيطان واحتلال فلسطين.
وهنا اسمحوا لي ان اصف لكم موقفين مهمين الاول هو في عشرينات القرن الماضي قام الجنرال "هنري غورو Henri Gouraud "خلال فترة الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا بزيارة لقبر صلاح الدين وخاطبه بهذه المقوله:"هانحن عدنا ياصلاح الدين فانهض وتصد لنا"اما الموقف الثاني فهو في العام 1918م زار القائد العسكري الانجليزي الجنرال "ادموند هنري هاينمان ادموند اللنبي Edmund Henry Hynman Allenby" القدس وقال حينها "الآن انتهت الحروب الصليبية " والمؤامرات مستمره واحدة تلو الاخرى بدأ تحكم الدولة العثمانية من قبل ألد اعدائها وهم يهود الدونمه وتتحول من دولة متقدمة الى دولة متأخره ومتناثرة الاوصال ، ثم المؤامرة الاخرى وهي تهيئة الارض لقيام دولة اسرائيل بعد ان قرر الانجليز مكافئة اليهود على ماقاموا به من دور في اسقاط الدوله العثمانيه حيث اصبحت بريطانيا تحكم المنطقة بعد الدولة العثمانية وتزاحمت المؤامرات حيث قامت بتقسيم بلاد الشام لتقيم لليهود دوله على جزء من بلاد الشام وهي ارض فلسطين , فقامت بريطانيا بجلب المستوطنون اليهود الى فلسطين ودربتهم ثم قامت بتسليحهم ,بل انها أنشأت الدويلات التي اوكل لها تسليم فلسطين ووظيفة حراستها بعد قيام ذلك الكيان المسخ المسمى اسرائيل , ومؤامرة اكثر غرابة اخرى وهي سقوط فلسطين والحقيقة اتعجب ولااجد تفسير يريحني سوى انها المؤامرة فجيوش عربية يقودها الانجليز تهزم في ساعات وايام معدوده امام من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنه فهم جبناء اكثر مماتحمل هذه الكلمة من معنى ولا زلنا نبحث عن اسباب الهزيمه دون ان ندرك ان للهزيمه سبب واحد وهو القياده الانجليزيه التي نفذت ما وعدت به اليهود،ثم المؤامرة المكملة لسلسة الهزائم لتذهب بقية فلسطين وتحتل بسهولة وبوقت ضرب من الخيال ان لم تكون مؤامرات حيث كل تعليل لماجرى ويجري غير ان نسميه مؤامرة فهو شبيه بالهرطقة او الجهل حين تعلل على ان سبب ذلك هو فرقة الامة لنتسائل ومن فرق الامة واضعفها غير المؤامرات والاتفاقات التي تجري خلف الكواليس وخذ مثلاَ على ذلك اعلان ليفني الحرب على غزه المحاصره من قلب قاهرة المعز وامام وزير خارجية مصر المخلوع ابو الغيط الذي صافحها بعد ذلك الاعلان كتاكيد على الاتفاق على ذلك ولتنتقل الصوره على المصافحه بينها وبين المخلوع حسني مبارك كرسالة تاكيد للاتفاق على الامر برمته هل من شك في عظم وكبر المؤامرات التي نتعرض لها امتنا ولازالت مستمره ولابد ان نعي الاساليب والمكر والدهاء الذي يخططون به لدحر وجودنا وتحطيم مستقبل امتنا فهل لنا ان نتعض من التاريخ ودروسه لنتكن من بناء مستقبلنا زمستقبل اجيالنا القادمة الذي نتمنى ان يكون آمناَ.
التعليقات (0)