يهود الاشكناز عنزة ولو طارت!
ردا على تعليقات التميمي على مقالنا ( يهود الخزر حقيقة ام خرافة)
ثمة قطاع من العرب والمسلمين ما زال يمارس ضروبا من الاساليب البوليسية فيما يتعلق بسلالات اليهود وأنسابهم فتراهم يرددون بشكل هو اقرب الى الاعتباطية والتعسف والعناد بان غالبية يهود اليوم وخصوصا يهود الاشكناز يتحدرون من اصول خزرية.. فاذا بات هؤلاء يمارسون دورا هو اشبه بدور شرطة المشاعر مع ابناء الشعب اليهودي حين ذاك كان من الاولى بهم ان يسألوا ابناء الشعب الاسرائيلي انفسهم عن مشاعر انتماءهم العرقي والقومي بدلا من ان يفرضون هذا الامر عليهم فرضا كما يفرضونه على القارئ العربي بقوة التأثير وبطش الاقناع.. فعندما نتناول مسألة العروبة او القومية العربية تجدنا ننحاز الى الطريقة التي يعرّف العرب او المتعربين انفسهم وهويتهم لا نمارس عليهم ضغوطا بوليسية فكلّ حر في تعريف انتماءه وكل ادرى بسلالاته وعرقه وانسابه.. وكثيرا ما قرأنا ونقرأ لكتاب او مدونين او معلقين كورد او امازيغ وغيرهم ممن يعتزون ويفتخرون بعروبتهم واسلامهم بالرغم من كونهم ينتمون الى قوميات واعراق غير عربية بل ساهم البعض منهم في تعليقات على مدونتنا مرددين ذات المقولة فهل يحق لاحد كان من كان ان يمارس مع هؤلاء او غيرهم دور شرطة الانتماء او شرطة الاعراق ليجبرهم بقوة اللسان على الانسلاخ عن قوميتهم العربية ...
يا جماعة الاصل ان نسأل الشخص ذاته عن انتماءه ولا نفرض عليه ما لا يطيق، واليهود الذين يشكلون اليوم غالبية سكان دولة اسرائيل يقولون إن اصولهم سامية مشرقية عبرانية تربطهم اواصر عرق وقومية وسلالة مع ابناء اسرائيل القدامى فهل انتم ادرى منهم بانسابهم... وهل يعقل ان يفتخر يهود اسرائيل والعالم بيهوديتهم وانتماءهم السلالي جزافا وان يتحملوا عبء الكذب على انفسهم لاي سبب كان.. وقد اوضحنا في تقريرنا المذكور ان السواد من الجماعات اليهودية التي عادت او لم تعد الى ارض اسرائيل انبثقت من الساحل الشرقي لحوض البحر المتوسط توجها الى جزيرة العرب وافريقيا واوروبا وآسيا وعائدة ادراجها الى ارض اسرائيل خلال كل الحقبات التاريخية من العصور القديمة وصولا الى الحقبة الصهيونية، فلم تنقطع هذه الجماعات يوما عن ارض آباءها وأنبياها في اي عصر من العصور.. والتاريخ غير المتنازع عليه يقول إن اليهود المهجرين من ارض اسرائيل الذين حطوا الرحال في بلدان تخضع للحكم الروماني ومن بعده المسيحي والاسلامي قد توجه خلق كثير منهم الى دول الاندلس ودول غرب اوروبا بل الى دولة الخزر لاسباب عدة سواء لاسباب معيشية او فرارا من عمليات التنصير والتبليغ القهرية ليجدوا ملاذا في دولة الخزر بعد ان اصبحت النخبة الحاكمة في هذه الدولة تدين بالديانة اليهودية.. وقد ورد هذا الكلام جليا في كتابات المسعودي.. وعليه يكون غالبية اليهود الذين انتشروا في مملكة الخزر او في دول اوروبا الشرقية طلبا للحماية والحرية والرزق من اصول سامية عبرانية لا خزرية..
واذ كان يهود اليوم تغلب عليهم الاصول الخزرية كما يزعم هؤلاء فماذا عن مئات الاف واشدد على كلمة مئات الالاف من اليهود الذين طردوا من الاندلس وفرنسا وايطاليا والمانيا وانجلترا هل فغرت الارض فاها وابتلعتهم... الم ينتشر هؤلاء في دول شرق اوروبا وغيرها.. وهل انتشارهم في دول اوروبا الشرقية او غيرها في هذه الحالة حتى لو استمر لقرون ينزع عنهم صفتهم السامية....واما حكاية ذوي الصبغة الشقراء والعيون الزرقاء والملونة فقلنا إن هذا حصل نتيجة علاقات التصاهر والنسب التي حصلت بين اليهود والشعوب التي عاشوا في ظهرانيها...
الحقيقة اننا تحيرنا معكم... فتارة نسمع منكم ان اليهودية هي سمة مرادفة للعنصرية كون اليهود يحافظون على نقاء العرق والجنس وتارة اخرى تنفون صفة القومية والعرق عن اليهود وبالتالي ارتباطهم السلالي بارض اسرائيل بدعوى ان اليهود تصاهروا مع امم الارض وتزايدت اعدادهم بفعل مظاهر التهود او التهويد فمع اي الفريقين انتم!؟ نحن نقول إن اليهودية بعيدة كل البعد عن العنصرية او التقوقع والانغلاق تشهد على هذا الروايات التوراتية التي تكشف لنا علاقات النسب التي حصلت بين ابناء اسرائيل والشعوب الاخرى وطالت حتى آباء واجداد وملوك الأمة اليهودية وقد ذكرنا في مقال سابق ان اعظم ملوك اليهود العبرانيين داوود يتحدر من اب عبراني وجدة تنتمي الى الموآبيين اعداء اليهود في ذلك الزمان.. ويذكر التاريخ اليهودي قصة احد أمراء الروم ويدعى أونقلوس هذا الامير اعتنق اليهودية وترجم التوراة الى الارامية وما زالت ترجمته للتوراة مقرونة بالتفسير معتمدة حتى اليوم يهوديا.. فلا عنصرية ولا انغلاق ولا هم يحزنون.. والتاريخ اليهودي لا يتستر على هؤلاء الذين اعتنقوا اليهودية امثال اونقلوس فلماذا يخلو التاريخ اليهودي تماما من الروايات والادبيات التي تذكر بان اليهود الاشكناز يتحدرون من أصول خزرية... هل لأن هناك تستر جماعي لدى مجموع اليهود بهذا الشأن!؟ كيف لم يتسرب الينا خبر مثل هذا الحدث الجلل حتى جاء المؤرخون العرب والمسلمون الأفذاذ وكشفوا لنا امر هذا السر الخطير!؟
ان دعاة رواية يهود الخزر يستدلون على أقوالهم اما من كتابات اليهودي الهنغاري أرثور كوستلر او الدكتور عبد الوهاب المسيري او جمال حمدان او من بعض المستشرقين وفي وقتنا الحاضر من الاستاذ في جامعة تل ابيب شلومو زاند.. فهل يعقل ان يستدل المسلمون على تاريخ اليهود من كتابات المستشرقين وقد رفض العرب والمسلمون جل ما قاله المستشرقون عن الاسلام والمسلمين ولا تقبل أقوالهم كمراجع في الأدبيات الاسلامية... وهل يعقل ان الدكتور المسيري وجمال حمدان يعلمون عن تاريخ اليهود ما لا يعلمه اليهود انفسهم... الا يندرج هذا في باب الوصاية على تاريخ الشعوب... وهل يعقل ان يستدل العرب او اليهود برأي الأقلية من المؤرخين اليهود من امثال كستلر او زاند فيما الغالبية العظمى من المؤرخين الثقات يجتمعون حول الرأي القائل إن سامية اليهود الاشكناز لا تشوبها شائبة... لا ازعم ان رأي الأقلية لا يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار والاهتمام فقد حظيت كتابات كوستلر وذاند باهتمام كبير في المحافل الاسرائيلية الاكاديمية والبحثية وظلت مثارا للجدل والنقاش في المنتديات الالكترونية والندوات، ولو تابعتم مثل هذه المنتديات باللغة العبرية على الشبكة لقرأتم الشهادات الطوال لاسرائيليين سفاراديم ومزرحيم يتحدثون عن أقرباء قدامى لعائلاتهم من بين يهود البلدان الاوروبية فهل انتم ادرى منهم بأقرباءهم ايضا...
لماذا يجنح العرب دائما ولأخف الاسباب الى نظرية المؤامرة بادعاءهم ان الدولة اليهودية ما هي الا مشروع استعماري غربي قام ونشأ بتواطئ من الدول الاستعمارية وتراخي الانظمة العربية فيما يكشف لنا التاريخ ان اليهود هم اول ضحايا الاستعمار... كيف يساوي العرب بين الضحية والجلاد.. كيف صار اليهود بنظر العرب بمثابة صيغة جديدة لجلاديهم الصليبيين والاوروبيين... ولماذا هذا الاستنساخ المتكرر لأقوال قلة من المؤرخين دون تمحيص او تدقيق او المقارنة... هل النزاهة العلمية تعني ان نأخذ باقوال قلة قليلة من المؤرخين اليهود ونترك الغالبية لا لشيء الا لأنها تطرح وجهة نظر مغايرة... نعم كل يهود اليوم ويهود الامس تجري في عروقهم دماء سامية وعبرانية، سموها قبلية او عنصرية او عرقية لا بأس فهذه سنة التاريخ اليهودي والعقيدة اليهودية... وهل قامت القومية العربية الا على العرق والعنصر العربي والا ما معنى كلمة قومية ان لم تكن مستندة الى القوم والعرق!؟ هل يحرم العرب مرة اخرى على غيرهم ما يحللونه لانفسهم... واذا كانت البلدان العربية طافحة بدماء غير عربية تعربت او تصاهرت مع العرب ولم يفسد هذا عروبتها فلماذا يعاب اليهود الذين قضوا القرون الطوال في المهجر لتصاهرهم مع الشعوب المضيفة طالما السلالة والذرية بقيت على يهوديتها وبقي فيها عرق يهودي... هل باتت البشرة الصفراء والشقراء والعيون الزرقاء شبهة تشي باصول غير مشرقية... وهل زين الدين زيدان ذو السحنة الفرنسية عربي ام فرنسي... ولو عاد ليعيش في بلده الجزائر هل سيشكك احد في عروبته بجريرة عيناه الزرقاوان... اليس هذا تسطيح لمسألة القومية... ولو قال احد من العرب بأمازيغية دولة المغرب لاعتبر على الفور مارق من الملة فيما اليهود محرومون عربيا حتى من تحديد هويتهم وانسابهم وطابع دولتهم....
وقد نبه الأديب الاسرائيلي الكبير عاموس عوز الى حقيقة ان آثار الاستعمار والحملات الصليبية ما تزال حاضرة في أذهان شعوب المنطقة وذاكرتها الجماعية ما يجعلها في الكثير من الاحيان بوعي او بغير وعي تنظر الى الصهيونية على انها نسخة جديدة للحملات الصليبية مضيفا ان معاناة العرب واليهود وآلامهم وجروحهم تحت نير الاستعمار لا يمكن ان تبرر نظرة العرب لليهود وكأنهم مستعمرون او صليبيون جدد...
ونحن منذ نشرنا تقريرنا سالف الذكر ( يهود الخزر حقيقة ام خرافة ) حيث توقفنا من خلاله عند عدة محطات على طريق الانتشار اليهودي في اوروبا، لم نتلقى حتى الآن تعليقا واحدا يخوض في صلب الحقائق والمعطيات التاريخية التي ذكرناها او يحاول تفنيدها بل كانت التعليقات بمثابة اجترار واستنساخ لاقوال المؤرخين الوارد ذكرهم في المقال اعلاه والذين يركن اليهم المشككون بعبرانية اليهود الاشكناز... حتى أضحت اسطوانة اليهود الخزر في الخطاب العربي ينطبق عليها منطوق المثل العربي عنزة ولو طارت.....فمهما سقنا من ادلة وبينات تاريخية تبقى الاسطوانة على حالها لا تتغير ولا تتبدل....
اجمل التحايا
التعليقات (0)