يهود ألمانيا يتضامنون مع مسلميها:
مراقبون ألمان تحدثوا بسخرية عن "تحالف أقليات"
الأمين العام المجلس المركزي ليهود ألمانيا:
الاندماج لا يعني ذوبان الهوية
بقلم/ ممدوح الشيخ
لم تكن جريمة قتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني بألمانيا أول مشكلة في ملف الجالية المسلمة بألمانيا، بل إن قليلين من يعرفون أن "مشكلة الحجاب" في فرنسا سبقتها مشكلة مماثلة في ألمانيا أثارها حجاب معلمة من أصل أفغاني (فيريشتا لودين) خاضت لسنوات معركة قضائية في ألمانيا لتحصل على حكم قضائي بحقها في ارتداء الحجاب. وعقب صدور قانون الحجاب بفرنسا انقسمت الجالية اليهودية في فرنسا إلى قسمين حول مسألة فرض الحظر، حيث عارضه الحاخام الأكبر جوزيف سيتروك، بينما أيده رئيس مجلس المنظمات اليهودية في فرنسا رويجه كوكرمان.
وعندما انفجرت قنبلة مقتل الصيدلانية المصرية لم يهتم كثيرون برصد موقف تضامني له دلالاته صدر عن الأمين العام للمجلس المركزي لليهود في ألمانيا شتيفان كرامر إذ قال إن جريمة قتل مروة الشربيني جاءت نتيجة تحريض نشر روح الحقد والكراهية ضد المسلمين في ألمانيا بدءا من أطراف المجتمع المتطرفة حتى وسطه.
وينبع موقف شتيفان يواخيم كرامر من حقيقة أن الدولة الألمانية المركزية حتى العهد النازي مارست اضطهادا ضد اليهود جعلهم يقدرون المخاطر التي تنطوي عليها سيادة الصورة النمطية المشوهة عن المسلمين في ألمانيا، وفيما يشبه القاعدة العامة التي يفترض أن تحكم العلاقة بين الدولة الأقليات الدينية والعرقية والإثنية، يؤكد كرامر أن "مَن يعتدي على إنسان بسبب تبعيته العرقية أو القومية أو الدينية فإنه لا يعتدي فقط على أقلية ولكن عل المجتمع الديمقراطي ككل".
وقد قام كرامر بزيارة زوج القتيلة الذي يُعالج بمستشفى مدينة دريسدن بصحبة الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا لتأكيد أنه لا يعتبر هذه الزيارة تعبيرا عن تضامنا مع الضحايا فقط، بل أيضا مع جميع المسلمين في ألمانيا. وقد أحدثت الزيارة صدى غير متوقع بل اعتبرها مراقبون أهم من الجريمة العنصرية نفسها، والبعض تحدث بلهجة ساخرة عن "تحالف الأقليات" التي برهنت أخيرا على قدرتها على التعلّم والتصرف سويا!
كرامر من جانبه اعتبر المشهد الذي لفت نظر المراقبين فرصة ملائمة لتوجيه سهام نقد لاذعة للثقافة الألمانية، معتبرا أن المجتمع الألماني لم يدرك أبعاد الجريمة فهي نتيجة نشر روح الحقد والكراهية ضد المسلمين بدءا من أطراف المجتمع المتطرفة حتى وسطه. وروح الحقد والكراهية هذه نابعة من تحريض التيارات اليمينية المتطرفة، التي تسعى منذ سنين إلى خلق مناخ يعزل ذوي الديانات الأخرى والأجانب وأتباع الأقليات وتخويف الناس منهم. وعموما يفتقر المجتمع الألماني إلى إدراك أن ضعف مكافحة العنصرية يهدد بتشجيع القيام بـ "أعمال إرهابية"، وهو وصف يتسم استخدامه بجرأة شديدة في هذا السياق!.
والحل لا يجوز أن يقتصر على إلزام الأقليات بقائمة واجبات بل يجب على ألمانيا أن تراجع نفسها وتستخلص العبر من هذه الحادثة. ولا يعني هذا فقط عزل المحرضين ومعاقبتهم، بل أيضا توعية المواطنين الألمان وتعريفهم بالشعوب المسلمة وبثقافتهم وديانتهم وعاداتهم وتقاليدهم، على أن يكون الهدف من ذلك ليس التسامح فقط ولكن الاحترام!
ولم يفت كرامر أن يستدعي تعبيرا طالما تسبب في مشكلات ضخمة ليهود ألمانيا: "الاندماج" فأكد أن "الاندماج لا يعني الانسلاخ.... وحين يسود الاحترام المتبادل لن يشكل الاختلاف عقبة أمام التعايش السلمي في المجتمع الألماني".
التعليقات (0)