مواضيع اليوم

يعيش الزعيم .. يعيش الرئيس .. سحقا للشهداء

غالبا ما ارتبط العقل العربي الجمعي على مر التاريخ بقضية المؤامرة الخارجية والتهديد بزعزعة الأمن التي ما برحت القيادات العربية ودور صنع القرار .. بالزج بها عند كل نازلة قوية او بسيطة في عالمنا العربي .. ومن العجيب أننا ننظر الى العالم حولنا وهو يعبر عن رأيه ..بكل الوسائل المدنية السلمية المتاحة ، دونما أحداث فوضى أو تخريب أو تكسير أو حرق إلا ما ندر ..

 

ولم نشاهد قوى الأمن المركزي وقوات مكافحة الشغب ، والبوليس السياسي .. والأجهزة الأمنية السرية والعلنية ... وهي تمارس القمع العسكري والسياسي وتكميم الأفواه .. ولم نرى القادة في الغرب على مختلف حكوماتهم من أمريكا وبريطانيا واسبانيا واليونان وأخيرا فرنسا .. لم نراهم وهو يتخوفون من إثارة الفوضى وما يسمى (  زعزعة الأمن الوطني والقومي )  ..

 

 بل تركوا الحرية للناس في أن تعبر عن آرائها بكل حرية وشفافية ممكنة .. وعلى شاشات التلفزة المحلية والعالمية . ولم نشاهد السلطات الأمنية وهي تحاول منع الصحافة ووسائل الإعلام  من تغطية الحدث ، ولم نشاهد الصورة المألوفة من نزع آلة التصوير .. أو أتلاف الشريط المصور .. أو مصادرته .. أو اعتقال الصحفيين لساعات ليفرج عنهم بعد أيام أو ساعات .. ولم نسمع او نقرأ عن خبر منع قناة الجزيرة أو غيرها من العمل في البلد .

 

سؤال طالما كنت أطرحه على نفسي ، مع إحساس بالقهر والكبت ؟

ما الذي صنع أوروبا بهذه الصورة؟؟؟ ... وما الذي صنعنا نحن على ما نحن عليه؟؟؟ ...

سؤال آخر مثير للشفقة :

كانت أوروبا واليابان قد خرجتا من الحرب العالمية الأولى والثانية بدول شبه مدمرة منهكة على جميع المستويات ، فما الذي نهض بها الى هذا المستوى ؟ لنبقى نحن على ما نحن عليه ؟

طبعا هذا السؤال سؤالا استنكاريا .. والإجابات كثيرة ومعلومة ومعروفة الأسباب للقاصي والداني على حد سواء .. ولكنه سؤالا من مرارة في الحلق وكآبة في المنظر وتخوف من القادم الذي سيكون أعظم بكل تأكيد  .

تتظاهر الأمم والشعوب في العالم مطالبة بحقوقها الذي حالما تحس انه ربما انتقص منه ، ذلك أنها تستند الى مرجعية دستورية وقانونية راسخة ، لا تتبدل مع تغير الوجوه والشخوص أيا كانت مراكزهم وحسبهم ونسبهم ، فلم نسمع عن قرار جمهوري أو ملكي أو سلطاني بالعفو عن المساجين أو المحكومين بقضايا النصب والاختلاس  والمخدرات والاغتصاب والقتل .. على غرار ما نسمع أحينا ( حيث ربما يكون القرار لعيون احدهم فقط ولكن للتغطية يعمم العفو  ) على غرار .. (  كرمال عين تكرم مرج عيون )  .

 

فهو أي الرئيس لا يملك حق العفو .. لان في ذلك استهانة بالقضاء ، وتعدي على القانون ،/ وتداخل في السلطات يثير الفوضى ، وينعدم بها الشعور بالأمن والعدالة ، فالضحايا من لهم ، وماذا نقول لذويهم وهم يرون المجرم حرا طليقا ، ينعم بما ينعم به البشر من حياة ، بينما الضحايا ، ربما يكونوا امواتا او معاقين نفسيا أو جسديا أو مغتصبة حقوقهم ( عينك عينك – يعني عالمكشوف )  .

ومن الملاحظ أن للتظاهر تقاليد وأساليب وربما آداب وقواعد ، يتفق عليها معظم شعوب العالم ..طبعا العالم المتحضر .. فلن نجد من يعتدي على سيارات المواطنين ، أو مراكز الخدمات الاجتماعية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، والمؤسسات الخدمية العامة والخاصة .. ذلك أنهم يستندون الى قانون يحكم حياتهم .. ويدركون أن القانون يحاسب الجميع دون استثناء ..ومن هنا تتحقق العدالة الاجتماعية .. ومن هنا أيضا يسود الرضا بين  العامة من الناس حينما يرون أنهم مواطنون على قدم المساواة مع المواطنين الآخرين .

تلك هي دولة المواطنة التي نسعى إليها ... دولة  تؤمن مستوى من العدالة يرضى عنه الجميع ،دون تمييز عرقي أو ديني أو طائفي  أو حزبي لينخرط الجميع في عملية البناء وهم يشعرون كلهم إنما يبنون وطنهم .. وكل واحد يشعر بانتمائه له .. وانه مسؤول ومهتم وعليه واجب مثلما له حقوق ..

 

 تلك نظرة وقناعة ترسخت عندهم عندما فقدناها منذ العصور الأولى للدولة العربية القطرية ..التي انحنت وتطوعت راغمة مرغمة أو راغبة طائعة لأوهام الغرف السياسية الخاصة في مزرعة سي السيد الكبير .

 

نحن في عالمنا العربي نتظاهر في مسيرات ( عفوية !! ) لتأييد الزعيم الملهم الوحيد الأوحد صاحب الألقاب  الكثيرة ، أو نتظاهر في زحمة المصائب تحت تأثير جماعة أو حزب ، فنثير الفوضى ونعكر المزاج السائد ، فنرى قوى الأمن تتدخل .. تقمع وتمنع وتضرب وتعتقل .. وربما لهم ما يبرر ذلك .. حيث في الأعم تخرج المظاهرة عما خرجت اليه وتتحول الى أهداف عامة كبرى وصغرى متشعبة وذلك لغياب الرؤيا الواضحة لدى منظموا المظاهرة والمتظاهرون أيضا . فالكثير من الجماهير تنساق وراء دعاية لحزب أو جماعة وتتبنى تلك الدعاية دونما تفكير أو تمحيص فيما يختفي خلف تلك الشعارات من أهداف .

شاهدنا على شاشة الجزيرة العديد من المظاهرات  احتجاجا على الوضع في غزة او مصر او تونس او ...  .. وما تعمله إسرائيل ، وما تقوم به أمريكا ومجلس الأمن ...ثم تحولت المظاهرة الى مهرجان خطابي يؤيد الرئيس فيما يفعل ويقول حيث انه فعل كل ما بوسعه ان يفعل  .. ثم تحولت المظاهرة الى  تجديد البيعة ورفعت صوره .. وهتفوا له .. 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !