مواضيع اليوم

يرون الحق .. ولا يعترفون به!

نزار النهري

2011-08-22 18:19:01

0

يقول المرجع اللبناني الشيعي السيد محمد حسين فضل الله في معرض تفسيره للآية 62 من سورة النساء
((لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الاخر اولئك سنؤتيهم اجرا عظيما ))
وينطلق القرآن بنا ـ من خلال هذه الآية ـ إلى الفئة المؤمنة من هؤلاء اليهود الذين انفتحوا على الإسلام، وابتعدوا عن العُقد النفسية المتحكمة في بيئتهم، وتخلصوا من كل الرواسب التاريخية التي تتجمّع في أعماقهم، فآمنوا بما أنزل على رسول الله، كما آمنوا بما أنزل على الأنبياء السابقين عليه، وتحدثت الآية عن المقيمين للصلاة والمؤتين للزكاة والمؤمنين بالله واليوم الآخر، وأن الله سيؤتيهم ـ جميعاً ـ أجراً عظيماً؛ ولكن ثمة ملاحظة نحويّة في الآية، وهي السؤال عن الوجه في نصب كلمة {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} مع أن ما قبلها وهو قوله تعالى: {لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ} جارٍ على الرفع... وقد ذهب سيبويه والبصريون ـ كما في مجمع البيان ـ إلى أنها نصبُ على المدح، على تقدير: أعني المقيمين الصلاة، قالوا: إذا قلت: مررت بزيدٍ الكريمِ، وأنت تريد أن تعرّف زيداً الكريم من زيد غير الكريم، فالوجه الجرّ، وإذا أردت المدح والثناء؛ فإن شئت نصبت وقلت: مررت بزيد الكريم كأنك قلت: أذكر الكريم، وإن شئت رفعت فقلت: الكريم على تقدير هو الكريم... وقال الكسائي: موضع المقيمين جرّ، وهو معطوف على ما في قوله: {بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ} أي وبالمقيمين الصلاة[1]. وقال قوم بوجوه أخرى.

ولكننا قد نتحفظ في ذلك كله، لأن السؤال يبقى على وجه التفرقة بين كلمة {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} وبين ما بعدها وهو {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} مع أن السياق واحد، سواء كان العطف بلحاظ التتمة للراسخين والمؤمنين في مقام تعداد صفاتهم، أو كان ذلك بلحاظ كونه من متعلّقات الإيمان ـ كما هو الوجه الثاني ـ، فلماذا نصبت كلمة «المقيمين» ورفعت بقية الكلمات من بعدها؟ وقد نقل صاحب مجمع البيان، رواية عن عروة، عن عائشة قال: سألتها عن قوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ}، وعن قوله: {وَالصَّابِئُونَ} [المائدة:69] وعن قوله: {إِنْ هَاذاَنِ} [طه:63] فقالت: يا بن أختي، هذا عمل الكتّاب أخطأوا في الكتاب. وذكر أيضاً رواية عن بعضهم: أن في كتاب الله أشياء ستصلحها العرب بألسنتها؛ قالوا وفي مصحف ابن مسعود، «والمقيمون الصلاة ». وعلق صاحب مجمع البيان على ذلك: ان هذا «مما لا يُلتفت إليه، لأنه لو كان كذلك لم يكن لتعلمه الصحابة الناس على الغلط وهم القدوة والذين أخذوه عن النبي(ص)»[2].
ويمكن المناقشة في ذلك، بأن من الممكن عدم الالتفات في البداية إلى اكتشاف الخطأ في الكتابة، كما لم يلتفتوا إلى الكثير من الأمور التي لم يشعروا بأهميتها كما نشعر الآن، ثم امتنع الجيل الآخر عن التصرف في ذلك، حذراً من الإساءة إلى طريقة الكتابة في القرآن، لئلا يتجرأ الناس على التغيير والتبديل في ما قد يسيء إلى أصل القرآن. وهذا هو ما نشاهده في موضوع الطريقة الإملائية التي كتب فيها القرآن، فقد بقيت على الطريقة الأولى، بالرغم من استلزام ذلك صعوبة في القراءة على المبتدئين في مثل كلمة «الصلاة» و «الزكاة» وأمثالهما، مما لو استبدلت فيه الواو بالألف لكان أسهل للقراءة... وإننا نسجل ذلك كملاحظة للتفكير وللتأمُّل، لأننا نرى أن الالتزام بالخطأ في الكتابة أقرب إلى بلاغة القرآن من هذه الوجوه التي قد تكون أساساً لصحة إعراب الكلمة، ولكنها لا تصلح أن تفسر هذا التخصيص لهذه الكلمة بهذا الإعراب، من بين الكلمات الأخرى الجارية على نسق واحد، مما يتنافى مع طبيعة التعبير من ناحية بلاغية، مع أن القرآن الكريم قد أنزل على أرفع درجات البلاغة، في ما تقتضيه أساليب الإعجاز. وعلى أيّ حال، فإن الموقف لا يتعدى تسجيل الملاحظة؛ والله هو العالم بحقائق آياته.
يمكن الاطلاع على التفسير على الرابط arabic.bayynat.org.lb/books/quran/nesa73.htm
رغم حذر السيد فضل الله في الكلام، باستخدامه عبارات مثل (قد نتحفظ)، (لايتعدى تسجيل الملاحظات)، (الله العالم بحقائق اياته)، الا اننا نسجلها كنقطة ايجابية لشجاعة لم نعهدها في اي رجل دين قبله وربما حتى بعده.
المشكلة ان جو التقديس والرهبة يسلب الانسان ارادته وشجاعته في قول الحق، ففي مسالة مثل التي تطرق لها السيد نصر الله، يلجأ الناس الى الترقيع وبدون ادنى شعور بالخجل، لمجرد المحافظة على القدسية، فالكل يرى الحقيقة واضحة امامه، ولكن لا يملك الشجاعة لقولها، والسبب هو الخوف من نقد الآخر.
لا نستغرب تكفير ايات الله في ايران للسيد حسين فضل الله لما له من اراء جريئة، فضل ان يتصالح فيها مع فكره ونفسه على ان يكون اداة غبية تنقل ما تجده موجود بدون حتى التامل والتفكير فيه.
برغم اختلافي مع هذا السيد الا انني اقول له: احسنت لانك قلت الحقيقة، تلك التي رآها غيرك ولم يجرؤ على فعل مافعلت.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !