خضير العواد
البرلمان هو أعلى سلطة تشريعية ويعد صمام الأمان للحكومات والشعوب في الوقت نفسه، لما له من دور فعال في السيطرة على الأوضاع وتهدئة الإمور في بعض الأحيان لأنه الوسيط المعتدل ما بين قواعده الذي أنتخبته والحكومة التي صادق عليها، ويلتجأ الشعب والحكومة الى البرلمان في المخاطر الخارجية والداخلية لأنه المدافع الأول عن مصلحة الشعب والدولة ، ويعطي أعضاء البرلمان الأولوية القصوى في إقرار القوانين التي تخص المواطن ويواظبون على الحضور ولا يتغيبون إلا في حالة الإضطرار ، ولكن الذي يحدث في العراق مغاير تماماً لعمل البرلمانات في العالم ، لأن البرلمان في الحالة العراقية هو المدافع الأول عن المصالح الفئوية والحزبية وأما المصالح الشعبية فتأتي تحصيل حاصل وليس هي الغاية أو الهدف ، وقد أثبتت هذه الرؤيا في عشرات التجارب التي مرة بها البرلمان في التصويت على القضايا أو القوانين التي تهم المواطن ، فبمجرد رفض قيادات الكتلة للقانون فأن أعضاء البرلمان يبقون في الكافتريا يأكلون ويشربون بأموال الشعب لكي لا يكتمل النصاب ومن ثم ترفع الجلسة لعدم إكتمال النصاب ، وما إقرارالموازنة إلا أبسط مثال على هذه الفئوية والحزبية التي تستهزيء بقضايا الشعب المهمة ومن ثم يُخسّر الدولة العشرات من مليارات الدولارات لعدم إقرار الموازنة وعضو البرلمان لا يكترث أو يتأثر لهذا الأمر الجلل الذي يمثل مستوى الحس الوطني عند عضو البرلمان وإحساسه بمعاناة شعبه ، وبمثل هذا التصرف تعطلت العشرات من القوانين المهمة التي تخص حياة المواطن بشكل مباشر مثل قانون الأحزاب والإستثمار والتقاعد وغيرها كثير ، فقد أصبح البرلمان العراقي ساحة لتصفية النزاعات والمواقف وليس هو أهم مؤسسة للتشريع التي تنظيم حياة المواطن من أجل حياة أفضل ، بل أصبح البرلمان العراقي منتجا للإزمات التي تهز الشارع العراقي في كل يوم، بل أصبح هذا البرلمان يهيئ الأجواء للإرهاب من خلال الإزمات التي يختلقها أعضاء البرلمان لأن بعد كل إزمة نلاحظ شوارع المحافظات قد علا في أجوائها صوت إنفجار السيارات المفخخة أو العبوات الناسفة وفي شوارعها سالت الدماء الطاهرة للمواطنين الأبرياء العزل ، وبعد كل هذا الإستهتار من قبل الكثير من البرلمانيين بحقوق الشعب ولعدم وجود أية سلطة أو قوة تحاسبهم على هذا الإنحلال وعدم المبالاة بحياة المواطنين وما يعانون ، يجب على الشعب أن يحاسبهم من خلال صناديق الإنتخابات ويرفض إنتخابهم مرة ثانية ، وأما في الوقت الحالي ولعدم إقرار الموازنة بسبب المصالح الفئوية وغياب الحس الوطني وظهور الحس الطائفي البغيض فيجب على الشارع العراقي أن يقول كلمة الفصل في هذه الحالة التي تهدد حياته ومستقبله، فإذا كان أعضاء البرلمان لا يقدرون أن يقوموا بمسؤولياتهم التشريعية فعلا الشعب أن يأخذ زمام المبادرة وأن يجبر البرلمانيين بالمصادقة على الموازنة التي تمثل القلب الذي يغذي الجسد بالدماء لأن تأخر إقرار هذه الموازنة سيدفع العراق وعمليته السياسية الى المجهول الذي لا يحمد عقباه، لهذا ولعدم قدرة السياسيين الوطنيين أن يمرروا الموازنة فيجب على الشعب مساندتهم بالخروج الى الشوارع بأعداد مليونية بما يوازي النسبة الجماهيرية للذين يريدون تمرير الموازنة ، وإلا فأن ترك التحالف الوطني والوطنيين الذين يعانون معه وحدهم أمام من يريد تدمير العملية السياسية فهذا تحدٍ قد تكون نتائجه وخيمة لهذا يحب أن يسند الجميع بعضه بعضا حتى ترسو السفينة على سواحل الأمان.
التعليقات (0)