المنطقة الخطرة تبدأهنا ..يافطة كتبت بلون احمر وعلقت على جدار من الصبات الكونكريتيه الضخمة المتراصة والمحيطة ببناية من عدة طوابق تتخذ من منطقة شرق القناة مقرا لها ؛ مقر قياده مشتركه على ما يبدو
أو قاعدة عسكريه مشتركه عراقيه امريكيه ؛تقع تلك البناية على مفترق طرق وقد أغلق الشارع الرئيسي
المؤدي للقاعدة، وفي منتصف الشارع تربض دبابة امريكيه بحجم هائل ، ساكنه دون حراك كأنها مهجورة
مع إن في داخلها جنود والدليل برجها المتحرك ؛في أعلى البناية هوائيات وأبراج كثر ومراصد للقناصة ، وفي الأسفل جنود مدججون بالسلاح ؛عجلات عسكريه د اخله، وعجلات خارجه والمكان يعج بالحركة، وعلى الباب الرئيسي للقاعدة خطت أنامل الجنود العراقيين على ظهر الصبات الكونكريتيه شعارات ووصايا للجنود ؛ من بين تلك الشعارات والوصايا بخط مميز(الشمس شمسي والعراق عراقي) وفي أعلى الجدار (الله الوطن الشعب) وفي الجوانب (لا تتحدث بأسرار وحدتك العسكرية)( الجيش نور لمن يهتدي ونار على من يعتدي) وفي أسفل الجدار
(مقر الفوج 3 ف 11 ) يرحب بكم .. يوميا كان المشهد يتكرر أمامي حتى حفظته عن ظهر قلب ذهابا وجيئة ..
اليوم تغير كل شيء لم اعد أرى تلك الهوائيات العملاقة والأبراج أعلى البناية ؛ لااثر لدبابات أو عجلات عسكريه ..
لاجنود أمريكان .رفعت الصبات الكونكريتيه الضخمة برافعات عملاقه وحملت على ظهور مركبات واختفت ؛
الشارع بالمرور السريع أصبح سالكا ؛ دون حواجز ومطبات ، المنطقة السكنية قرب القاعدة تنفست الصعداء وأصبحت أكثر اتساع وأقل خطورة ؛ اعلي البناية ارتفع العلم العراقي ..
انه بدء تطبيق للاتفاقية الامنيه بين العراق والولايات المتحدة الامريكيه، وبند من بنود تلك الاتفاقية خروج القوات الامريكيه من المدن كخطوه أولى للانسحاب النهائي من كافة أراضي العراق 2011..وبرغم تلك التحولات السياسية المصيرية والجدية في تطبيق الاتفاقية كما هو متفق عليه إلا إننا..
نسمع أصوات نشاز لازالت تعزف على وتر المقاومة والجهاد وإقامة ألدوله الفاضلة بالقوة ؛ والأقاليم المنشقة بمساحات مقتطعه من الوطن إلام عنوة.. ولازالت الإعمال الارهابيه والطائفية ضد المواطنين الأبرياء عالقة في مخيلة رجل الشارع البسيط إلا أنها كشفت من قبل الناس وعرفت غاياتها .. مليشيات تتربص ، صارت اسمن من ذي قبل وتناسلت، واجهات ودكاكين، وتيارات، وموارد ماليه ضخمه ومناصب رسميه ؛ وتعزز موقفها اكثربعد إن أطلق سراح اغلب قياداتها من السجون الامريكيه من خلال صفقات ومساومات مشبوهة ، ضاربه عرض الحائط حقوق الأبرياء من صحفيين وأطباء وأساتذة وكفاءات وبسطاء من الناس اغتيلوا غدرا على يدتلك المليشيات بدوافع طائفيه أو غايات أخرى .. وهاهي ألان تنتهز ألفرصه بخروج القوه الامريكيه الضاربة من المدن لتطبق مشروعها الطائفي المعد سلفا .. تنظيمات مسلحة أكثر تنظيم، وإرهاب معتوه وسماسرة ، ومسوقين للموت مدفوعين بمهمة قتل الأبرياء في الأسواق والمدارس. باحثين عن شعارات جديدة للمرحلة القادمة تسوغ استمرار أعمالهم الطائفية والارهابيه بعد أن فرغت جعبة شعاراتهم المستهلكة وبانت مراميهم ..؛وتتلخص تلك الأهداف في حرصهم على إبقاء الباب مفتوحا لقتل اكبر عدد من العراقيين لخدمة أجندات إقليميه مدفوع ثمنها مقدما بالعملة الصعبة، منها ما هو طائفي تقسيمي ومنها ماهو إرهابي ممزوج بحقد أعمى أو غباء فطري .. اوطموحات شخصيه عند البعض في أعادة التسلط .. صورة الاحتلال الرمزي قد انتهت .. ويبقى العراق .. كما هو ديدنه دائما بعد أن تتكسر على صخرته كل الاحتلالات والدكتاتوريات والتدخلات الخارجية والطائفية المقيتة ..غدا الاختبار الحقيقي لعراقية العراقي بغض النظر عن كوننا مع الحكومة الحالية أو معارضون لها ؛ لأننا مع العراق أولا وثانيا وثالثا! حتى يبرئ العملاق من جروحه الغائرة لينهض من جديد مسنود بعمق حضارة متمدنة عمرها ستة ألاف عام ليهزأ من كل الصغار الذين غرزوا نصال خناجرهم في جسده في غفلة من الزمن ..وهكذا ينعطف الباص تاركا خلفه بقايا اثأر القاعدة الامريكيه ؛ مستقبلا شارع يخلو من الأجانب المدججين بالسلاح ومن مشهد الرعب اليومي الطويل ، لتظهر أمامنا يافطة أخرى كتبت بخط اخضر : المنطقة الخطرة تنتهي هنا .. هل نصدق ..!؟ مازال الباص ينوء بصمت الركاب وأسئلة كثيرة ترتسم على ملامح وجوههم ولكن دون إجابات ..!؟؟.
صادق البصري
29/6/2009
التعليقات (0)