يا سيدي يا ريس .... أنت غلطان

يا سيدي يا ريس .... أنت غلطان
هربا من حرارة وزحمة صيف دمشق، كنت أقضي أغلب اوقاتي في مصيف بلودان..
حيث الجو أكثر قبولا واعتدالا
اعتدت الجلوس في مقهى على رصيف فندق "بلودان" بحيث أستطيع مشاهدة الناس والمصطافين، والأصدقاء، على قلتهم..
تعرفت على منير وأصبحنا أصدقاء
بل أصبح صديقي العزيز الذي أستأنس بجلسته وحواره
الجميع يعتقد بأنه مجنون ولكنه برأي غير ذلك
تدور بيننا أحاديث فيها الكثير من الحكمة فيما لو اعتبرناه مجنونا وسلمنا بالمثل القائل خذوا الحكمة...
صديقي منير لم يسمع عن قنوات الجزيرة ولا العربية ولا حتى السورية لأنه وببساطة ليس لديه تلفاز بالبيت , لأنه لا يملك مأوى ,ولا يعرف أيا من الزعماء العرب ولاحتى سئ الصيت بوش , ولا بابا ماما (أوباما) وذلك عندما قلت له هل تعرف أوباما فأجابني "مين هاد بابا ماما"، ولا يعرف أن هناك دولا عربية بل يعرف دول "بتحكي عربي" كالأردن، والعراق، وقطر، والإمارات، والكويت، والسعودية
لا يعرف شيئا عن الوزارات والوزراء في البلد، كل من يعرفه هو رئيس المخفر (سيادة الملازم) ورئيس البلدية وكم شرطي.
حدثني مرة عن من اسماهم شلة الحرامية فقادني ذلك لكي أعرض عليه منصب رئيس بلدية ، فأجابني معارضا "أنا أصير حرامي"، فأجبته لأنك لست حرامي, فيجب أن تصبح رئيسا للبلدية، ولكن سؤالي ماذ ستفعل لو صرت .
أجابني " همّ شغلتين أي شخص بدو يعمّر بساعدو وبعطيه شو بدو، وبنظف الشوارع لتصير متل الفلة" ، فسألته ولماذا تريد الشوارع نظيفه فقال: "يللي ما عندو مكان ينام فيه متل حكايتي يصير يئدر ينام "
نجاح برنامجه لرئاسة البلدية دفعني لكي أعرض عليه رئاسة المخفر وسئلته ماذا سيفعل ان صار كذلك فقال لي " هم شغلتين، برفع رواتب الشرطة حتى ما يسرقوا واللي بيسرق بقطع إيدو، وبنظف السجون وما بخلي حدا بالسجن، أي اتنين متخانقين بصالحهم مع بعض وبطلعهم".
فقلت له والسجين السياسي، فقال: "مين هاد السجين السياسي وشو بيطلع؟!"
شرحت له "شو بيطلع" فأجابني "الله لا يردوا خللي يشوف له شغلة بتنفعوا"
بعدها قدمت له عرضا بأن يصبح رئيس وزراء طبعا اعترض وبشدة على العرض قائلا " يستر على حريماتك لا تخرب بيتي" فشرحت له أكثر عن المنصب وأنه لا يعني ما أثار خوفه، هنا وافق...
فسألته ماذا ستفعل لو أصبحت....
أجابني وهو يضحك " هم شغلتين ما بخلي ولا شحاد بالشارع، وما بخلي ولا واحد بدون وظيفة"
فقلت له وكيف ستوظف الناس وأين؟.. فقال " شايف الجبل شو كبير وفاضي وما فيه ولا شجرة، بخلي قسم من الناس تزرع شجر وقسم آخر بيعمر الجبل حتى تصير بلدنا متل لبنان كلياتها فنادق ومطاعم ومقاهي" فسألته هل زرت لبنان لكي تقول متل لبنان؟ ..
فقال" لا والله بس هيك الناس بيحكوا"
رفعت رأسي الى السماء وقلت "يا ربي اكرمنا برئيس وزراء متل منير"
فرد مشفق علي يا سيدي يا ريس انت غلطان وأضاف
" هيك منصب بدو واحد عاقل مو مجنون متلي"
فسألته ولماذا؟.. فأجابني " حدا بيحط حارس للعصفورية مجنون" ؟!