بسم الله الرحمن الرحيم
يا سيادة الرئيس!!!!.... تأبطت شرا وعلى الباغي تدور الدوائر
ان المتتبع لوضع النظام السوري يرى انه آيل الى السقوط لامحالة وهو الان يحاول الاستفادة من عامل الزمن لتأخير سقوطه املا في تغير الظروف التي قد تسمح باستمراره ومكوثه عقود اخرى في استبداده وطغيانه.
ففي الخطاب الاخير للرئيس المرتحل نجد انه يعيش في عالم اخر بعيدا عن الواقع وفقد السيطرة على المقود كما اكد ذلك الكثيرون من خلال بعض النقاط :
اولها: الاشارة الى تصميمه على الاستمرار في الحل الامني و استمرار تهديده للشعب في معركة النظام مع الشرعية الشعبية بشكل متزامن مع الحل الحواري معها, مما يؤكد انه فقد الثقة في حله السلمي السياسي وانه يستعمل كلمة الحوار كمحاولة للاستفادة من عامل الزمن للقضاء على الثورة بالسيطرة على المعارضة وتوجيهها وهي لعبة كثيرا ما يتقنها النظام السوري.
ثانيا: انه اشار الى انتخابات مجلس الشعب القادمة وكانه يخطط لتعقيد الامور باجراء الانتخابات في ظل وضعه الراهن لكي يستمر في الحكم فترة اخرى من خلال ايجاد ظروف جديدة في وضع دستوري جديد يؤهله في الاستمرار في الحكم فترة اخرى ريثما يدبر امره.
اما الطامة الكبرى فهي تكمن في الخطأ في العنوان و محاولة الرئيس السوري الأسد العودة الى الوراء أكثر من عقد من الزمن للاحتماء بمنطق المؤامرة واللغة التضليلية التي لا تقول ولا تنتج أي معنى، في مواجهة أرهاصات الثورة التي تعصف ببلاده.
وبالنسبة لموضوع الاصلاح فانه لن يتحقق في سوريا حتى وان بدأ بتشكيل لجان حوار شعبية كما يدعي , والسبب في عدم تحقيق الإصلاح يعود إلى سببين رئيسين
أولا : غياب المحاور الحقيقي, كما ان المعارضة لم تصل بعد الى نقطة البدء بالحوار فهي لم تاخذ شكل الانتشار الافقي الذي يجعلها تفرض وجودها في الشارع بالاضافة الى عدم وجود قوى سياسية معارضة يمكن الاعتماد عليها لتقوم بدور واضح وملموس .فالمعارضة الموجودة مجرد معارضة الصفوة الشبابية التي سئمت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية فبحثت عن شخصيات قيادية ولم تجد إلا الشارع لتلتحف السماء وتفترش الأرض , وبدأت تتحرك باتجاه تشكيل كياناتها الخاصة بابداع جديد وهو تشكيل منسقيات الثورة عبر الفيس بوك التي لايمكن القضاء عليها والتي ستقود الثورة على الارض وتقود حملتها الاعلامية .
ثانياً : لن يتحقق الإصلاح لانه بمجرد دخول الحكومة السورية والنظام الحاكم في نفق وطريق الإصلاحات فإن النظام الذي يحكم سوريا طوال خمسة عقود سوف يسقط ويقضي على نفسه لأنه قائم على المذهبية والكراهية ويتخذ من الأجهزة الأمنية وقسوتها وسيلة للبقاء في السلطة ,.
لذلك فانه يمكننا القول انه لا إصلاح يلوح في الأفق وإنما مزيد من القمع ومزيد من مرتزقة إيران ومزيد من العنف والمواجهة واستمرار العمليات القمعية ضد الشعب الأعزل مع صمت الجامعة العبرية التي نطقت كفراً وشرعت لقصف ليبيا كما شرعت لغزو العراق في السابق ونحن نريدها صامته حتى لا تنطق كفراً .
ليس اليوم كالبارحة
ولعل سيادة الرئيس عليه ان يعلم ان اليوم ليس كما في الثمانينات فهناك الانتفاضة كانت تقودها جماعة الاخوان فقط والتي استجرها والده الى المعركة قبل نضج حركتها الشعبية واستفاد من الوضع الاقليمي وضعف وسائل الاعلام, للاجهاز على الحركة الاسلامية التي لم تنضج بعد وليظهر نفسه امام العالم وكانه انتصر على الارهاب , اما اليوم فان حركة المعارضة السورية قد وعت درسها واخذت زمام المبادرة وبدأت تتصرف بمبدأ الفعل وليس ردة الفعل,كما ان وضع النظام العالمي السياسي الجديد قد تغير الى درجة لايسمح من خلالها الى حماية نظام اوشك على السقوط تاريخيا وسياسيا وتنظيميا وسيصبح قريبا مرميا في زبالات التاريخ.
وهنا لابد من الملاحظة ان وضع الحراك السوري الان هو مابين الانتفاضة و مرحلة الثورة والذي يبشر بالنصر لانه بدأ واعتمد على القواعد الشعبية ولم يبدأ من النخب الهرمة التي لم تتجاوز حاجز الخوف بعد . كما ان المشاركون في الانتفاضة توحدوا حول حقيقة الشعارات التي رفعها الشباب، وبالذات شعارات الحرية والكرامة الإنسانية، التي كانت أهم ما نادى به قادة الانتفاضة الحقيقيين.
.وقد تصدر الانتفاضة وقادها في البداية من أطلقنا عليهم شباب الفيسبوك، وهم بالحقيقة صفوة الشباب العربي من حيث التأهيل العلمي والمستوى الاجتماعي، ويرتبطون بالثقافة العالمية عبر وسائل الاتصالات، بأكثر مما يرتبطون بالثقافة المحلية التقليدية، وهم الذين طالبوا بالحرية والكرامة الإنسانية، وفهموا شعارات العدالة بطريقة تختلف بالتأكيد عن سواهم، ممن فهموا العدالة على أنها المساواة في تقاسم كعكة الوطن
هذه الصفوة في كل الشعوب هي من تقود الأغلبية الصامتة أو المنصرفة لشئونها الشخصية، لتبدا بالتوسع الأفقي لتصل الى مرحلة الثورة، لكي يمثلوا كافة شرائح المجتمع وتوزيعهم الديموجرافي.
وقد ضم هؤلاء بين صفوفهم قطاعاً كبيراً اجتذبته المناداة بسقوط نظام لم نتصور يوماً ان اوراقه ستسقط يهذه السهولة و أن نتجرأ عليه إلى هذه الدرجة. . ان هؤلاء جميعاً ونجاحهم الجزئي في بداية أيام الانتفاضة، هو الذي دفع الاغلبية الصامتة ، لتبدأ بحفظ مكان لها وسط الجماهير الثائرة. . وهي فقط النواة المكونة ممن سميناهم شباب الفيسبوك، من يستحقون أن يلقبوا بالثواروالذين سيقودون ثورة الشباب باذن الله.
ان الحجم "الكمي" القادم للحراك هو الذي سيحدد صفة "النوعية" التي سنصف بها الوضع السوري ما بين "انتفاضة" لا تلبث أن تخمد ( لاسمح الله)مخلفة حداً أدنى من الآثار سلبية كانت أم إيجابية، وصولاً إلى تصنيف "ثورة"، والتي ينظر إليها كفعل وحالة تغيير شامل وعميق. وفي كل الاحوال ان على الرئيس ان يعلم ان العنوان الصحيح للثورة السورية هو الشعب الذي بدأ باستيعاب حركة الثورة وليست القوى الخارجية التي لن تحميه وتعطي اكسير الحياة لنظامه الذي انتهت مدة صلاحيته, كما ان تسونامي كرة الثلج بدأ بالتدحرج ليصل مستقره ولتعلمن نبأه بعد حين.
وهذا ماننتظره في الايام القادمة.
التعليقات (0)