يا زعرة في خيالي
رابح التيجاني
كنت على يقين وأنا بسينما أبولو أيام الصبا أشاهد وأغني مع فريد
الأطرش أغنية يا زهرة في خيالي بأن فريد مخطئ لا شك وهو
يتغنى بزهرة ، وأقلب الأمر على شتى وجوهه ولا أهتدي إلا إلى
ترجيح واحد ووحيد وهو أن وحيد كان عليه أن يقول يا زعرة في
خيالي وهو الصواب الأكيد والرأي السديد ، فلا يمكن بحال أن ينادي
زهرة ، وليته كان يقصد زهرة الآدمية ، أو حتى نادية لطفي التي لم
تشاركه فيلمه حبيب العمر، ولكنه كان يلمح إلى شقراء ربما رآها
ذات يوم أوليلة في بلاد العجم، أو في بلاد العرب من يدري فلون
الشعروالعيون مما يميز الشقر أصبح متاحا للجميع بيضا وسمرا سودا
وصفرا.
خلصنا الآن إلى أنه كان ينادي زعرة لاسيما وإيقاع الأغنية تانغو
راقص فضاؤه رومانسي حالم ، ولنا أن نتخيل ولكم أيضا أن تتخيلوا
مادامت الزهرة في خياله والخيال مباح لنا ولكم هل يستقيم اقتران
التانغو بزهرة هل يتم لقاؤهما في زقاق أو حلبة أو قبو ولو افتراضا
أو صدفة ، كلا وألف كلا، ماسمعنا بهذا ، أبدا أبدا .
ودرءا لكل اعتراض مغرض خصوصا من أنصار البيئة ودعاة
احترام النباتات و الورود والزهور أقول بلا فخر وبكل تواضع بأن
نداءه يا زعرة في خيالي المقصود به ومن ورائه الشقراء ثم الشقراء
ولاشقراء إلا الشقراء مادام فريد يواصل ويقرر بأنه رعى الزهرة،
والرعي كما هو معلوم لايكون لغير الحيوان عموما ومن يشبهه
ويشابهه أي الإنسان شرف الله قدركم، فلا يمكن والحال هذه أن
يرعى المغني زهرة ويترك زعرة ، ولنا أن نتصور هذا الرعي
لزهرة ، مشهد سوريالي للراعي يهش بعصاه على زهرة ولا يخبط
بها زعرة، هذا هو المحال والمستحيل بعينه، إنها زعرة وأكثر من
ذلك جنت عليها الليالي أي الليالي الملاح والسهر حتى الصباح ، أما
الزهور البريئة الوديعة فيستبعد أن تجني عليها الليالي لأنها لاتظهر
بعد غروب الشمس أبدا ولا أحد في الظلام يجني ويقطف الزهور ،
فالجني والتجني يكون صباحا ، زد على ذلك أن الليالي ليست جانية
بل حانية يعمها السكون والسكينة.
يختتم فريد نداءه بأن الفتون وسحره ضاع بل ومات وهنا ينتفي كل
شك وتزول كل ريبة ويتأكد بأن الأمر يعني زعرة ، إذ لاسحر
ولافتون إلا فيها أما الزهرة فتظل زهرة لا صلة لها بالسحر والفتنة
وقانا الله وإياكم من أذاهما وشرورهما .
التعليقات (0)