هناك مثل شعبي معناه (إذا لم يسمع ما تقول فاسمع أنت ما يقول) لأنه لو لم يحدث هذا فإما أن تسكتا وينقطع التواصل, وإما أن تتكلما ولا يفهم أحدكما قول الآخر. وهذه حكمة نقع في مخالفتها جميعا دون استثناء الكاتب. إن الإعجاب بالرأي طبيعة بشرية لولاها ما كان التدافع والتضاد الذي يشكل الوقود الذي تطبخ علي ناره الأفكار لتصير صالحة للتداول وارتقاء الحضارة. ولكن الخطأ الذي نقع فيه هو الإغراق في الإعجاب بالرأي لأن ذلك يكون أساسا لخلاف ينتج الصراخ ثم البغضاء ثم المقاطعة, وهنا يبدأ اضمحلال الفكر وانغلاقه. ولو آمنا بتكامل الفكر الإنساني لوجدنا أن ما نحيا فيه هو مجموع الفكر البشري الذي نستمتع بمنجزاته من الملبس والسكن وكل ما أنجزه عقل الإنسان من أدوات وأجهزة وطاقة ووسائل مواصلات وعلوم باختلافها واتساع مجالاتها من طب وهندسة إلخ. ورغم أن المكون الأساسي لكل هذا هو أنا وأنت وهو ممن وصفناهم بالانغلاق علي النفس والإعجاب بالرأي, إلا أن النتيجة هي عمل منتظم في حياة البشر.... وبنظرة فاحصة, لا بد أن توصلنا إلي أن المحرك الوحيد المنطقي لهذه المتناقضات والنقائص والمنسق بينها لإنتاج حياة بشرية منتظمة هو الله.... ولا يمكن للعقل الإنساني وحده - دون هداية وإعانة- أن ينظم عالمه علي مستوي الحياة البشرية بعناصرها التي لا تحصى ليصل إلي انتظام العالم الذي نعيش فيه...... والخلاصة أن الله هو القادر علي تركيب عالم منتظم, من مكونات متصارعة, ولا طاقة للبشر كلهم مجتمعين علي فعل ذلك.
التعليقات (0)