قيام رابطة علماء ليبيا بنقذ قانون الأفتاء الذي إعتمده المجلس الانتقالي يوم 20 فبراير الجاري وإظهار عيوبه عمل سليم .ولا أريد الدخول في تفاصيل ملاحظات رابطة العلماء فهي مفصلة وشافية . ولكني أريد أن أشير الى ملاحظات الرابطة على المادة رقم (01):
جاء تعريف الفتوى قاصراً عما عرّفها به السادة العلماء، ويجب إضافة هذه الجزئية للتعريف
( ففتوى العالم غير ملزمة، وإنما الملزم حكم القاضي، وقد قال العلماء في الفرق بين القضاء والإفتاء :
القضاء ملزم للخصوم ونافذ فيهم بخلاف الإفتاء فإن المستفتي مخير بين العمل بالفتوى أو إهمالها.
قضاء القاضي بخلاف فتوى المفتي نافذ ولا يعد نقداً لقضاء سابق).
من هذا نفهم ان فتوى المفتي غير ملزمة ولا ترقى إلى حكم القاضي الذي يطبق القانون الذي يضعه المجلس التشريعي المنتخب شعبيا للبلاد نيابة عن الشعب . لأن حكم القاضي ملزم للخصوم ونافذ فيهم بخلاف الأفتاء فأن المستفتي مخير بين العمل بالفتوى أو إهمالها . هذا في رأيي يوضح إن المفتي عبارة عن مرجع للتشريع غير ملزم كرأي المستشار القانوني . ولهذا أستغرب أن تعطى له هذه المكاانة كسلطة رابعة تعلوا باقي السلطات ، والعودة بناء الى حكم الكنيسة الكاثولكية الذي ساد أوربا في العصور الوسطى أو حكم الفقيه . فليس من أجل هذا قامت الثورة وليس من أجل هذا قدمت التضحيات بمئات الألاف من القتلي والجرحى والمغيبين وتهديم مدن بكاملها . إن قيام المجلس الأنتقالي بأصدار هذا القانون هو تجاوز لأختصاصاته ، وعليه إلغاءه حالا . وعلى الشعب أن يقول كلمته قبل فوات الأوان . فالدستور لم يصاغ ولم يصدربعد . وأي قوانين تتعلق بسيادة الدولة يجب أن تكون منبثقة من الدستور. الأفتاء مشورة من عالم ديني يقوم بهذا الدور تطوعا أو بطلب من مسلم يريد معرفة حكما من أحكام الدين . ويجب أن تلغى وظيفة المفتي ، فالعلماء أحرار في نشر فتاواهم ومناقشتها في الأعلام مع عامة الناس وتحويلها إلى السلطات المختصة للاخذ بها أورفضها ، ويجب أن لا يكونوا موظفين في الدولة ، بل مواطنين معروفين بالعلم والصلاح ولهم أعمال أخرى يرتزقون منها كتدريس الدين في المدارس وأئمة للمساجد وتجار ,وأصحاب المهن الأخرى .
كنا في سنوات الحرب العالمية الثانية ندرس في المسجد ونسميه الجامع . وكان الفقهاء وحافظي القران من كبار الطلبة يدرسوننا كتابة وحفظ القران ويملون علينا أيات من القران حسب أعمارنا ومقدرتنا الأستعابية ونكتبها على لوح من الخشب مطلي بطين رمادي ، ونغسل اللوح في نهاية اليوم بعد أن نحفظ عن ظهر قلب ما كتب فيه من أيات ، ونتلوه على الفقيه ، وبعد ذلك نغادر الجامع لنأتي في اليوم التالي دون تناول الافطار لكتابة ما يمليه علينا الفقيه أو كبار الطلبة من حفظة القران الذين يواصلون حضور حلقات الدروس في النحو والصرف والفقه ليصبحوا شيوخا ومفتيين . ويصلي الأئمة بالناس ويعيشون على ما تجود بها عائلات التلاميذ يوم الأربعاء من كل اسبوع( الربحية ) ، حيت يقوم ا الطلبة باعطاء الفقية كل يوم الاربعاء بضعة قروش أو حسب مقدرة عائلاتهم لأن يوم الأربعاء هو نهاية الأسبوع فالخميس عطلة ونرجع إلى الجامع بعد صلاة الجمعة .
والفقيه يعيش على هذه العطية وما يتكرم عليه أغنياء الحي . وتقام حلقات التدريس ويقوم شيوخ المدينة أو القرية بتعليم الأطفال الكتابة والقراءة وحفظ القران ثم علوم النحو والفقه ليصبحوا شيوخا ويشرحون الدين للعامة ويفتون لهم في أمور دينهم ودنياهم ، ويعيش هؤلاء الشيوخ على ما يجود به أثرياء القرية أو المدينة . وهذا التقليد موجود حتى في الكنيسة المسيحية واليهودية حيث يدفع المصلون يضعة قروش في صندوق يعد لهم للكنيسة في أوقات الصلاة .وللمساجد والكنائس عادة أملاك وقف يوقفها الأغنياء الذين كثيرا ما يبنون المساجد على حسابهم . والمفتي كان رمزا في العاصمة يعلن حلول شهر رمضان والعيد ويحضر الأحتفالات ولا عمل له . نحن لا نعرف لماذا تدخل الدولة الأن في الشئون الدينية فعملت للأئمة والمؤدنين والمشايخ مرتبات ودرجات أسوة بالكنائس المسيحية التي تدفع مصاربفها من دخولها الشعبية رغم أنه لا كهنية في الاسلام .
منذ سمعت الشيخ مصطفى عبد الجليل في خطاب التحرير يركز على الشريعة الاسلامية والزواج بأربع نساء توقعت شيئا . وقد كتبت بعدها قصة خيالية كنكتة إنتقادية في( ليبيا المستقبل ) ولكن خيالي الذي إعتقدت إنه لا يتحقق إلا في الأحلام كان دون ما يطالب به المجلس الانتقالي وسماحة المفتي بكثير ، فلم أكن أتخيل أن يصدر قانون للأفتاء يعطي المفتي أعلى مرتبة من رئيس الوزراء و يقرر للبرلمان ما يجوز وما لا يجوز ويوافق على القوانين قبل إصدارها . وهو بذلك أعلى سلطة من رئيس الجمهورية . وكذلك إنشاء دولة للأفتاء داخل الدولة تسير أمور الدولة . و لها جهاز للأفتاء في كل قرية ومدينة يفتي للمجالس المحلية والموظفين ويبينون لهم ما يمكنهم عمله وما لا يمكنهم عمله .
في الحقيقة فقدت الأمل في إصلاح حالنا والأمر لشبابنا الثوار لتكملة المشوار وإلا عاشوا بقية حياتهم مكبلين كما عشنا لأن ما يصدر من قرارات من المجلس الأنتفالي والحكومة المؤقتة لا تبعث على الأمل والرضا . وبدانا مرحلة ثانية مرحلة إنذار السلطات المؤقتة صراحة إما تقبلوا قراراتنا وتنضموا تحت لوائنا أوتنقسم البلاد إلى أقاليم وقبائل لتحكمكم.
التعليقات (0)