مسك الليل
ياسر محمد إبراهيم
مسك الليل " هى مجموعة أحمد الشريف القصصية ,الأولى وبدون التعرض , للشكل الذي أتخذه الكتاب فى مجموعته , وهل هى مقاطع نثري تحفل بلغة جمالية؟ أم قصص قصيرة , نترك هذا الجدل , ونقول أننا أمام رواية قصيرة اتخذت شكل المجموعة القصصية , يؤكد ما ذهبنا إليه إنها الوحدة التى تجمع المجموعة , كلها ليست وحدة المكان , فحسب بل وجود الشخصيات وأبطال القصص وتواجدهم فى ثنايا وأحداث المجموعة , فنجد مثالا لذلك عبد الحفيظ جمعة فى " جنة وعفريت مسروق , وهو يقود موتوسكله , نراه فى قصة " يا وجعك يا توفيق " وهو يشتجر ويهزي ونراه , فى فيلكسا ,عند مدخل القرية , يسير مهوش الشعر ,
عز الفيومى فى قصة ," حلم أزرق بشارة بيضاء " يقتحم وحدة الراوي , ويقول له : مازلت تبحث عن أرض خضراء وماء , وأصحابك الموهبين , ويعطيه ورقة خطاب , ورقة خطاب , رحيله ونجد فى قصة , "حلم مقطوع الساق " يلتقى الراوي بعد أن طرد فى غابات سويسرا . وهكذا نري , أبطالا أخريين يتحركون داخل قصص المجموعة بنفس السمات , والأسماء , على التلتاوي عم عارف , عروش , لكن الذي يميز مسك الليل ليس تقنية الشكل بل اللغة ,والصورة السينمائية , بحرفية , وتكنيك , عاليين و يمسك أحمد الشريف عدسته ويضبط بعده البؤري ويلتقط صورته بعد أن صوب عدسته , على المنظر الذي يريد التقاطه لنا وهو يعلم أنه فور تصويبه , وضغطه على زناد اللحظة التى يريد تصويرها,تظهر الصورة أقرب للصورة السينمائية ,لا الصورة الفوتوغرافية بكل سكونيتها , فصورة أحمد الشريف , حيه بها كل عناصر الحياة , وهى ليست صورة منقولة تحاكى واقعها فحسب , بل صورة حذف منها ما يراه , غير ضروري , وابقي منها شاعريتها وجمالها الأخاذ .
الصورة فى مسك الليل تحفل بالإضاءة الناعمة جدا , ليس لها ظلال محددة لأن لونها هو لو المصدر , الضوئي الذي يضيء المنظر فنري , الضباب نازلا من السماء والنجوم الصغيرة , وبقع الضوء التى تترقرق فى منحنيات الممر المظلم " جنة وعفريت مسروق "
- مصباح الإضاءة الوحيدة كسر لم يبقى إلا ضوء القمر الرومنتيكى , بالكاد تبين
شعاعاته , من بين السحب المتراكمة , وسط الضباب الأبيض , الكثيف , كان غيث وكلابه يسيرون " تعويص "
بدا ضوء القمر المتضائل , يعود تبينت على ضوئه البيت الذى احتميت به " حلم مقطوع الساق "
أخيراً استعدت من الذاكرة القالب الموسيقى التركى " البشرف " الذى له لحن محدد ويتكون من أربع أجزاء رئيسية يسمى كل منهم " خانة " ويفصل كل خانة وأخري جزء صغير يسمى التسليمة بين الخانات ويختتم بها البشرف , وجاءت " مسك الليل أقرب إلى هذا القالب الموسيقى ,ولا أجد هناك تعسفاً , لو قلت إن قصة " جنة وعفريت مسروق " هى إحماء وافتتاح لهذا القالب اللحني ثم يبدأ القالب بحلم أزرق وبشارة بيضاء .. خانة
يا وجعك يا توفيق
سرة امرأة خانة
فليكسا تسليمة
تعويص ,, خانة
طيف رجل ظل امرأة .. تسليمة
بيلاتسى .. خانة
حلم مقطوع الساق .. تسليمة وهى الخاتمة لمسك الليل
التعليقات (0)