الحديث عن المطر لا يمكن ان يحصر ببضعة سطور او صفحات لما يحمل ويمثل من دلالات ومعاني تقتحم اسرار الوجود وتغوص في البحث عن النشأة والتكوين, ويكفي انه الخير بعينه , وقطراته تغسل وجه الارض , وتستهل الاشجار فرحا للقياه,ويالبيت انهمار المطر يلهم العقول الضالة افكارا تأخذ بايديهم نحو صراط قويم,ويزرع في نفوسهم بذرة حب الانتماء لهذا الوطن الجريح لتثمر عشق الانسان لانسانيته,مثلما يلهم الشعراء اجمل قصائدهم,
وعسى ان تنفع اجواء قصف الرعود ونزول الغيث مسؤولي الدولة لوراجعة انفسهم حين الجلوس قرب المدفئة , والتفكر بامور الرعية بنية خالصة لاتشوبها نزعات فئوية وحزبية,
انها امال تطرح نفسها للتحقيق, قد يستسهلها البعض, ويستصعبها الاخر,وهي فرصة يمكن اغتنامها او اضاعتها, ولكم تمنيت ان تتحقق هذه الامال,وان تغسل الامطار هموم بلدي وتسبح القلوب السوداء في دجلة والفرات, علها تخرج بيضاء نقية مطهرة من كل حقد طرق ابوابها في لحظات طارئة,
وعلى الرغم من التفاءول الذي تبديه البشرية جمعاء على اختلاف مذاهبها وطوائفهاواديانها حيال المطر, الا اني اعتقد ان الكثير من ابناء بغداد سيما الذين يقطنون في المناطق الشعبية لايخفون امتعاضهم الشديد منه,ويبدون باخذ اجراءاتهم الاحترازية والوقائية, مجرد ان تهب الرياح وتتلبد الغيوم وتتهيأ السماء لتفرغ ما في جعبتها من مطر, وسبب ذلك هو: ما ان تتساقط القليل او الكثير من الزخات المطريةحتى تتحول مناطقهم الى بركة سباحة,وهذا ينسحب على اغلب مناطق العاصمة, وكأن لسان حال ابنائهم يقول:
لم يعد من الضروري ان نتحسر شوقا للذهاب لتلك المدينة التي تطفو على سطح الماء وتصارع الغرق والفناء من اجل الديمومة والبقاء لنطلع على معالم مدينة البندقية السياحية , وكيف نشأت؟فقد شاءت الظروف واستحكمت المحن, لتبلور لنا فينيسيا اخرى, ولكن هذه المرة في العراق رغم الفوارق الشاسعة ما بين المدينتان,فالاولى تطفو على مياه الانهر والثانية تعوم في مياه الامطار والصرف الصحي,وهو ما حدث قبل ايام,
حين انهمر المطر.. فاضت شوارع بغداد ..
حار الوطن واستدار.. صاح المواطن اين المفر...
اين الملاذ من الغرق.. اما يكفي ما بنا من حزن وقلق...
تعبنا واصبنا بالارق... عندها نادت امانة العاصمة...
نحن هنا ياوطني...
ارجو المعذرة... نعمل ما بوسعنا حتى تكون بغداد للدنيا حاضرة...
الا ترى احمرار عيوننا الساهرة...
يا ابناء العاصمة ...انتظرونا في السنة القادمة ..
سننشى انفاقا عملاقة لشبكات مياه الامطار..
وصبرا جميلا ان زدنا في حجم الاعذار...
فالاموال وفيرة لكنها لا تكفي ..
لا نعرف اين تختفي ..
هل تهدر على الايفادات...
ام تصرف لترقيع الشوارع وزع الشتلات..
استميحك عذرا يا امانتي ..
في كل عام .. نسمع هذه الكلام ..
سننشى.. سنعمر..
سنبني .. سندمر..
ياابناء العاصمة .. انتظرونا في السنة القادمة!
التعليقات (0)