01 ـ (البلطجة) في قاموس الثورات العربية المعاصرة :
قد لا يكون لمصطلح (البلطجة) وجود في القاموس العربي ، لكنه الأكثر إرتباطا بسلسلة الثورات الشعبية المتلاحقة ، والأكثر شيوعا لدى وسائل الإعلام في وصف تعامل الأنظمة مع جموع المتظاهرين المطالبين بالتغيير ! .. وبالكاد تقوم ثورة في بلد عربي دون ذكر بلطجية الأنظمة ومرتزقتها ، وكلابها الذين ترسلهم إلى الشوارع لترويع المعارضة ، والتنكيل بالمواطنين العزّل الأبرياء ! ..
فالبلطجة هي سلاح الرّدع المُستحدث من طرف الأنظمة العربية ، والمُضاف على ترساناتها المحشودة لقمع حريات شعوبها .. وهي أيضا علكة الإعلام التي يمضغها في الطالعة والنازلة ، حتى ألهم الطغاة اللجوء إليها كلما جاء الدّور على أحدهم لمواجهة مطالب شعبه المشروعة !..
فالإعلام سلاح ذو حدّين ، وهذا ما تعج به تصريحات أصحاب المجال ليس لأنهم يستطيعون الفصل بين حدّيه ، بل لأنهم يعترفون بإستحالة ذلك !.. إذ ورغم توجّهات بعض القنوات الإعلامية المُحدّدة ، والتي تحرص على نقل الأحداث على ضوئها ، إلا أنها تنقل ما يتنافى معها أيضا دون إمكانية لغربلته حتى يتماشى وسياساتها التحريرية ! ..
صحيح أن بعض القنوات العربية وقفت مع الشعوب في سلسلة ثوراتهم ، بل وساهمت بشكل كبير في إنتقال شرارتها عبر الوطن العربي .. وصحيح أن بعض تلك القنوات تكاد تصبح مطلبا شعبيا مشتركا كمطلب (الشعب يريد إسقاط النظام) ، إلا أن كل ذلك لم يُجنبها الإستعمال الكارثي لسلاحها الفعّال ذي الحدّين ! ..
ففي الوقت الذي كرّست فيه الجزيرة (مثلا) ، نفسها صوتا (للآخر) المُكمّم والمُضطهد ، وسخّرت كل إمكاناتها ومساحاتها لنقل مظاهراته وإعتصاماته ومواجهاته مع الأجهزة القمعية ، لحثه على التعبير عن رأيه ، ووصف معاناته وقهره .. كانت تنقل صورا سلبية تزامنا مع تلك الصور الإيجابية ! .. فكما كانت تزود الثوّار بآليات دفاعية في وجه الأنظمة ، كانت تزوّد الجلاّدين أيضا بسُبل تعذيب جديدة ! ..
و(البلطجة) هي إحدى تلك الوسائل القمعية الجديدة التي تتناقلها الأنظمة ، إقتداءا ببعضها وبمساهمة تلك القنوات ، تماما كما تقتدي الشعوب ببعضها في طلب الحرية .. لذلك تبقى الأحاديث عنها مجرّد وُجهات نظر مُضجِـرة ! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن | 27 . 03 . 2011
التعليقات (0)