03 ـ النقاش حول الإسـلام ! :
أي دعوة للنقاش حول الدين الإسلامي ، أصبحت توحي للمسلمين بهجومات قادمة على معتقدهم ، وتجعلهم يرتابون ويشكون في نوايا أصحاب الدعوات ، خصوصا إذا كانوا من الغرب الذي أصبح موقفه من الإسلام واضحا ولا يستدعي أي إسترسالات ! .. فالغرب بنى موقفه من الإسلام على ضوء خلفيات سلبية لفئة متطرفة تنتهج الدموية لنشر تعاليم دين السلام ! .. والغرب مُلامٌ في نظرته الأحادية والسلبية للإسلام ، ولايمكنه لوم المسلمين على التشكيك في أي دعوات منه للنقاش حول الإسلام ، لعلمهم يقينا أن فحواها سيكون ضد الإسلام ! ..
فالغرب الذي يتشدق بالديمقراطية لم يتفقه هو الآخر بعد في مبادئها الحقة ، ولم ترسخ لديه الفكرة الأساسية للديمقراطية القائلة (بأنها الوحدة مع الإختلاف) ، لأن الغرب لازال يدعوا إلى نبذ الآخر ، واضطهاد الآخر ، وأيضا إقصاء الآخر .. فهل هذا من الديمقراطية في شيء ؟! ..
في الحقيقة أصبح العرب العلمانيين ـ المتشبعين بالثقافة الغربية ، والغارقين في التملي بها ـ نماذج مُصغّرة عن العقلية الغربية الكبرى ، التي تتقصد المسلمين على وجه الخصوص ودونا عن كل الطوائف والأديان ، وحتى تلك التي ثاروا فيما مضى على ظلاميتها ، وشهدوا ولازالوا يشهدون على إنتهاكاتها التي وصلت حدّ الإعتداء على الأطفال القُصّر وإغتصابهم ، كالمسيحية ! ..
أولئك العرب المغتربون والمتغرّبون عن أوطانهم ، والمتبرّؤون من أديانهم ، لو يُدركون أنهم لايختلفون في شيء عن إخوانهم الذين تركوهم في إسطبلاتهم العربية ، وتركوهم يطلقون العنان لشواربهم ولحاهم ، والمحتفظين بإرثهم الديني ، والمتمسكين به على صعوبة الأمر في ظل الهجومات التي أصبحت بالكاد تتوقف .. لتوقفوا عن مساندة الغرب في حملاته ضد إخوانهم ، لأن إلحادهم لن يُطهّرهم من دماءهم العربية ، ولأن إستحمامهم بمياه نهر الرّاين أو أنهر أوربا مجتمعة لن يجعل ريح العروبة تتبخر من مسامات جلودهم .. بل وكلّما مروا بشارع من شوارع أوربا يُعرفون بسمرتهم ، وإن لم يكونوا سُمرا فعيونهم تدُل عليهم ، وإن كانوا من أصحاب العيون الزرق فمورّثات أخرى عربية شمولية تدُلّ على تربتهم التي لن يُخفيها إختلاطها بأتربة أوروبا والعالم ! ..
الموضوع ليس موضوع طينة عربية ، بل هو موضوع مُعتقد عربي على الأرجح ، يتعرض للمساومات بإسم الديمقراطية ، وكأن الديمقراطية ما خُلقت إلا لهدف الهجوم على مُعتقد فريد هو الإسلام ! .. مُعتقد يُعتبر في عرف الديمقراطيين عائقا في وجه تقدم البشرية ! .. وكأن البشرية كلها متخلفة لأنها تعتنق الإسلام ! .. رغم أن المُنى هو ذاك .. وذاك هو هدف الإسلام وغايته السامية ! .. وليس كما يتصوره الغرب وعلى رأسهم حكومة فرنسا الخائبة ، التي تحاول أن تداري خيبتها بوضع الإسلام في الواجهة ، والتضحية به في سبيل تلميع صورتها ! ..
ندعوا الغرب كما العرب العلمانيين المغتربين إلى تعلم الديمقراطية أولا ، عندها سنصدّق أن دعواتهم للنقاش حول الإسلام ليست لتشويهه أوللتهجم عليه أوالإنتقاص من شأنه ! .. وأي دعوة في ظل الظروف الراهنة ، وأي أحاديث عن علاقة الإسلام بالسياسة أوبالإقتصاد أو بالحياة العامة في أوربا ، يُعدّ إستهتارا ووُجُهات نظر مُضجِـرة ! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن | 03 . 04 . 2011
التعليقات (0)