لم يجمع شعب على قائده كما اجمع الشعب الفلسطيني على أبو عمار ، ولم يتمكن قائد من لم شمل شعبه حوله كما تمكن أبو عمار ، شخصية أبو عمار شخصية فريدة مميزة في تاريخنا العربي الحديث ، بما يمتلك من مقومات القائد النامي الصاعد ، المنتمي ، المتواضع ، الوسطي ، فلا هو يساري بالمعنى الحرفي لليسار ولا هو يميني بالمعنى الحرفي لليمين .
يمتلك عنف الثوار كما يمتلك شاعرية الشاعر المحب ، يعامل الإمبراطور كأنه إمبراطور ( الند للند ) كما يعامل الأطفال كأنه طفل مثلهم ينزل على قدميه ويجلس معهم ليكون بمستواهم وطولهم ربما ينازعهم قطع الشوكلاته كأنه طفل صغير ، انطلق من الغابات والكهوف والجبال .. وعاش حياة المتشرد المطارد المطرود ، كما يليق بثائر أن يكون ، وعاش حياة الفنادق الفخمة كأنه إمبراطور ، يتمتع بذاكرة وقدرة عقلية تمكنه من تذكر المناسبات الفردية والشخصية للكثير من الناس ..
ربما يحفظ تواريخ الميلاد للكثير من الأشخاص أو أطفالهم .. يتودد إليهم بتذكرهم بهدية عيد الميلاد الذي ربما يكون اقرب المقربين لم يتذكره ... حريص على المشاركة الفاعلة في كل حدث ومناسبة ..حتى لو كان اجتماع جمعية أهلية .. أو دار حضانة بالقدر الذي يحرص فيه على حضور جلسات اللجنة المركزية .. أو المجلس الثوري ..
في بيروت ، وفي دولة الفاكهاني وصبره وشاتيلا وبرج البراجنة ونهر البارد ... كان ثائرا مناضلا امميا وقوميا وفلسطينيا ... يحسب له ألف حساب في كل محفل .. حارب بما يملك ومن معه من الثوار ..وعلى شاطئ برج البراجنة في رحلة الإبعاد .. حينما .سأله صحفي : إلى أين يا أبو عمار؟؟؟ .. وكان كل العالم يعرف أن الثور والثوار تشتت إلى تونس وقبرص واليمن ... التفت أبو عمار إليه من الخلف وقال وكأن الإجابة ، حاضرة منذ ألف سنة في رأسه : إلى القدس . يقول هذا بإصرار وعزم وتأكيد وقوة من هو متأكد من مسيرته وطريقه .. يقول ذلك وهو في اشد حالت الانكسار والهزيمة بالمعنى العسكري .. وربما تحتاج مقولة الختيار هذه إلى دراسة وبحث لنفهم من خلالها شخصية أبو عما تلك الشخصية العصية على الانهزام والانكسار واليأس .
ربما تحتاج هذه الحادثة إلى محاضرات كثيرة لشرح أبعادها الثورية والعقائدية والقيادية .. والجوانب الشخصية في شخصية أبو عمار الذي كان يتمتع في اشد حالات اليأس عند الرفاق بأقصى درجات التفاؤل والأمل في المستقبل .. وكان على الدوام يردد عبارته الشهيرة .. سيأتي يوم يرفع شبل من أشبالنا .. أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين على أسوار ومآذن وأبراج القدس ... كانت روح الانتصار مزروعة في قلبه النابض مع كل دقة .. فلسطين فلسطين .. عاش لفلسطين ومات لفلسطين .. لم يتنازل ولم يتراجع رغم كل الصعاب ...
كانت أهدافه واضحة .. ومسيرته شائكة متعرجة ..
وكان على الدوام الرقم الصعب .. ولا زال هو الإجماع كل الإجماع ..رغم اختلاف المختلفين ..
التعليقات (0)