اعتبرت احدى برقيات السفارة الامريكية التي نقلها موقع ويكيليكس ان هنالك اخفاق في سياسات تغيير قانون الجنسية الأردني .
وجاء في برقية بتاريخ 5/3/2008 موقعة من القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة للأردن دانيال روبنشتين “النساء الأردنيات المتزوجات من رجال غير أردنيين لا يستطعن نقل الجنسية الأردنية لأولادهن. وهذا يخلق مشكلة عويصة خاصة بالنسبة للأطفال من آباء فلسطينيين وكذلك لأطفال العاملين الأجانب المقيمين في الأردن”.
وتشير البرقية الى ان نشطاء المنظمات النسائية يعملون على تعديل الوضع منذ سنين “بدون جدوى”، وحتى البيانات الرسمية من جلالة الملكة رانيا العبدالله والمطالبة بعمل تشريعي “فشلت بتحقيق أي نتيجة”.
وبحسب البرقية فإن عدد العائلات التي تواجه هذه المشكلة القانونية” في تزايد مستمر خاصة مع استمرار التصاهر بين الأردنيين من أصل فلسطيني مع الشرق أردنيين”.
ويؤكد روبنشتين ان المشرعين الأردنيين يرفضون أي تغيير للقانون معتبرين ذلك “مستحيلا سياسيا”،ويتابع “في النهاية يبدو واضحا أن سياسات الهوية الأردنية وليست الاهتمامات بالمساواة للجنسين هي محور النقاش”.
وتلفت البرقية الى ان موضوع نقل الجنسية يعتبر ذو أهمية، إذ يعد الأردن أكبر تجمع للاجئين (وأحفادهم) إضافة إلى العدد الكبير من العاملين الأجانب والذين اندمجوا بصورة طبيعية في المجتمع الأردني.
وبحسب تقدير الامريكيين يؤثر هذا الموضوع على الأردنيين من أصل فلسطيني وعلى العمالة من الدول العربية. وتقول البرقية “في العديد من الحالات يكون الرجل الفلسطيني أقل من مواطن كامل الصلاحيات (لاجئين من غزة، أو حاملي البطاقة الخضراء) إضافة إلى العاملين المصريين الذين يتزوجون أردنيات كاملات الجنسية وينجبون أطفالا فلا حقوق لهم بالجنسية الأردنية، ومع مرور الوقت نتج عن ذلك عائلات ممزقة من الناحية القانونية في الأردن رغم أنها ولدت في الأردن أو عاشت في الدولة لقرون”.
ويشير روبنشتين الى ان جلالة الملكة رانيا جلبت الانتباه عندما أعلنت تأييدها في 2002 لقانون مؤقت يسمح للمرأة الأردنية نقل الجنسية لأولادها،غير ان القانون الذي تم سنه بقي نظريا لأنه يتطلب من مجلس الوزراء أن يقرر كل حالة على حدة وليس نقل الجنسية بصورة تلقائية.
وبحسب البرقية فانه منذ إصدار القانون لم يتم تحويل أي قضية لمجلس الوزراء للموافقة عليها.
ونقل روبنشتين عن إيفا أبو حلاوة وهي محامية في مجال حقوق الإنسان قولها بإن الجهات الأمنية نجحت في إلغاء فعالية القانون.
وينقل عن هيفا أبو غزالة والتي تعمل كسكرتيرة عامة للمجلس الوطني لشؤون العائلة، “إن العائلات في الأردن متضررة من بنود في القانون”
ويتابع روبنشتين “كالعديد من مصادرنا فإن أبو غزالة تقول إنه لغاية حل القضية الفلسطينية في الأردن فإنه من المستحيل توقع أي تغيير في قانون الجنسية الأردني، (نحن ننتظر حل القضية الفلسطينية، ولن تحل. ولا يوجد أحد هنا يريدها أن تحل) تشكي أبو غزالة”.
كما تنقل البرقية عن أسمى خضر, أمين عام اللجنة الوطنية للمرأة ( الناطقة باسم الحكومة سابقا) قولها بان الموضوع ليس سياسيا، ولكنه موضوع القيادة البطركية”!.
وتتابع خضر –وفق البرقية- “غياب المساواة في قانون الجنسية يظهر المرأة أنها مواطن من الدرجة الثانية بغض النظر عن طبقتها السياسية أو مواطنتها الأصلية”.
كما ينقل روبنشتين عن خضر قولها بإنه يصل للجنة عدد كبير من العرائض والشكاوي مطالبين بتدخل الجهات الحكومية لصالحهم. ولكن اللجنة موثقة الأيدي
وتتابع “لا نملك سوى الاحتجاج والشكوى ضد وزارة الداخلية … ولكن وزارة الداخلية معمية أعينها، ويرفضون الاعتراف بالمشكلة”.
تضيف خضر إن مجرد دراسة الموضوع يعتبر “مستحيلا سياسيا” لأن الحكومة “غير مستعدة لتعداد عدد النساء المتضررات من القانون”.
وينقل روبنشتين عن النائب السابقة ريم قاسم التي انتخبت من خلال قانون الكوتا النسائية قولها بإن قدرة المرأة الأردنية على نقل الجنسية لأولادها “حق” ولكنها تعتبر أن الموضوع تم تسييسه.
وبحسب البرقية “لا تعتقد (القاسم) بوجود أي أمل بأن يتم عمل شي خلال موسم البرلمان الحالي(الراحل)”.
وينقل روبنشتين عن النائب السابق نصار القيسي قوله (لا نستطيع الآن)، ويضيف هو ومصادر أخرى بأنه “في السيناريو الأسوأ سيتم نقل مئات الآلاف إلى الجنسية الأردنية. هؤلاء الأردنيون الجدد سيحتاجون إلى خدمات وتمثيل من حكومة يتم الضغط علي ميزانيتها حاليا”.
وبحسب البرقية يعترف القيسي بوجود المشكلة ولكنه يعتبر إمكانية حلها تقع على أولويات الحكومة ولكنها “إمكانية مستحيلة أو قليلة جدا”.
وينقل روبنشتين عن النائب فايز الشوابكة اقتراحاً للتعامل مع ازدياد مستوى دعم الحكومة للعائلات الأردنية للتخفيف عن الأسعار بقوله إن الأردن “لا يستطيع تحمل مواطنين جدد”.
ووفقاً للبرقية قامت مجموعة نساء نشيطات وعدد من النواب النساء في 23 شباط بلقاء رئيس الوزراء الذهبي للتعبير عن تأييدهم لتغيير قانون الجنسية الأردني ومواضيع أخرى،ورغم الاستقبال المحترم لهن “كانت النتيجة خالية من أي عمل حقيقي في المستقبل”.
وينقل روبنشتين تعليقاً حول اللقاء في صحيفة الجوردان تايمز قالت فيه الناشطة آمنة الزعبي ” كل مرة نلتقي رئيس وزراء ونستمع إلى رد إيجابي لمطالبنا لكننا لا نرى أي تغيير ملموس للواقع”.
وتقول الناشطة في نفس المقال إن “اقتراحات التغيير مخبأة في أدراج الحكومات ولا يتم إظهارها”.
ويشير روبنشتين الى ان الناشطات في مجال حقوق المرأة في الأردن يعتبرن أن قانون جنسية جديد “قد لا يكون ضروريا. بل يقلن إن القانون الحالي له ما يسمح به إذا تم تطبيقه وهو الأمر الذي لا يحدث، ولذلك كانت الدعوة من الملكة وآخرين لتطبيق واسع النطاق (للحاجات الإنسانية) في القانون الحالي والذي يسمح لرئاسة الوزراء بتطبيقه في حالات فردية”.
وينقل عن الناشط فوزي سمهوري “عليهم تطبيق القانون والدستور”، ويضيف إن كون الأردن ملتزما بالمعاهدة الدولية للحقوق المدنية والحقوق السياسية فعلى الأردن مسؤولية بتوفير مساواة بين الجنسين عندما يأتي النقاش حول موضوع الحقوق في الجنسية.
ورغم ذلك يعترف سمهوري بأن القانون في الأردن “يوفر الموافقة لرئاسة الوزراء وليس بشكل تلقائي”.
وتنقل البرقية عن أسمى خضر قولها بأن (الأردنيين هم أردنيون أينما ولدوا وأن جنسية الأولاد يجب عدم تسييسها”.
وتقول خضر إن الإقامة لمدة ثلاث سنوات لزوجات الأردنيين يمكن نقلها للأطفال الأردنيات وبذلك يتم تثبيت الهوية الأردنية.
ويقدر روبنشتين ان “الكثيرين من المجتمع المدني يشاركون بالاقتراح الوسطي ما دام الهدف النهائي هو وضع حد ومعالجة مشكلة تقسيم العائلات”.
فوزي السمهوري يلاحظ –بحسب البرقية- أنه حتى النواب النساء لهم نشاط ضعيف في معالجة هذا الموضوع ويجب عدم الاعتماد عليهم بالمبادرة بعمل: ويتابع “النائبات لوحدهن لن يدافعوا عن مثل هذا التغيير. المجتمع المدني يجب أن يتحمل مسؤوليته”.
وبحسب استخلاص روبنشتين فان ايفا أبو حلاوة وأسمى خضر ترفعان الموضوع في كل نقاش مع وزارة الداخلية وتضغطان على الحكومة للتغيير في مجالات معينة و”لكن لا يمكن أن يجلب ذلك نتائج تذكر”.
ويقول “إذا تم التغيير من الناحية القانونية في توضيح كيفية التطبيق أم لا يبدو واضحا أن القضية تواجه مشاكل .. فهي مثل سفينة كبيرة من الصعب تغيير توجهها في الاتجاه الصحيح”.
ويشير روبنشتين الى انه “على السطح تبدو هذه القضية قضية مساواة جنسية (جندر) إلا أنها موضوع سياسة الهوية الأردنية. التصور أن غالبية المستفيدين هم فلسطينيون يؤثر على التغيير. والحاجات الأمنية للدولة (لمنع الاستيلاء عليها من قبل شرق الأردنيين والقوى الأمنية) هي البطاقة الرابحة التي تمنع أي تغيير رغم أنه ضروري في المجالات القانونية والإدارية”.
ويتابع “لا يؤثر كثيرا إذا كان الخطر حقيقيا أم لا. فخلق سياسات لمواجهة النقاش الديمغرافي شبه مستحيل في الأردن”.
ويخلص الى “رغم ذلك يبقى التغيير بعيد المنال. فالعمل الشعبي بهدف إجبار وزارة الداخلية على تطبيق القانون أيضا لن يكون مثمرا..إن الحاجة لتغيرات قانونية لأمور تؤثر على القضية الفلسطينية في الأردن تنتظر أمرا واحد : حل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
التعليقات (0)