أذا قالت منظمة "هيومن راتيس ووتش" أن الملفات السرية المنشورة على موقع "ويكي ليكس" تتضمن أدلة عن تعرض معتقلين للقتل والتعذيب على يد قوات الأمن العراقية ، فأن هذا يعني أن العالم لايزال لايعرف ماذا يجري في العراق على الرغم من تصدر أخباره نشرات الأخبار بكافة أشكالها كل يوم ومنذ سبعة أعوام .
وأذا قال نائب مديرها " جو ستورك "، بأن "من الواضح أن السلطات الأمريكية كانت على علم بالانتهاكات المنهجية للقوات العراقية، ولكن رغم ذلك سلموا الآلاف من المعتقلين على كل حال." ليعبر عن أستغرابه وقلقه ، فيبدوا أنه وكل من شاركه هذا الأستغراب والقلق قد نسوا أن الأمريكان أنفسهم لديهم طرق في التعذيب شاهدها العالم كله عبر الصور اللتي خرجت من السجون العراقية تعتبر دروس ومناهج في هذا المجال .
وأذا نشرت صحيفة "التايمز" أن الوثائق تكشف عن حوادث قتلت فيها القوات الأمريكية مدنيين في نقاط تفتيش أو أثناء عمليات عسكرية ، أو بمروحيات هجومية، منها على الأقل أربعة حوادث دموية باستخدام تلك الطائرات القتالية . فأنها لم تضف شيئا لانعرفه نحن العراقيين . فهذه الأعمال رأيناها وعايشناها يوميا ومنذ اليوم الأول للأحتلال .
وأذا قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن الملفات نشرت تفاصيل عمليات تعذيب وإعدامات وجرائم حرب ، وأن السلطات الأمريكية فشلت في التحقيق في المئات من تقارير انتهاكات وتجاوزات جرائم قتل وتعذيب واغتصاب نفذتها قوات الأمن العراقي . فأن هذه الصحيفة يجب أن تسأل نفسها أولا " لماذا فشلت الولايات المتحدة في ذلك ؟ " وهي الدولة الأعظم والأقدر والأكثر تطورا في تاريخ البشرية .
ألا أن شيئا يجب أن نعرفه نحن العراقيين جيدا من الوثائق اللتي سربها "ويكيليكس" . وهو أن هذه الوثائق لاتدين الأحتلال فقط ، أو حزبا معينا بعينه ، أو جماعة سياسية معينة ، أو عرقا أو مذهبا معينا . بل أنها تدين أول ما تدين الشعب العراقي بجميع أعراقه وطوائفه وأحزابه وتياراته . فنحن جميعا نعرف الحقائق اللتي سربها هذا الموقع ولكننا سكتنا ولازلنا ساكتين فقط لأننا لازلنا نفكر بالعقلية اللتي كنا نفكر بها قبل الأحتلال وأسقاط نظام صدام المجرم . عقلية "حلية دم المخالف" .
ألا يزال منا من يدافع عن جرائم الأحتلال اللتي ما زالت تتكشف كل يوم دون أي وازع من الضمير أو من الخجل .
ألا يزال منا من يدافع عن صدام وجرائمه و سياساته التي اوصلت العراق الى حافة الهاوية ولا يعلم ألا الله هل سنسقط فيها أم لا .
الوثائق تدين علاوي كما تدين المالكي ، فالأول هدم النجف على أهلها مستعينا بالأمريكان للقضاء على الصدريين . وهدم الثاني البصرة على أهلها مستعينا بلأحتلال للقضاء على نفس التيار . والأثنين كانا مسؤولين عن الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الخاصة بهم واللتي أتضح من الوثائق المكشوفة وحتى بدونها أنها كانت ولازالت تقتل وتعذب وتفعل كل ما كان يفعله صدام وأجهزته القمعية السابقة .
ولكن ألم نسأل انفسنا كيف أرتضى معظمنا أنتخاب هذين السياسيين اللذين أثبتا لامبدأيتهما وتهافتهما على الكرسي بأية طريقة . حتى لو كانت هذه الطريقة أسترضاء وأستجداء ذات التيار اللذي وصفوه أمس بالمجرم والخارج عن القانون ليرضى عنهم ويدخل حكومتهم معينا ونصيرا مقابل أقطاعية من عدة وزارات يأخذ ريعها لصالح ابنائه وأنصاره .
من يريد أن يبني دولة قوية وثابتة الأركان ، فعليه أن يسمي الأشياء بأسمائها . لكي ينطلق من أرضية صلبة نحو أهداف معروفة وواضحة المعالم . مستخدما الشرعية والحرية والديموقراطية الحقة للوصول لهذه الأهداف .
أما أذا فكرنا بعقلية "حلية دم المخالف" ، ورحنا لندافع عن مرتكب الجريمة وعن الجريمة ذاتها ، لتصبح جرائم الأحتلال وصدام والمالكي وعلاوي وبرزاني والزرقاوي كلها حلال . فلماذا نلوم الآخرين أذا لأنهم أستحلوا دمنا ؟ .
وأذا لم ننبذ ساسة اليوم ، "الملوثة أيديهم جميعا بدماء العراقيين" خلف ظهورنا ونأتي بغيرهم كما فعلنا مع صدام . فلماذا أذا ننتظر الفرج ؟ . فحتى الاله الواحد القادر على كل شيء لايعطينا ما نريد ألا بعد أن نسعى لنيله .
برر جوليان آسانغ ، "الرئيس التنفيذي لموقع ويكي ليكس" نشر وثائق حرب العراق ، التي تعد أكبر تسريب لوثائق عسكرية في التاريخ، بهدف كشف الحقائق الخفية حيال حرب العراق، منوهاً: "الهجوم على الحقيقة بدأ قبل الحرب بفترة طويلة واستمر طويلاً بعد نهايتها ."
لتكن لدينا الشجاعة لننقد أنفسنا نقدا بنائا ونكشف كل الحقيقة اللتي هاجمها الجميع كما قال آسانغ ، وليس فقط الجزء اللذي نريد ، عندها فقط نستطيع أن نقول بأننا بدأنا مشوارنا الصحيح نحو بناء عراق موحد وقوي .
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2010/10/101023_malikiwikileaks.shtml
http://arabic.cnn.com/2010/middle_east/10/24/wikileaks.reaction/index.html
http://arabic.cnn.com/2010/middle_east/10/23/wikileaks.iraq/index.html
التعليقات (0)