إتفق إعلام الفلول مع إعلام القنوات التى تسمى بالإسلامية على مهاجمة الدكتور محمد البرادعى ، وحقيقة لا أدرى ما السر فى هذا الهجوم الشرس المُمتد لسنوات على البرادعى من قبل قيام الثورة وبعد أن وضح أن الرجل عصى على الإستمالة والحاكم فى أقواله وأفعاله هو ضميره اليقظ ، ففى بداية ظهوره على الساحة السياسية المصرية لم أُعوِّل عليه كثيراً عندما أعلن إستعداده للترشح للرئاسة فى حالة ما تغير الدستور ، وكانت أول مشاركة لى بجريدة الشروق المصرية بعنوان " لا تنتظروا شيئاً من الدكتور البرادعى " ونُشرت فى جريدة اليوم السابع مرة أُخرى ، وقلت وقتها "سيقول د . البرادعى فى النهاية كما قال معظم من طرحت أسماءهم أن الوضع فى مصر لا يساعد ولا يشجع على ممارسة السياسة " ، ولكنى فوجئت بالرجل يقول بعدها وبعد أن حرك المياة الآسنة والفاسدة التى صنعها نظام مبارك لعقود طويلة " أننى سأستمر فيما أنا فيه من معارضة النظام " ، فشنت كلاب مبارك المسعورة فى الإعلام حملات تخوينية تجاه الرجل الذى طالما تغنت به وبأنه أيقونة لمصر فى الخارج ، والمُضحك فى هذه الفترة أن المعارضة الكرتونية المصنوعة فى مواخير نظام مبارك شنت حملات أكثر عنفاً من كلاب مبارك المسعورة ، فهم تربوا فى أحضان النظام وأدمنوا التعامل معه ، ومشوا على طريقة المثل القائل" اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش " فهم عرفوا النظام وإرتضوا بالفتات من موائد كمال الشاذلى وصفوت الشريف وأمن الدولة ، وأى قادم جديد مهما كان سيحرمهم من الإمتيازات أو الفتات المقذوف لهم .
وإستغل الناقمون على البرادعى إنفضاض عدد قليل ممن كانوا حوله فى كيل الإتهامات له وتصوير الموضوع على أنهم إكتشفوا أنه عميل ! ، مع أن أشهر شخصية إنفضّت عن البرادعى وهو حمدى قنديل قال أكثر من مرة أن البرادعى هو أيقونة الثورة وكذلك قالها حمدين صبّاحى ، ولكن المُغرضين وأصحاب المصلحة لهم رأى آخر ، وما هى إلاَّ شهور قليلة ثم تحققت نبوءة الرجل الذى قال للشعب أنا لست مُخلِّصاً ولكنى أقف معكم وأمامكم وما أن قال " لو خرج مليون متظاهر سيسقط النظام " ، فأرعبت تلك الجملة أركان نظام مبارك ، وقامت الثورة وبعدها راينا جماعة الإخوان تنفض عن البرادعى بعد أن أيدوه لا ندرى لماذا حتى الآن ؟!! ، حتى أعضاء المجلس العسكرى كانوا يتشككون فى البرادعى لأنه صاحب مبدأ ، فعندما يذاع خبر بأن المشير سيلتقى بالبرادعى يخرج تصريح خائب بأن البرادعى هو الذى طلب هذا اللقاء ، وكأنهم يغسلون أيديهم الطاهرة الوطنية لأنها لامست يد عميل أمريكا المُستتر ، وصمت الفلول بعد أن كانوا يلعنون البرادعى ويصفونه بالعميل ، وإذ بالقنوات التى تدّعى أنها قنوات إسلامية تزيد تهمة جديدة له ، وهذه القنوات أفجر من قنوات الفلول لأنها أضافت تهمة معاداة الإسلام للبرادعى وإتهموه إتهاماً مستتراً بالكفر ، وأخيراً خرج علينا شيخ شهير بفتوى بأن حزب الدستور الذى يؤسسه البرادعى وآخرين بأنه حزب كافر ، وآخر ما تناقلته الأخبار هو خبر مُفبرك نشرته إحدى الصحف تحت عنوان ضخم ومُلفت (( أسرار مباحثات الكيلو 48 بين ثلاثى القوى المدنية .. الإجتماع رفض "التأسيسية" بشكلها الحالى .. البرادعى : قرارات الجمعية هزل سياسى .. وصبّاحى : لن نشارك فى دستور يؤذى الوطن .. وموسى : يجب أن نتحد لنصل لبر الأمان )) ، وبعدها كالت جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية الإتهامات للدكتور البرادعى بأسلوب سياسى "خسيس" .
فالبرادعى ومن قبله هيكل وكل مُنزه عن الهوى فى نخبة مصر التى نباهى بها العالم يترفعون عن صغائر الصغار ، فهل يعتذر أصحاب الشأن الكبير فى العملين الدينى والسياسى لما قالوه إعتماداً على خبر مُفبرك أم أن دينهم وسياستهم يمنعونهم أن يعتذروا ؟!!
التعليقات (0)