الحديث النبوي يقول: «الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا».. أي عرفوا قبل الموت ما لم يكونوا يعرفونه.. رأوا الدنيا.. رأوا الناس.. رأوا الحقيقة.. عرفوا كل شيء له نهاية. وإن النهاية: جسد انتهى وروح خرجت.. ولا يبقى إلا وجه الله..
وجاءت للموتى على فراشهم عبارات عجيبة.. ورأى الناس على وجوههم راحة الذي صفّى حسابه.. ووضع النقطة الأخيرة في سطور حياته.. وأغلق دفاتره واتجه إلى حيث لا يعرف.. ولم يكن يعرف.. أو كان يعرف، ولكنه حاول دائمًا أن ينسى.. والآن جاء دوره لكي يتذكر.. ولآخر مرة..
فما الذي قاله عظماء قبل النهاية.
دارون قال: لا أخاف الموت!.
والشاعر جوته قال: مزيدًا من النور.. افتحوا النوافذ..
وبرنارد شو قال لخادمته: اخرجي الآن حتى أموت على راحتي!.
الشاعر بيرون قال: كيف يموت الفلاحون؟!.
روسو قال: سوف أرى الشمس لآخر مرة!.
فولتير الفيلسوف الساخر قال: أريد أن أموت في سلام ، لم أعرفه في حياتي!!.
الطاغية نيرون قال: ما أروع هذا الفنان الذي يموت الآن في داخلي!.
وقال الفيلسوف سقراط لواحد من تلامذته: إنني مَدين بدِيكٍ، أرجو أن تذبحه حتى أستريح في قبري!.
وقال الفيزيائي العبقري نيوتن: لا أعرف ما الذي سوف يقوله التاريخ عني.. ولكنى كنت مثل طفل يلعب على شاطئ المحيط.. أنحني على «زلطة».. ثم أنحني مرة أخرى على «زلطة» أصغر، أحاول أن أفهم، بينما محيط الحقيقة، التي لا أعرف عنها شيئًا، يمتدّ إلى ما لا نهاية، ورائي وأمامي!!
وشاء حظي، الذي لا أعرف كيف أصفه، أن أشاهد عددًا من أصدقائي يموتون.. قبل أن يموتوا.. وكان لا بد أن أراهم.. أن أجلس.. أن أتأمّل.. أن أتذكّر.. أن أحزن على مهل.. عليهم أو على نفسي.. أو على هذه المأساة التي اسمها
أنيس منصور الثلاثـاء 16 محـرم 1430 هـ 13 يناير 2009 العدد 11004 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي الحياة!.
|
التعليقات (0)