بدأت الميديا الغربية متبوعة بالميديا العربية بأثارة التساؤلات حول أخلاقية الثوار الليبيين فور ظهور صور القبض على القذافي وصور قتله ، وبالرغم من أن ذلك قد يبدوا طبيعياً ، ألا أن عدم تركيز الأعلام العالمي على أحداث مشابهة ، كطريقة مقتل بن لادن مثلاً ، جعل من الأمر مدعاةً للشك بوجود توجيه رسمي غربي لأثارة هذه المسألة ، ولأسباب خفية .
لا أحد يريد أن تكون نهاية أي قاتل أو مغتصب أو أي مجرم هي الموت بدون محاكمة عادلة ، ولكن ماذا سيكون موقف كل واحد منا لو أن أبنته أو اخته أو أي فتاة غريبة في الشارع تتعرض لأغتصاب وحشي من قبل مجرم متوحش وسافل ، ثم نجد هذا المجرم أمامنا بشحمه ولحمه فجأة؟ .
نعم .. جميع الشرائع السماوية والوضعية المتحضرة تمنع قتل المجرمين بدون محاكمة عادلة . ولكن هل يمكن كبت جماح شعب غاضب كي لا ينتقم من دكتاتوره اللذي قتل ابنائه واستحيا نسائه لأكثر من أربعين عاماً ، وهل سيكون من المنصف وصف أنتقام الشعب الليبي من جلاده ، وبأي طريقة كانت ، بأنه عمل وحشي أو أجرامي ؟!، وهل سيهمنا ذلك ؟ .
لن نتكلم عن مقاصل الثورة الفرنسية اللتي دحرجت رؤوس العائلة المالكة الفرنسية وباروناتها ، ولا عن منظر جثة موسوليني وهي معلقة مع جثة صاحبته كما تعلق الخراف في متجر اللحوم ، ولا الى الطريقة اللتي قتل بها القيصر الروسي وعائلته ، فقد يقول البعض أن هذا تأريخ قديم ، ولا حتى عن طريقة قتل بن لادن ونسائه وأطفاله ورمي جثته في البحر وكأنه كيس قمامة ، وهو اللذي لم يقتل من الأميركان أكثر من واحد بالمئة من الليبيين اللذين قتلهم القذافي ، وهذا تاريخ حديث .
ولكن أنظر الى الفيديو أعلاه وشاهد كيف تعاملت مجموعة من الأميركان في ولاية فلاديفيا مع من وصفته الصحافة " بالمشتبه به " بأغتصاب طفل ، حال ظهور هذا " المشتبه به " في شوارع الحي اللذي يقيم فيه الطفل المغتصب .
اغلب الظن أن أثارة مسألة الوحشية والهمجية جائت بعد الأخبار اللتي وردت عن وجود تيار أسلامي وآخر سلفي ضمن الثوار الليبيين ، وجائت هذه التساؤلات في سياق الحملة الأعلامية ضد القاعدة والتيارات الأسلامية بصورة عامة .
نحن أيضاً ندين ونشمأز ونكره أرهاب القاعدة وأفكار السلفيين ، ولكن هذا لايعني تشويه صورة الثوار الليبيين اللذين تخلصوا من طاغيتهم بكل شجاعة وأصرار ، حتى وأن تسللت ثلة قليلة من هؤلاء الى صفوف ثوار الشعب الليبي البطل ، اللذي له الحق بأن يمشي مرفوع الرأس بين الأمم بعد الملحمة البطولية اللتي سطرها طوال الأشهر الماضية .
القذافي كان وحشاً في جلد بشر ، قتل وأغتصب وعذب وهدم وأرتكب كل الفضائع اللتي اخترعها الشيطان ضد شعبه اللذي عانى من جنون عظمته ، فهل سنهتم بعد ذلك بمشاعر هذا الطاغية حين موته ، وهو اللذي لم يرف له جفن وهو يستمع لآهات الأمهات الثكالى طوال الأربعين عاماً من حكمه الدموي؟ لا أعتقد أن في هذا أي أنصاف .
تحية كبيرة لشعب ليبيا الحر ، والمجد لثواره الأبطال ، وبأس المصير للقذافي وزبانيته .
http://www.cbsnews.com/8301-504083_162-5059989-504083.html
التعليقات (0)