مواضيع اليوم

ومن حق هؤلاء الطلبة أن يتعلموا أيضًا!!

العطل المدرسية الدينية والوطنية والقومية والسياسية والاجتماعية كثيرةٌ، وهي جميعها عطل رسمية تغلق فيها الدوائر الرسمية والمدارس والجامعات ورياض الأطفال أبوابها، وتعطل أعمالها، وحتى المشافي والمستشفيات لا تقوم بواجباتها تجاه المرضى لأن هذا اليوم عيد، ولأن من حق الموظف أن يحتفل بالعيد، ومن حقه أن يفرح، وأن يدخل البهجة والسرور إلى قلوب أبنائه ونفوسهم!! وكأن إدخال هذه البهجة والفرحة إلى هذه النفوس لا يكون إلا إذا عطلنا أعمالنا، وأغلقنا أبواب مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا، وكأن زيتون بلادنا لا تقطف ثماره إلا إذا أغلقنا أبواب هذه المدارس، وكأن أسرانا لا يتحررون إلا بإغلاق هذه الأبواب، وتشرد الطلبة، وتغيبهم المستمر عن هذه المدارس التي أصبحت على مدار العام أشكالاً بلا مضامين، وأشباحًا بلا أرواح، ومنازل هجرها سكانها، أو أُرغموا على هجرانها، تحت قوائم من الأسماء والمسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان!!.
   فإذا قال قائل إن بإمكاننا أن نتعلم، وإن بإمكاننا أن نأخذ حقنا من آخر دقيقة من ساعات اليوم الدراسي ودقائقه، ثم يكون هنالك متسع من الوقت للقيام بكافة الواجبات نحو المرأة، والزيتون، والعمال، والأسرى، والاستقلال، وميلاد السيد الرسول، وميلاد السيد المسيح، واليوم المفتوح، وكافة أنواع الاجتماعات واللقاءات على اختلاف أسمائها والأهداف والغايات المرجوة منها.. إذا قال قائلٌ هذا، وإذا قال هذا القائل إنه ليس هنالك ما يستحق أن نعطل له مدارسنا، ونشرد أطفالنا، وطلبتنا، وطلائع شعبنا، وإذا قال قائل إن إغلاق المدارس والدوائر في يوم العمال لا يعود عليهم بأدنى فائدة، فهم في حاجة للعمل، وبحاجة لدخل ينفقون منه على أسرهم باحترام وكرامة، وليسوا بحاجةٍ ليومٍ تغلق فيه مدارس أبنائهم وبناتهم ليزداد بإغلاقها هذا الطين بِلةًّ!! وإذا قال قائل إن المنهاج المدرسي الذي وضع ليستوعبه الطلبة في سبعة أشهر دراسية فعلية (مئتين وعشرة أيام دراسية) لا يمكن أن يتم استيعابه في مئة يومٍ دراسي، لأننا إذا حذفنا العطل الرسمية، والعطل الطارئة، والعطل المفتعلة التي يبحث عنها كثيرٌ من ذوي الاختصاص المغرمين بالتغيب والتسيب والتهرب من القيام بالواجب، وإذا وضعنا في الاعتبار أن كافة الحصص المتأخرة في اليوم الدراسي كالثامنة والسابعة والسادسة أيضًا لا يمكن أن يستفيد منها الطلبة كما يجب، ولا يمكن أن تؤتي أُكلها كما ينبغي، وإذا قال قائل إن الغالبية الساحقة من الطلبة يتم ترفيعهم بالتالي من صفٍ إلى صف، ومن مرحلة دراسية إلى مرحلة دون أن يكونوا أهلاً لذلك، ودون أن يكونوا قد فهموا مواد الصف السابق، ودون أن يكونوا مؤهلين لفهم مواد الصف اللاحق، وإذا قال قائل إن "جيران" هذا الشعب يداومون الشهر السادس من السنة في مدارسهم، وإن عطلتهم الصيفية لا تكاد تبلغ الشهرين.. إذا قال قائلٌ هذا، وإذا قال كثيرًا غيره أيضًا عن سوء الأبنية المدرسية في ديارنا عضّ عليه كثيرٌ منهم الأنامل من الغيظ، وراح كثيرٌ منهم يتمتمون ويتهمون ويتهامسون ويلمزون ويغمزون ويتكلمون في هذه القضايا كمن يفهمونها، وكمن يحرصون على مصلحة الطلبة والعاملين، وراحوا يهرفون بما لا يعرفون.. فلله أنت يا شعبنا!! ولله أنتِ يا أمتنا!! ولله أنتم يا أبناءنا الطلبة!! وكان الله في عونكم، وكان في عون هذا الشعب الذي أصبحت أيامه كلها أعيادًا وأفراحًا ومناسباتٍ سعيدةً وغير سعيدة دون أن يكون فيها عيدٌ واحد، ودون أن يكون فيها فرحةٌ واحدة، ودون أن يكون فيها مناسبةٌ سعيدةٌ يمكن لأحدٍ أن يذكرها، أو يتذكرها، أو يدخلها في تاريخ هذا الشعب المكتوب، أو في تاريخه الشفهي بهذه الطريقة أو تلك، وبهذا الأسلوب أو ذاك.
   إن الشعوب الحية تحتفل في العام بعشراتٍ من الأيام الدولية والمناسبات العالمية ذات القيمة والمعنى، وإن الشعوب الحية تضيف إلى تلك الأيام والمناسبات أيامًا ومناسباتٍ من صنعها، ومن ابتكارها لتكتمل الصورة، ويتحقق الهدف، ولترتقي هذه الشعوب إلى مصاف الشعوب المتقدمة، والأمم العظيمة الفاعلة في التاريخ.. ولكن ليكن معلومًا أن تلك الأمم والشعوب لا تحتفل بمثل هذه الأيام والمناسبات كما نحتفل بها نحن! ولا تعطل مدارسها ومؤسساتها ودوائرها وأعمالها وأشغالها كما نعطل نحن! بل إن ذلك يكون في خطابٍ قصير، أو بيانٍ مقتضب، أو وِقفةٍ لا تزيد عن دقيقةٍ إحياءً لمناسبةٍ سعيدةٍ أو غير سعيدة.. ومن هنا كانت الفروق والفوارق التي لا تحصى بيننا وبينهم، وكانت الفروق والفوارق التي لا تحصى بين مستوياتنا في كافة مناحي الحياة ونواحيها وبين مستوياتهم.
   فيا أيها العشوائيون المحتفلون في كل يومٍ على طريقتكم احتفلوا مرةً واحدةً كما يجب، وعالجوا أموركم مرةً واحدةً كما يجب، وتدبروا أموركم مرةً واحدةً كما يجب، واحسبوها مرة واحدةً كما يجب، وإنني على يقين أنكم لن تعودوا بعد ذلك لتكرار عشوائيتكم وارتجالكم وتسربكم وضياعكم وتخريب مؤسساتكم ودوائركم ومدارسكم وجامعاتكم وتبعيتكم لأهوائكم ومخططات أعدائكم، ولو كان ذلك على حساب هذه المأكولات والمشروبات وسائر أوجه البذخ والترف التي يغرقونكم بها، فخيرٌ منها رغيفٌ من قمحٍ تزرعونه، وخيرٌ منها شربة ماءٍ من نبعٍ صافٍ من ينابيع بلادكم، وخيرٌ من هذه الأبراج والبهارج وحياة الترف والمغريات وحياة الكذب والغش والخداع والتزوير أكواخٌ متواضعةٌ تنعمون فيها بالأمن والأمان والحرية والصدق مع النفس، ومع الآخرين، ومقاعد فيها طلبةٌ ومعلمون يريدون أن يتعلموا ويعلموا، ويريدون أن يعيشوا بكرامةٍ وعزةٍ واحترامٍ أيضًا.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !